الفصل الثالث

10.7K 414 17
                                    

الفصل ده بداية الاحداث المووووولعة
ففوت وكومنت بقى والا هزعل و... 😁😁😁

#روحكِ_تناديني

الفصل الثالث
أخرجها صوته المشاكس من أفكارها التي لا تزيدها إلا حزناً.
بدأت في وضع الصحون- التي قامت بجليها مسبقاً- في مكانها، و هي تقول:
«الطبيخ، الشاي و القهوة و العصائر، جلي الصحون..
كل هذا يجعلني اقضي أيام في المطبخ و ليس بضعة ساعات»
«أنتنّ يا فتيات تجعلنّ من البذرة الصغيرة ثمرة كبيرة، تشتكنّ من أعمال فارغة كالطبخ و التنظيف، لتحولهنّ إلى معضلة كبيرة يصعب حلها و القيام بها»
قال كلماته و هو يتحرك في المطبخ، ليبدأ في تحضير فنجان قهوة لنفسه.
استوقفته ساحبة منه الفنجان و الكنكة، تبدأ هي في صنع القهوة بدلاً منه.
«أنت تقول هذا لأنك لم تجرب..
لو جربتوا أنتوا الرجال فعل ما نفعله نحن النساء ليوم واحد، ستنحنوا معترفين بفضلنا طوال حياتكم»
«ماذا تفعلين؟»
سألها و هو يراها تشرع في إعداد القهوة.
أجابته ببساطة: «أعد لك القهوة»
سحب منها الفنجان، وقف أمام الموقد ينتظر غليان القهوة.
«كما تعلمين، لقد قضيت سنوات في الخارج، فتعلمت الاعتماد على نفسي في كل ما يخصني، طبخ و غسيل و تنظيف..
لذا ما تفعليه أنتِ و بنات جنسكِ قد جربته، و ليس بالصعوبة التي تتحدثنّ عنها»
ألجمها برده لدرجة أنها لم تعلم بم ترد عليه، فلم تملك سوى الابتسام، و همست:
«حسناً ربما نحن نبالغ قليلاً، و لكن لا تنكر أن مهامنا متعبة، خاصة إذا كان هناك عمل و أطفال..
و مع ذلك بت أشك في مهاراتك في الاعتماد على نفسك، فعلى ما يبدو أنك غير قادر على إعداد فنجان قهوة!»
و أرفقت كلماتها بالإشارة إلى القهوة التي فارت، فسارع بإغلاق الموقد، و هو يبرر بارتباك:
«كله بسببكِ، جعلتيني اندمج معكِ في الحديث لدرجة لم انتبه لها»
ضحكت برقة، ضحكة جعلته يفغر فاهه ذاهلاً، عيناه ترتكز على غمازتها التي ظهرت واضحة..
خفتت ضحكتها، تورد وجهها خجلاً من نظراته المعجبة..
و لكنها عادت و نهرت نفسها سريعاً..
فكيف لابن عمها الطبيب الوسيم أن يعجب بها هي البشعة القبيحة؟!
عاد الحزن ليرتسم على ملامحها، و مع أنها حاولت إخفاءه، إلا أنه استطاع ملاحظته، تعجب من ظهوره حتى أنه خشي أن يكون أزعجها!
«حسناً و كاعتذار لك، اسمح لي بأن أعد لك القهوة»
و دون معرفة رده شرعت في إعدادها..
تفهم رغبتها في عدم الحديث معه، انسحب من المطبخ بهدوء و... انزعاج!
**********
لم يعد باستطاعتها الهرب أكثر، فعندما خرجت لتعطي عزام فنجان القهوة، سألتها إحدى بنات عمها:
«مروة، لِمَ لا تجلسين معنا؟»
تولت ابنة عمها الأخرى الرد بدلاً عنها، قائلة بخبث و عيناها معلقة على ملامح مروة الحزينة الشاحبة:
«ربما هناك مَن يزعجها في جلستنا»
التفتت مروة إليها، ابنة عمها مرام، ذات الثلاث و العشرون عام، من أجمل فتيات العائلة، إلى جانب اجتهادها في دراستها، لدرجة أنها التحقت بكلية الطب!
