pt. 2

342 42 105
                                    

-أبريل ~ 2004

تزينت السماء بردائها الأسود متخذة من النجوم حُلياً ، داعب النسيم العليل أجواء المساء ، عازفاً أُهزوجته بين وُريقات الشجرْ ، بينما يُراقب القمر عبر زجاج نافذته الصغيرة.

" هو قمر و أنا أقمر "

" كلانا يمتلك بحراً أسوداً "

" ربما نتشابه ، لكنك وحيد "

"أبيض، لكن لديك جانب مُظلم ،ليس لدى واحد"

" لكنك بذلت جهداً ، صنعت من نفسك كوكباً متوهجاً ،و الجميع يظنك جميلاً،أما أنا فسجلي خاوٍ تماماً "

" لكنك ستكون إنجازي يا رفيق ،سأكون أنا من يؤنس وحدتك! "

"عَثر الأقمر على هدفه "

بضع كلمات أفرغها كيانه بصفحات دفتره ، جعلته يشعر بسكون كأنما يُحلق في فضاء بلا قيود ، فتح النافذة سانداً على مرفقيه ، مستشعراً الهواء البارد الذي لامسه ، إبتسامة قد رُسمت على محياه ، مستمتعاً بهدوء ربما لن يُعاد من جديد.

...

شُعاع صغير قد شق طريقه بين الغيوم ، مُبشراً بقدوم صباح جديد ، تعالت ترانيم الطيور مُتناغمة مع ضحكات الأطفال بالحدائق العامة ، تفتحت الأزهار لمرتها الأولى بعد شتاء طويل ،لتحيا ربيعاً بهيجاً من جديد.

تكاثرت الخُطى في الشوارع كما حشود النمل خارج مُستعمراته بعد سُبات بات دهراً ، أشعة الشمس تُداعب المارة بلُطف مستمتعين بإشراقهاً ،عدا من توارى أسفل مظلته كحصن واقٍ يمنع أشعتها من الوصول إليه.

سارا بخطواتٍ ثابتة نحو وجهتهما المقصودة ،حيث تقع مدرسته ، ولجا عَبر الباب متجهَيْن لمَكتب الأخصائية الإجتماعية كما طُلب منهما ،إلا أنه مُنع من الدخول لينتظر على كرسي خشبي خارج الغرفة.

أغلق مظلته ليستند عليها ناظراً حوله في فتور ، ففي يوم إجازته والذي حبذ قضائه بغرفته المتواضعة ، وردت تلك الرسالة لوالدته والتي تدعوها للحضور عاجلاً ،لم يكن مهتماً مطلقاً فهو على دراية بالسبب الذي يُشيرون إليه.

"لمَ لا يهتمون لشؤونهم وحسب"

تمتم بإنزعاج زافراً الهواء خارج ثغره، داباً قدميه على الأرض بملل ،ليلتفت يمينه حيث توجد نافذة بنهاية الرواق ليستقيم متجهاً نحوها في خطوات سريعة.

رائحة زكية داعبت أنفه الصغير ليلتفت حيث مصدرها ،مجموعة من الورود في ساحة المدرسة الخلفية ،بُهر بها فإنها مرته الأولى التي يرى بها ورداً بهذا النوع ، حدق بها طويلاً بينما بؤبؤ عينيه يتوسع ،ليتناول مظلته خارجاً حيث توجد.

أقمرحيث تعيش القصص. اكتشف الآن