لا يعرف تحديدا ما الذي أصابه ، منذ ان لحقته بغرفته يشعر بحنين لها من نوع خاص ، من كان لا يطيق النظر بوجهها منذ بضعة أيام أصبح اليوم يطالعها بشوق كلما سنحت له الفرصه ، لا يدري هل استشعر الصدق بحديثها له ، أم أنه العشق الذي قتله بيديه استطاعت كلماتها إعادته للحياة مرة أخرى ...
رغبة أو لهفة وربما تعنت ذكوري بحت أرادها يوما ما ولم ينل منها شئ والآن يستطيع اتملاكها بعدما أصبح لديه كل شئ ولكن ماذا عن إيثار ؟!
والتي كان لها من اسمها نصيب ، الزوجة الوفيه والحبيبة المخلصه من صانته ، ووقفت إلي جواره ودعمته بروحها وكيانها حتى أصبح ذا شأن والآن من الباطل أن يكون هذا هو الجزاء ...
لااا .. لن أظلمها .. ستبقى زوجتي وأم لاولادي ، هي تحبني كثيرا وقطعا لن تتركني ، كما أنها تعتبر سهير بمثابة أخت لها ، وسوف تقدر الموقف ولن تعترض على الاقل من أجل أولادنا .. أعلم هذا "
هكذا حاول خالد اقناع نفسه .. ويا لغباء بعضهم !
تعلم جيدا انها احرزت هدف منقذ بضربة جزاء نظيفة وبآخر دقيقتين من انتهاء المباراة أو لنقل انتهاء مدة عدتها كمطلقة .. ويالغبطة المنتقم !تستشعر نبضاته لها .. نظراته .. عبوسه الذي حاله لابتسامة عذبة كلما رآها ، وهي لم تتوان في دعم مرماها ضد هدف مضاد بل على العكس دعمدت هدفها بكل جوارحها ، ولم تنس أن تضع أغنيتها المفضله - كما أخبرت إيثار- على وضع التشغيل بجهاز الحاسوب حتى تصل كلماتها لقلبه قبل سمعه حتى أنها علقت بأذنيه وأصبح يرددها بنشوة بين الحين والآخر دون أن يشعر ..
يا قلبي هي مرة بنتلاقى في العمر مرة
ومهما نحب تاني مبننساش
حبيبي الأولاني صعب في يوم يرجعلي تاني
بس مهما يكون نسينا مبننساش
الفراق قدرك نصيبك
ليه يا قلبي اللي يسيبك
يبقى طول عمره حبيبك
بس ليه ..
ممكن أنسى اسمي
أنسى الناس أنسى أعيش
بس أول مرة أحب
مبتتنسيش !
كانت تدعي ترتيب طاولة الطعام وهي تحرك جسدها وشفتيها بإغواء على أنغام أغنيتها ، تسترق النظر لصاحب الابتسامة البلهاء ، تدرك تماما أنه يطالع كل حركة منها وكلاهما سعيد ما اختلاف الأسباب ، أما عن إيثار التي كانت تراقبهما بحذر فقد زادت الريبة بقلبها خاصة بعد حديث أمها والتي كانت تحاول جاهدة أن تخفيه وتختلق ألف عذر بعقلها كي لا تصدقه ، دخلت غرفتها وجلست تفكر في كل ما يحدث ، تغير حال زوجها بين عشية وضحاها ، والذي لم يذهب لشركته منذ ثلاثة أيام والحجة أنه بحاجه للراحه وهناك من يتولى مهامه ، تبادل النظرات فيما بينهما والتب لم تكن بريئة غلى الاطلاق ، كما أنه لم يعد يغضب لوجودها كسابق عهده ، تتذكر كلمات أمها التي مازالت تصدر ضجيجا بعقلها وقلبها
وكأنها مطرقة :
- هل جننتِ إيثار ؟ كيف تسمحين لامرأه غريبة المكوث ببيتك ومع زوجك ولمدة شهر كامل ؟!
قالتها والدة إيثار باستنكار غاضب ، بينما حاولت إيثار طمئنتها : ما الداعي لكل هذا الغضب أمي ؟ أنتِ تعلمين جيدا أن سهير ليست رفيقتي فحسب بل شقيقتي وجارة طفولتي ، كيف أتركها لمصير مجهول ولم يعد لها أحد سواي بعد طلاقها ووفاة والديها أيضا !
ازداد غضب والدتها فهي تعلم طبيعة ابنتها وكم هي حنونه ورقيقه على كل قريب وغريب ، ولكن الطيبة بزمننا هذا مجرد غباء وحسب ..
_ حقا !! لا فائدة منك ِ ، أقول لكِ لقد رأيتها بأم عيني حينما دلفت إلى بيتك يوم العزيمة ولمحتها تخرج من غرفة نومك وبحذر شديد تتلفت يمنة ويسرى أيتها الحمقاء ، وهي بكامل زينتها وزوجك بالداخل ، هل تريدين تفسيرا أكثر من هذا ؟! ، إلى متى ستطغى عاطفتك على عقلك أيتها البلهاء ؟!
ارتبكت إيثار قليلا ولكن سرعان ما استجمعت ثقتها وأجابتها بيقين :
لا أمي .. لابد ان هناك سوء فهم ما ، كما أنك أمي من قمتِ بتربيتها ، أنسيتِ ذلك ؟ ، عندما تركتها امها فور ولادتها وكأنها قطعة نفايات ، معللة بذلك عدم رغبتها بإنجاب أنثى ، أنتِ وحدك أمي من قمتِ برعايتها أنسيتِ كل هذا ؟؟ ، لا يا أمي الحبيبة لا يمكن ان تفعل سهير هذا بي ، هو بالنسبة لها زوج شقيقتها لا أكثر ، صدقيني أمي ..
نظرت لها أمها وهي تحرك رأسها بأن لا فائدة منك إيثار وبسخط أم قلقة بشأن ابنتها التي آثرت بأن تكون هرة بزمن لا يبقى فيه سوى الذئاب :
حسنا إيثار ..يوما ما ستندمين على حديثك هذا كله ولن ينفعك الندم حينها ، تذكري كلماتي هذه جيدا ..
شعرت إيثار بالغضب والغيرة يشتعلان بقلبها بعدما استجمعت شتات عقلها وشرعت تحدث نفسها :
"حسنا أمي يبدو أنكِ كنتِ محقة ولكن كيف وهي .... لا لا .. هذا هو المحال بعينه !!"