الفصل السابع

11.9K 294 6
                                    

وصل الخبر الى مسامع منزل جاسر وخرجت حلا صارخة وهر تهرول للأسفل لتطمئن على زوجها وسمعت خديجة ان عائلة البكرى غدرت بكبيرها ! فهرولت مسرعة بهيئتها ونزلت للأسفل وجدته امامها فقالت بلهفة
- انت كويس ؟
- الحمد لله انا كويس متقلق...
بتر باقي كلماته وعيناه تقع عليها بصدمة وهو يراها امام الجميع بثوب نومها وشعرها المكشوف فأصبح امامها فى خطوتين واخذها وصعدا لغرفتهما وصفق الباب بعنف وقال وهو يشير لملابسها
- انتى ازاى تنزلى بالمنظر ده ؟
- ماله منظرى ما انا لابسة الاسدال و
جحظت عيناها بصدمة وهى تتحسس شعرها وملابسها فأمسك بيدها بعنف وقال بلهجته الصعيدية عندما يغضب
- لو جالولك الحجى جاسر مات وجتته تحت جوليلهم هلبس طرحتى وانزل اطل عليه لكن متخرجيش من اهنه بالمنظر ديه تانى انتى سامعة يا بنت البندارى ؟
اومأت خديجة برأسها وقالت ضاحكة وهى تخلع عباءته وتقلد لهجته
- اجلع توب كبير عيلة البكرى ديه
عادت للهجتها العادية وقالت ضاحكة
- ارجع لطبيعتك الهادية وشخصيتك اللى بتطلعلى انا وبس يا ابن البكرى
ضحك وقال وهو ينظر لثوبها بغيظ
- بقى تنزلى بالهدوم دى يا خديجة ! ده انا جوزك وعمرى ما شوفتك بلبس زى ده ويوم ما تلبسيه يشوفك رجالة البيت كله وانتى لابساه ! هكسر دماغك يا بت انتى
عضت خديجة على شفتيها بخجل واحمر وجهها فمال هو وقبل عنقها واحتضنها قائلا
- بس انتى حلوة ليه النهاردة كدة ؟
حاولت التخلص من حصاره لها وقالت وقد احمر وجهها بالكامل من اقترابه هكذا
- احكيلى ايه اللى حصل ده انا قلبى وقف من الخضة عليكم
ضحك جاسر وحملها على يديه وقال بخبث
- لا احكى ايه احنا ما صدقنا كفرتي اليمين يا بنت البندارى 
لاحظ نظراتها المتعجبة واحمرار وجهها فقال
- مفيش حاجة بتستخبى عليا مهما كانت .. دخلتي القفص برجليكى يا بنت البندارى .
***
احتضنت حلا زوجها وسط بكائها وشهقاتها ومحاولته لتهدئتها وقالت من بين شهقاتها
- احنا لا يمكن نقعد هنا دقيقة واحدة كمان .. بكرة الصبح انا هكلم أبيه جاسر يرجعنا اسكندرية تانى
قالت والدته بسرعة وهى تمسح دموعها
- معاكى حق يا حلا انا مش هستنى لما يرجعلى ميت فى حاجة هو مالوش ذنب فيها
نظر اياد اليهما بغضب وقال
- فى ايه هو انتوا قررتوا وانا هنفذ ! محدش منكم هيمشى كلمته عليا .. انا راجل مش ههرب من قدرى واستخبى زى الحريم ! لو هموت يبقى اموت وانا راجل مش وانا حرمة مستخبية !
ربتت حماته على كتفه وقالت
- راجل يا ابنى .. ربنا يحفظك
نظرت لابنتها ووالدته وقالت مطمئنة
- متقلقوش جاسر هيحلها ان شاء الله
- ما حلها مرة ونزل حضر الصلح وقدم كفن وقبلوه وقفلوا الموضوع لكن دول غدروا بيه هو واخواتى يا ماما .. غدروا بكبيرهم اللى بيراعي مصالحهم .. هترتاحى لما يجيلك بعد الشر ابيه جاسر غرقان فى دمه ولا حتى عمار !
نطقت حلا بتلك الكلمات من وسط شهقاتها فخبطتت حماتها على صدرها بفزع و احتضنت ابنها وقالت
- ربنا يحفظكم كلكم يا ولاد
امن الجميع دعائها وصعد اياد مع زوجته يحاول تهدئتها واقناعها بترك الامر بين يدى اخيها لحله دون اللجوء لحل الهرب الان .
