(٣)

3.8K 194 1
                                    


عاد من ذاكرته وقد وصل إلى بيت عائلته ،
صف سيارته الحديثة في المرأب ودلف عبر البوابة الخشبية الكبيرة في نهاية ممر داخلي ، بيت عائلته شاسع ذو طابقين وحديقة لم يعد يسكنه مع أبيه وأمه بعد زواج كل إخوته غيره ، هو الأصغر الذي تتشبث أمه به ، قد وصل إلي الثامنة والعشرين ومازالت تعامله كطفل يحتاج إلى الدلال ُرغم رفضه لذلك..
دلف إلى المنزل بصمت وتوجه نحو غرفته ، لم يكن في مزاجية للطعام وآثر الابتعاد تماما عن أمه
أمه التي لم تمهله الوقت وكانت في إثر خطواته تتبعه عبر الرواق ، شعر بها وكان على باب غرفته فتجمدت يده على المقبض لحظات ومن ثم فتحه ودلف تارًكا الباب خلفه مفتوًحا فتبعته بدورها ،
وضع متعلقاته على الطاولة المربعة على يمنيه

وجلس على أقرب مقعد قابله قائًلا بلطف
ـ اتفضلي يا ماما
طاوعته ودلفت وبأنف مرفوع سألته
ـ كنت فين ؟
نهض وجذب مقعد من أحد أركان الغرفة وعاد يضعه مقابًلا لمقعده وأشار إليها كي تجلس
فترفعت وسألته مجدًدا
ـ كنت فين يا محمود .
التقط نفًسا وزفره بقوة
ـ كنت مع هند.
انتابها السخط فهتفت
ـ هند تاني! انا قلت لك على جثتي
أطرق آسفًا
ـ كره حضرتك ليها ُمجحف في حقها .
مطت شفتيها استياًءا
ـ مجحف ؟ ، لأ مش مجحف ، هند دي طمعانة في فلوسك .
ُرغًما عنه سخر بلذوعة
ـ لولا هند كان زماني لسة باخد منك مصروفي.
غضت الطرف عما يتحدث وعادت تواجهه بنظرتها
ـ مفيش شاب في سنك عنده مصنع وناجح زيك .
ابتسم بسخرية

ـ أخدت الفلوس إللي شاركت بيها آدم من بابا .
ازداد غضبها فعلى صوتها
ـ وآدم سايب الشغل كله على راسك وراس المال اتضاعف .
أطرق بحزن وقال بتحيُّز
ـ سيبي آدم في حاله يا ماما ، هو إللي أسس كل حاجة بس ظروفه كدة ..
رق قلبها فلانت عيناها لتسمعه يتمتم
ـ مش عارف بتكرهي الناس الجدعة إللي في حياتي ليه ؟
توحشت نظراتها وعاد إليها سخطها منه
ومن هند ومن علاقتهما برمتها،

ـ آدم ماشي على عيني وراسي ، لكن البنت المسترجلة الطّماعة دي أنا عمري ما هقبلها .

أشاح بوجهه نحو النافذة بشرود ، هو يعاني رفض أمه المستمر ل هند ، هند التي لم يتمنى غيرها زوجة والجميع يعلم ذلك والنتيجة أنه ُمعلق وهند بجانبه معلقة يدوران في دوائر لً تنتهي ،
رفع عينيه إليها يستعطفها ويعلم أنها تحبه وتفضله عن باقي إخوته
ـ ياماما هند مش زي مرات خالي .
جملته استنفرت تحفظها أكثر فهتفت
ـ لا زيها ومصيرك هيبقى زيه لو خالفت رأيي واتجوزتها.
كزعلى أسنانه فتصلب فكه
ـ لو جينا للحق هي زي حضرتك يا ماما ..
زوت ما بين حاجبيها غضبًا وككل مرة يقول فيها تلك الجملة المكررة تستنكر
ـ بتقارني أنا بيها ؟
وهي تنتمي إلى طبقة اجتماعية كانت أيام الملكية ثرية بفحش وبعدها تم توزيع أملاكهم تطبيقًا لًشتراكية دمرت ثروات الًقطاعيين أمثال جدها ، كانت طفلة وقتها وحكوا لها ذلك ُمفصًلا ، كبرت بعدها وصارت شابة فاتنة وتزوجت ابن أحد التجار الذي ورث مع إخوته تجارة ضخمة عن أبيهم وتقاسموها سويًا.
وهي أعانته طوال مسيرة زواجهما وتفانت في دعمها له ، فازدادت أمواله وأتقنت تربية وتعليم أولاده ..
زجرته بنظرة حارقة قائلة
ـ الفرق بيني وبينها زي السما والأرض .
لم يناقشها محمود ولم يحاول تفنيد دلائل لأنه كالعادة سينتهي به الأمر يعتذربعدما تفتعل أمه مشاجرة ضخمة..
.............

نوفيلا عريس في الصالونحيث تعيش القصص. اكتشف الآن