الخاتمة
لأجلك ألف مرة أخري
ركضت دون النظر للخلف وكأنها تخشي النظر فتري الكرخانة وهي تشتعل , فتعود مرة أخرى ركضت وركضت لا تعرف أين تذهب ولا أين تقودها خطواتها كل ما فعلته هو الركض نحو المجهول , أحداث هذا اليوم ضبابية لحد ما لكنها تتذكر الجرح العميق في قدميها أثر وقوعها عده مرات وتتذكر انهيارها التام بعد مسيرة يوم بأكمله أمام قافلة من المرتحلين الهاربين من الحرب ,أكرموها وأعطوها بعض الملابس والماء والخبز المتيبس , لتأكله في صمت وهي تفكر ماذا ستفعل , فالمكان الذي كان يؤويها أحترق عن بكره أبيه ولا مكان لها سواه , لتأتي النجدة متمثلة في رجل غني من خارج البلاد مر علي القافلة يعرض عليهم العمل في مزرعته ووافقت !
ركبت القطار وجلست مكانها وسط الأجساد تنظر ناحية عامود الإنارة تتخيله يقف هناك يلوح بيده لها ويبتسم تلك الابتسامة المدغدغة لمشاعرها ولكن صورته تلاشت بمجرد ارتفاع صوت صفارة القطار, وارتحلت مع من ارتحل وذهبت ماسحة أي ذكريات لديها وبدأت حياة جديدة كفتاة قروية بسيطة تعمل طوال النهار لقاء طعامها ومسكنها, ذهبت ملامحها القديمة الرقيقة فها هو شعرها الناعم قد تساقط وبشرتها البيضاء لوحتها أشعه الشمس وتركت أثرها عليها بقسوة, جسدها نحل من قله الطعام, وبرزت تجاعيد حول عيناها وفمها تُؤكد أن الزمن قاسي رغم كل شيء , حتى يديها الناعمتان قد أصبحت غاية الخشونة
وها هي تقف وسط الكرخانة ونفس المشهد يعاد لكن بألوان باهته والأناس في المشهد قد تغيروا ...تقف تنظر للجلد المحترق ببشاعة علي جانب وجه فيروز وكأن داخلها القبيح قد طفح وظهر علي وجهها لم تستطيع أخفاء دهشتها الممزوجة بالشفقة وهي تتذكر وجه فيروز ..كانت جميلة بل ساحرة ...ألهي ماذا فعل الزمن بنا ؟ّ! فقالت بصوت واهن قليلا :
-ليس لي دخل بهذا فيروز , وأظنك لم تتكبدي عناء البحث عني والمجيء بى لهنا لتحصلي مني علي اعتذار
رفعت شفتاها بسخرية ثم أعادت الوشاح لتخفي ملامحها وجلست مرة أخرى ملتقطة الأرجيلة:
-هه ...أنا لم أبحث عنك بل مكانك أتاني دون أي مجهود
أضيقت عينها :
-ماذا تقصدين ؟
كحت فيروز بقوة وهي تبعد الدخان عن وجهها :
-هذا هو سبب مجيء بك ....أجلسي فالكلام سيطول
اقتربت وجلست علي أحد الأرائك المتهالكة ناظرة بحزن لمكان جلوس فيروز فقد قدم للغاية حتى أن الكرسي يصدر صوت كلما تحرك جسد فيروز الضخم عليه, يوما ما كانت قادين تجلس هنا, فكرت بحزن قبل أن يجتذبها صوت فيروز :
أنت تقرأ
بائعات الغرام(قصة قصيرة)
عاطفيةأرتعش جسدها أثر الماء البارد لكنه سرعان ما أعتاد عليه لتجد الفتاتان قد بدأن فى تدليك بشرة يديها وثالثة تشد شعرها الطويل للخلف وتدهنه بأشياء غريبة لها عطر نفاذ بينما قادين خانوم اتجهت نحو المغطس وجلست بجوارها لتمسك وجهها ببعض القسوة وبدأت بوضع عجينه...