«لا، و ما الذي سيزعجني؟!»
ابتسمت مرام و هي ترفع أكتافها بلا مبالاة اصطناعية، قائلة بلهجة مبطنة: «أنا قُلت مَن و ليس ما، يعني شخص و ليس شيئاً!
حتى أنكِ من شدة انزعاجكِ لم ترحبي بالعروسين كما ينبغي، و لم تهنئيهما على الزواج!
حتى أن رشا حتى الآن لا تعرفكِ!»
التفتت بعدها إلى زوجة ابن عمها رشا، تقول معرفة: «هذه مروة ابنة عمي سعد، عمرها ثلاث و عشرون عام مثل عمري، و لكنها متخرجة من كلية التربية قسم اللغة العربية..
أنتِ لم تريها في حفل الزفاف لأنها غادرت مبكراً»
هزت رشا رأسها، ارتسمت ابتسامة جميلة على ملامحها، و هي تقول: «سعيدة بالتعرف عليكِ»
أغمضت مروة عينيها بيأس من جمال هذه الفتاة، و الذي يظهر الآن بوضوح، حتى أنها تبدو أجمل عمّا كانت في حفل زفافها، مع أنه من المفترض أن تكون أقل فتنة من دون مكياج!
يا إلهي، ماذا تفعل هي وسط مجموعة من الفاتنات؟!
مظهرها يبدو مثيراً للشفقة!
«أمممم رائعة مروة، سلمّت يداكِ»
خرجت هذه الكلمات من فم عزام، بعد أن ارتشف من الفنجان الذي بين يديه.
«حقاً هذه أفضل قهوة أتذوقها بعد قهوة أمي»
اشتعلت عينا مرام بغيرة، ليست من مروة، فهي بالمقارنة معها أفضل منها في كل شئ، و بالتأكيد عزام لن ينظر إلى واحدة مثلها!
و إنما غيرتها كانت نابعة من أن أخرى امتُدحت في وجودها، و هي الأولى في كل شئ!
«عليك تذوق قهوتي يا ابن العم، حينها حتى قهوة عمتي لن تستغيثها»
رفع عزام حاجبيه باندهاش، متعجب من ثقتها في نفسها و التي تصل إلى حد الغرور!
«لا اعتقد أن هناك مَن يستطيع التفوق على أمي في شئ!»
رفعت أحد حاجبيها، و قالت بثقة: «سأترك لك الحكم بعد التجربة»
كانت مروة تراقب حديثهما بجمود، تعلم أن مرام لا تحب أن يتفوق عليها أحد، مهما كان هذا الأحد..
و بنات عمها دائماً على خلاف معها بسبب هذا، و لكنها هي.. لم و لن تهتم!
«و بأي مدرسة تعملين مروة؟»
التفتت إلى صاحبة السؤال، و التي لم تكن سوى رشا، فأجابتها باقتضاب:
«أنا لا اعمل في مدرسة»
توردت وجنتا رشا بحرج، و قالت: «أوه تقبّلي اعتذاري، على حسب معلوماتي أن خريجي التربية يعملون في المدارس»
تدخلت مرام قائلة بابتسامة سمجة: «لا تعتذري حبيبتي، أنتِ لم تخطئي، الأمر و ما فيه أن مروة لا تعمل من الأساس، تقريباً هي من محبي الجلوس في المنزل»
قاطعتها مروة بحدة، رافضة تدخلها في حياتها و التقليل من شأنها: «أنا في انتظار أمر التكليف، و حينها بالتأكيد ساعمل»
همس حينها الصامت من أول الجلسة، بنبرة ساخرة مسموعة للجالسين: «و ستنتظري حتى أخر العمر»
ثم يميل على زوجته، ذراعه تحيط خصرها، يهمس: «هل نذهب؟
لقد اشتقت»
و كلمته الأخيرة جاءت بهمس حار، شغوف يدل على صدقه.
و مع أنها لم تكن مسموعة مثل جملته الأولى، إلا أن مروة الجالسة قريباً منهما قد سمعتها، بل سمعت رد زوجته بطريقتها المدللة:
«كفّ عن وقاحتك، ثم أنه لازال هناك بعض الوقت على موعد الطائرة»
همس بلا مبالاة عاشقة: «اعلم ذلك، و لكنني أرغب في الاستمتاع بزوجتي الجميلة قبل السفر..
