#الجزء_الخامس_والأخير

271 14 3
                                    


مر أسبوعا كاملا ولازالت إيثار تراقب كل منهما في محاولة لإنهاء ذلك الشك الذي سيقضي عليها إما بنفي أو إثبات التهمة المشينة على كليهما ، وبالنهاية وفي كلا الحالتين فهي راحة لها من ألم الترقب والقلق ، ولكن الامر يزداد سوء و المؤلم أن كل ما يحدث يحدث أمام عينيها وكأنها هواء ، دون حساب لها أو لكرامتها وربما هو جزء من خطة تلك الحرباء التي زرعتها ببيتها لتريها قيمتها الحقيقية بقلب زوجها رأي العين !

" لقد تزوجت بسهير منذ يومين .. عذرا إيثار ولكنها الحقيقة "

ألقى خالد جملته بوجه إيثار دفعة واحدة كقذيفة لهب من النوع الثقيل ، إثر نقاش حاد بين ثلاثتهم في مخاولة منها لإيجاد تفسير لما يحدث بينهما بعدما فاض الكيل ، فالمواجهة أرحم وأفضل لقلبها الممزق

تجمدت ملامحها للحظات دون أي ردة فعل وكأن الزمن توقف عن السير والأرض والحياة وكل من حولها سكن ، عدا دقات قلبها التي تقازفت ألما وغضبا وحقدا ، ألم زوجة طعنت غدر ممن جعلته على قلبها ملكا ، وتوجته روحها وصحتها وجهدها لاعوام .

وحقدا على تلك المكتنزة التي أخفتها ببيتها حرصا عليها من شرور العالم وغدر الأنفس الضغيفة ، فكان وجودها كنقبلة موقوته انفجرت بوجهها هي ، وغضبا من نفسها ، من طيبة قلبها أو غبائها على وجه الدقه ، أكانت أمها محقة عندما نعتتها بالبلهاء أم أنها تستحق النعت بأكثر من ذك

ولكن لحظة .. هناك جريمة أبشع هنا ..

تركته إيثار ووجهت حديثها لسهير مخاطبة عينيها الحمقاوتان اللتان ينسدل منهما شلالات من الشماتة والحقد : أتعلمين سهير .. لقد توقعت منك كل شئ ، طيلة الأيام الماضية وأنا أفكر عن مدى ما يمكنك فعله ، توقعت اغوائك واقناعه بتطليقي كي تتزوجيه ، بل واقناعه ترك اولاده والهرب معك بل والأكثر من ذلك أيضا ، لكن ما لم أتوقعه منك سهير أن تصل قذارتك إلى حد التعدي وبكل صفاقه وجرأة على حدود الله !

على أي عقيدة تزوجتِ بزوجي سهير ؟؟

تعثرت نظرات خالد بينهما في تساؤل مبهم لتنكشف أمامه حقيقه حين أكملت إيثار :

ألم تخبرين زوجك البهي بأنك شقيقتي بالرضاعه بعدما ألقت بكِ والدة بازدراء فأخذتك أمي وأرضعتك ورأفت بك ما يقرب من عام ، ألم تخبرينه بأنك محرمة عليه وبأن تلك الزيجة باطلة ؟
ضحكت سهير بشدة وبكيد امرأة تستمتع بلذة الانتقام من حبيب سابق ودفعة حقد برفيقة فضلت عليها في كل شئ أجابتها وهي تلف ذراعيها حول عنق خالد بغنج :
_ إذن فليطلقك إيثار ويحل الأمر .. بسيطة أليس كذلك حبيبي ؟
لحقتها إيثار بنبرة غضب :
_ ومن أوهمكِ بأنني سأبقى بعصمته ليوم آخر ؟
ثم أكملت وهي تطالع زوجها بنظرة متدنية :
من تريد البقاء ولو للحظة واحدة على ذمة خائن بل وناكر للجميل أيضا ، حقا كل يقع على شاكلته فهنيئا لكِ به .
أجابتها سهير بابتسامة خبيثة بعدما ابتعدت عن خالد :
_ومن قال بأنني أريده ؟
لتكمل بعدها وقد ملأ الحقد كلماتها :
تعلمين إيثار ، لقد باعني ذلك الوغد من قبل ، كنا حبيبين قبل أن يتزوج بكِ وعدني بألا يتخلى عني مهما حدث ، لكنه تركني لأتزوج غيره رغما عني ، لم يفعل شئ سوى مراقبتي وأنا أمزق ! بل وأيضا حملني الذنب كله طيلة الاعوام الفائتة ، واليوم فقط أشعر بأن نيران قلبي قد هدأت بعدما تسببت لفقده أكثر شخص أحبه وأعانه على هذه الدنيا أنتِ إيثار ، ولا بد أن تشكرينني على هذا فقد أظهرته على حقيقته لكِ ...
وقف خالد وعيناه تكاد تخرج من مقلتيه وهو يستمع لهدرها ، هي فاجرة وهو مجرد أحمق سقط ببئر غادر لأنثى ناقمة ، سحبته رويدا رويدا للهاوية بعدما اتبع هواه ، ومهما سيحدث له فهو يستحقه بجدارة ولكن وجب عليها أن تنال ما تستحقه هي الأخرى ..
وضع كلتا يديه حول رقبتها أراد أن يقتلها مرة واحده وللأبد ، بعدما قتلته لآلاف المرات ، ظلت إيثار تحاول ابعاده عن سهير بشتى الطرق لكي لا تلفظ آخر أنفاسها على يديه فيُزيد الأمر سوءا بفعلته ، لكنه ظل على وضعه حتى سقطت سهير مغشيا عليها ..
ابتعد خالد عنها وقد تصبب عرقا وهربت منه الدماء ، إذ ظن أنها فارقت الحياة ، أما إيثار فسرعان ما هاتفت المشفى وهي تحاول إفاقتها حتى وصلت سيارة الإسعاف وشرعوا في حملها للمشفى قبل أن تلفظ انفاسها ...

وبعد مرور عام كامل ،،،،،،،

"وفي نهاية الأمر .. لا تنتظر أن يصفق لك الآخرون على تضحياتك من أجلهم ، ولا تنخدع بتلك العبارات الحماسية التي يجعلونها تتراقص فوق روحك التي تعذبها لأجل متعتهم دون أن تحصل على أي نوع من أنواع التقدير وإلا سقطت بفوهة الغباء الأبدي "

أنهت إيثار بتلك الكلمات الندوة الأدبية التي عقدت لمناقشة روايتها والتي حققت نجاحا كبيرا ربما لواقعيتها ..
وبينما هي تستمع بفخر لأصوات التصفيق الحاد وعبارات المديح من حولها رأته يجلس بعيدا بنقطة خفية بين معجبيها ، يصفق لها بحرارة ولازالت تلمح نظرة الرجاء بعينيه أن" اغفري لي " تلك النظرة التي أصبحت جزء منه كلما رآها ومنذ أن أصرت على الفراق ... على الرحيل من عالمه ، وقد أخذت معها كل شئ ليس الأولاد وحسب بل الحب.. دفء العائلة ..روحها الرقيقة وأيضا الأمان والسكينة التي كان يستشعره بقربها ، أخذت دعمها له ، ومعهم قلبه أيضا لم يشعر يوما أنه يعشقها إلى هذا الحد إلا بعد فراقها له ...

ويبقى السؤال لم لا نشعر دائما بوجود من أحببناهم إلا بعد رحيلهم عنا !!

اكتب رسالة...

غدر أنثىحيث تعيش القصص. اكتشف الآن