pt. 4

202 36 60
                                    

- مارس ، 2009

كما لو كان للهدوء صوت لا يسمعه سواه ، متكئاً بيديه على نافذته الصغيرة ، يُطالع القمر الذي كان على وشك الإندثار ، أغلق عينيه مستنشقاً الهواء الرطب ، يتمتع بدقائق ما قبل الفجر و طلوع الصباح.

"ميلادي السادس عشر ، الليلة موعدي معكَ يا قمر "

رسم بأنامله حروفاً لتغدو كلمات ،مكونة جملاً نابعة من فؤاده ، أزاح أنظاره إلى يمينة حيث تقبع إلْفته ، لتُرسم إبتسامة صغيرة على محياه يتحسس بتلاتها بلُطف،إستنشق عبيرها للمرة الأخيرة قبل أن ينهض مستعداً ليبدأ يَومه الحافل.

توجّه إلى المطبخ عاجزاً عن إخفاء حماسه ،ليجد والدته تُعد الفطور بينما تدندن بأغنية ما ، قلب نظره حوله تماماً كما فعل بأرجاء المنزل لكنه لم يجد شيئاً ليتكئ بوجهه على الطاولة ماطاً شفتيه بعبوس كالأطفال.

"عيد ميلاد سعيد أقمري"

"فقط..؟"

تمتم بإنزعاج طفيف لكي لا تسمعه ،لكنها سمعته بالفعل لتعتليها إبتسامة جانبية معطية إياه ظهرها ، لتحمل أطباق الطعام إلى الطاولة، جلست جانبه لتداعب أرنبة أنفه مُستخدمة سبابتها ، ليتبدد عُبوسه شيئاً فشيئاً ،ما زال طفلها حتى لو كَبِر مائة عام.

"صنعت الفُطور المفضل بمُناسبة ميلاد أقمري"

"أهذه هديتي...؟ "

عاد لتمتماته مرة أُخرى ليباشر بالأكل ،غير قادر على إخفاء استمتاعه بطبقه الشهي ليصد همهمات خافتة ،قهقهت بلطف تُشاهده بينما تتناول طبقها ، ليقوم هو بحمل الأطباق إلى المغسلة بعدما إنتهى كلاهما.

"أيمكنك تفقد البريد لأجلي؟"

نظر لها ليومئ بهدوء يتجه خارجاً ،ليمسك مقبض الباب فاتحاً إياه ،توقع وجود بعض الفواتير كالعادة و ربما رسالة من العيادة التي تعمل بها والدته ،لكنه وجد صندوقاً بحجم متوسط ، وُجدت عليه العديد من الطوابع و لم يُفصح عما بداخله.

قطب حاجبيه يُناظر الصندوق في شُرود ،لكنه سرعان ما أدرك ما فعلته أُمه متعمدة ،لتلمع عيناه و يشهق بذهول ،حاملاً الصندوق داخلاً في سعادة غامرة.

"أُمي ،أنتِ لم تنسِ حقاً! "

...

راح متوجهاً إلى حديقته الخلفية حيث توجد شجرة صغيرة ،أسفلها بعضاً من الجاردينيا التي قام بزرعها منذ أشهر ، أخذ نفساً عميقاً مغلقاً عيناه ، فهو مُخدرٌ لتلك الرائحة و حسب.
...

أقمرحيث تعيش القصص. اكتشف الآن