ألا تشتاقين لي؟»
زوجته الجميلة..
يا الله، كم هذه الجملة جميلة، و لكنها للأسف لن تسمعها أبداً!
فحتى إن تعطّف أحدهم و قبل بها زوجة، بالتأكيد لن يدعوها هكذا، فهي لا تمتلك أي من مقوّمات الجمال!
«استأذنكم، ساذهب لأرى جدتي»
نعم هذا أفضل، فكل كلمة تخرج من فم أحدهما بمثابة ملح يوضع على جرحها الذي لم يلتئم بعد..
قلبها جريح بعد سماعه وصف مالكه لبشاعتها و قبحها، فترى هذا الاشمئزاز بعدها في عين كل مَن ينظر إليها!
«مبارك لكما، أتمنى لكما شهر عسل سعيد»
هتفت قبل أن تتجه إلى غرفة جدتها، فهي و إن كانت مجروحة متألمة، لا تريد أن يرى هذا أحد و يشمت فيها!
«بارك الله فيكِ حبيبتي، العقبى لكِ»
قالتها رشا.
ابتسمت مروة ساخرة دون التعقيب على كلماتها، و اتخذت طريقها إلى وجهتها.
«جدي عملاً يملأ وقت فراغكِ و يزيل عنكِ حزنكِ»
التفتت حالما وصلتها همسته، لتراه يسير في اتجاه المطبخ، فتابعت طريقها و عقلها منشغلاً بكلماته.
**********
دخلت غرفة جدتها لتراها جالسة على السرير و بين يديها مصحفها تقرأ منه وردها.
صعدت لتستلقي بجانبها، تتأمل وجهها الحنون المليء بالتجاعيد، يحيط به حجاب أسود تكاد لا تستغني عنه، شفتاها تتحركان  تتلوان الكلمات بخشوع..
لطالما كان جديها الأقرب لها بعد والديها، حتى أنها تتحمل آلام التجمع العائلي الأسبوعي فقط من أجل أن تقضي معهما الكثير من الوقت..
فهما و على الرغم من إلحاح والديها عليهما مراراً ليأتيا و يقطنا معهما، إلا أنهما رفضا بكل حزم مفضلين استكمال حياتهما في عشهما الهادئ الدافئ.
«صدق الله العظيم»
أغلقت أم سعد المصحف، لتقبّله ثم تعيده إلى مكانه.
التفتت بعدها إلى مروة، ملسّت على شعرها بحنو.
«لِمَ لا تجلسين مع البقيّة؟»
أصدرت مروة تنهيدة متعبة ثم أجابت بمرح مصطنع: «تعرفين بناتكِ و زوجات ابنائكِ، كل حديثهنّ عن طهوت هذا أمس، سأزور فلانة غداً، علانة حدث معها هذا..
و أحفادكِ الجلسة معهم مملة..
ثم أنني اشعر بالنعاس، أريد النوم»
مالت أم سعد مقبلة جبين حفيدتها، و قالت: «حسناً نامي، و لن اجعل أحدهم يزعجكِ»
تمتمت مروة ممتنة: «شكراً حبيبتي»
ابتسمت لها جدتها، ثم تحركت بخطواتها البطيئة إلى الخارج، تاركة مروة في الغرفة لحالها.
«جدي عملاً يملأ وقت فراغكِ و يزيل عنكِ حزنكِ»
عادت كلمات عزام تتردد في أذنيها، تدرك بداخلها صوابها، لكن المشكلة تكمن في كيفية الحصول عليه، فالأمر ليس سهلاً!
فكرت و فكرت، و كأنها كانت تنتظر كلماته لتتحرك ملتفتة إلى مستقبلها!
حتى تراءى أمامها الحل، و لكن هل صديقتها ستوافق؟!
أغمضت عينيها هامسة بأمل: «لارا، أرجو أن تساعديني، فلم أعد قادرة على التعايش مع هذا الألم، أريد شيئاً يلهيني»
**********
أغلقت الكتاب الذي تقرأه عندما صدح صوت هاتفها..
