خرجت من بيته تحمل بقايا تجربة قاسية خاضتها قسرا ، تلك التجربة التي أخذتها عنوة وتركتها مجرد شبح يحمل روح أنثى خاوية ، وصدر خالي الوفاض سوى من الشر الذي سيجعلها أقوى ويمكنها من العيش بأمان بعدما دعست من الجميع .. أمها القاسية وأبيها الطامع وحبيبها صاحب أول طعنة غدر بعدما خذلها ومن الجولة الأولى ..
وبالنهاية ذلك الزوج المتغطرس والذي يكبرها بعشرين عام .
ربما تكون قد نالت حريتها بالأخير بتطليقه لها ولكن تبقى النتيجة غير مرضية ، فالآن لم يعد لها أحد تلجأ إليه بعدما فقدت عائلتها سوى "إيثار" رفيقتها الوحيدة وعدوتها الأولى على الإطلاق !
إتجهت سهير إلى بيت إيثار بقلب منقسم نصفه يلتمس أحضان أمينة يحتمي بجدرانها وآخر يحمل شهوة الانتقام من المذنب وممن لا ذنب له معا ، معلنا شعار الطغاة " المساواة في الظلم عدل "
طرقت عدة طرقات ، حتى سمعت صوته من خلف الباب متسائلا عن هوية القادم ، خفق قلبها للحظة قبل أن تقوم هي بتحويل خفقاته تلك لنبضات ماكرة باغضة وكأنها استحضرت جميع قوى الشر بتلك اللحظة ..
فتح الباب فوجدها أمامه ، بهت ثوانِ لرؤيتها وقد تسارعت نبضاته حتى خيل له أن صوت دقات قلبه قد يصل لها ، وربما كان محق فرؤيته على هذه الحال أشعرتها بانتشاء المنتقم وجعلتها تنظر له بابتسامة مغوية معلنة انتصار كبريائها الذي سُحق لأعوام ..
وأخيرا لاحظ ما أوقع به نفسه فتحولت نظرته الوله إلى عبوس وكأنه لا يرغب برؤيتها محدثها بنبرة روتينية :
مرحبا سهير .. انتظري لحظة سأخبر إيثار بقدومك ..
قال جملته واختفى من أمامها على الفور لم يشأ منحها رفاهية الرد فهو لن يكرر خطأه الأول .
ذهب لزوجته مستدعيا إياها بنبرة مغتاطة :
ايثار .. تعاليّ بسرعة !
هرولت إلية مسرعة ينتابها الدهشة :
ماذا هناك خالد هل حدث شيء ما ؟
أجابها وقد بدا عليه بعض الضيق :
لقد حضرت صديقتك سهير وأنتِ تعلمين كم أبغض تلك المرأة .. اذهبي إليها واجعليها تغادر سريعا فأنا لا أتحمل رؤيتها .
أومأت رأسها بالموافقة وهي تتأفف بحسرة ..
تعلم جيدا أنه لم يشعر بالارتياح أبدا تجاه صديقتها المقربة ، بل وخابت جميع محاولاتها في اكتشاف سببا مقنعا لذلك ، ولم تحصل منه على إجابة شافية تطفئ شرر تساؤلاتها المتقدة ، لا تعلم بأنه قد يمنحها الإجابة يوما ما بما سيحطم كل توقعاتها وربما كيانها أيضا ...
يتبع ،،،،،،،،،،،،،،،،