التقطته مدركة مَن المتصل، فلا غيره يهاتفها في هذا الوقت!
«جيد أنكِ لازلتِ مستيقظة»
ملسّت على الكتاب الذي تقرأه و هي تجيبه: «كنت اقرأ كتاباً»
تأفف ماهر بملل، و قال: «كتاب مرة أخرى»
تجاهلت كلماته، فلقد أدركت خلال الفترة الماضية أن من أكثر الأشياء التي يكرهها هي القراءة و الكتب، فهو يجدها مملة و غير ممتعة..
أنصتت جيداً إلى الأصوات المتداخلة التي تأتيها عبر هاتفها، لتسأله بارتياب:
«ألست في البيت؟»
خرج من المقهى ليتخلصّ من الأصوات المزعجة التي تعيقه عن سماع حبيبته، و قال:
«ماذا قُلتي لولو؟»
تأكدت أنه ليس في البيت عندما اختفت الأصوات فجأة، عبست بملامحها بانزعاج، فهذه إحدى الصفات التي تكرهها فيه، سهره خارج المنزل لساعات متأخرة من الليل!
و لكنها تتمنى زوال هذه الصفة فور زواجهما!
«أين أنت؟»
خرجت نبرتها غاضبة بعض الشيء.
و علم هو ذلك، ليجيبها ببطء: «في مقهى....... اسهر مع أصدقائي، حقيقي سهرة رائعة..
لا ينقصها سواكِ»
أرفق أخر جملته بتلك الكلمات، كي يبين لها أنها في عقله و قلبه دائماً!
و لكنها لم تهتم، فهي من الأساس ليست من محبي السهرات و الضجة!
تفضّل قضاء معظم أوقاتها في البيت حيث الهدوء و السكينة و الجو الدافئ وسط العائلة.
«و متى ستعود إلى المنزل؟»
أجابها و هو يشير إلى أصدقائه الذين يستدعونه بالهدوء.
«بعد ساعتين تقريباً، هل تريدين شيئاً؟»
نظرت إلى الساعة المعلقة على الجدار أمامها، لتجدها الواحدة بعد منتصف الليل..
أي أنه سيعود إلى المنزل قبيلة الفجر!
«لا، انتبه إلى نفسك»
قالت و عقلها شارد في أفكاره الخاصة و تخوّفاته.
و هو كان تركيزه منشغلاً مع أصدقائه الذين لازالوا يستدعونه، فهتف بسرعة: «حسناً حبيبتي، إلى اللقاء»
و لم ينسى أن يختتم كلماته بـ (بحبك).
يغلق بعدها الخط، و يعود سريعاً إلى أصدقائه مستكملاً سهرته معهم.
أما هي فاستلقت على سريرها، و كلمته الأخيرة (بحبك) لازالت تتردد في أذنيها..
لطالما سمعت أن القطبين المتضادين يتجاذبان، في حين أن المتشابهين يتنافران.
فهل ينطبق هذا على الحب؟
هل اختلاف طباعها عن طباع ماهر سيجعل حياتهما سعيدة؟
سيعيشان في راحة؟
فهي كما يقول الجميع، تتسم بشخصية جدية تميل إلى الهدوء و الحالمية.
على عكسه هو، المرح المنطلق، المحب للحياة، لا يعرف سوى المزاح، شخصيته جريئة لا تعرف حدود.
فهل زواجهما سينجح في ظل اختلاف شخصيتهما، أم عليها التفكير في الأمر مرة أخرى قبل فوات الآوان؟!
**********
حدقت في الرقم الغريب الذي يتصل بها للمرة الثالثة على التوالي، ليس من عادتها الرد على أرقام غريبة، لكن هذا الملّح لا يتركها لحالها و قد نفذ صبرها،  لذا سترد عليه و تعلمه قدره!
«نعم، ماذا تريد أيها المتطفل؟»
هتفت بحدة فور أن فتحت الخط، فلابد من التعامل مع هؤلاء الأشخاص بقسوة حتى لا يستقبل هاتفها مكالماتهم طوال الوقت!

روحكِ تناديني (كاملة)حيث تعيش القصص. اكتشف الآن