***
" هههههههه طيب والله انتى الرايقة اللى فيهم "
نطقها عمار فور دخوله غرفته و وجد تمارا تغط فى نوم عميق غير مدركة ما يحدث ومن الواضح انها نامت قبل معرفتهم باطلاق الرصاص عليهم ، بدل ملابسه وجلس بجانبها وايقظها وقال بضحك
- قومي يا بت كنتي هتبقي ارملة !
فتحت تمارا عينيها وابتسمت وقالت بصوت يشوبه النعاس
- فى ايه يا عمار
ضحك عمار وقال
- ضربوا علينا نار وكنا هنروح فيها .. جينا لقينا خديجة نزلت بهدومها اللى عليها خلت جاسر تنح وطلع بيها وانا حطيت وشى فى الارض من الاحراج ونزلت حلا تحضن فى جوزها بخضة اصله كان المطلوب
احتضنته تمارا وقالت بلهفة
- هى حصلت ضرب النار كمان !
تذكرت كلماته على خديجة وانفجرت ضاحكة وقالت من بين ضحكاتها
- يا نهار ابيض نزلت بقميص النوم اللى لبسته بمعجزة !
- انا وشي احمر من الاحراج وجاسر لقيته اتحول وطلع بيها وسمعته بيزعقلها ربنا يسترها عليها
قهقهت تمارا و قالت غامزة
- لا ما اليمين اتكفر خلاص وهو ما صدق .. متقلقش عليهم انت
نظر عمار لها بعدم فهم فضحكت هى ونهضت لتحضر له الطعام .
***
تحسس جاسر الوسادة بجانبه ولم يجدها ففتح عينيه وبحث عنها حتى وجد صوت الماء يجرى فعلم انها فى المرحاض .. تبسم ونهض من الفراش واخرج ما احضره لها بالأمس وجلس فى زاوية وانتظر خروجها .
خرجت خديجة من المرحاض و نظرت للفراش لم تجده فجلست تصفف شعرها وقالت بغضب
- نزل برضه ابن البكرى وما استنانيش ! صبرك عليا يا جاسر لما ترجع
- هتضربينى ولا ايه يا استاذة ؟
نطقها جاسر ضاحكا وهو ينهض ويقف خلفها و اظهر النقاب وقال
- ازاى انزل قبل ما اديكى حاجتك واوفى بوعدى يا ست البنات
ضحكت خديجة وهى تراه يضع النقاب عليها و ادارها له وطبع قبلة على جبينها قائلا
- ربنا يثبتك عليه يا حبيبتى
احتضنته خديجة وضحكت بفرحة وبعدها دلف هو للمرحاض ليغسل وجهه ويبدل ملابسه وخرج كانت هى اكملت ارتداء ملابسها وقالت بقلق وهى تنظر له
- انا خايفة انك تنزل النهاردة
زفر جاسر وغمغم بهدوء وهو يحاول طمأنتها
- متقلقيش يا خوخة .. انا هحاسب الكل النهاردة لان ضرب النار على نسيبى وهو فى عربيتى ويعتبر فى حمايتى ده مش هيعدى بالساهل صدقينى
حاولت خديجة تمالك قوتها وقالت برجاء
- ما تسيبها يا جاسر ونروح اسكندرية انت تشتغل مهنتك اللى بتحبها ونكون فى امان هناك بعيد عن الدم والتار
تجاهل جاسر حديثها وقال بابتسامة وهو يسدل نقابها على وجهها ويجذبها للأسفل
- تفتكرى رد فعل حلا وتمارا على نقابك هيكون ايه ؟
زفرت خديجة وقالت
- مفيش فايدة فيك يا جاسر !
نزلت خديجة معه للأسفل وألقى التحية وردها الجميع ونظر الجميع لبعضهم ولخديجة بدهشة وقالت حلا بتساؤل وعدم تصديق
- مين الاخت اللى معاك دى يا أبيه ؟ اوعى تقولى خديجة ؟
اومأ جاسر برأسه وهو يضحك ففغرت تمارا فاهها وقالت
- مش معقول ! لبستيه امتى يا بنتى ؟
ضحكت خديجة وقالت
- لسه حالا .. عقبالكم يا بنات
احتضنها الفتيات بفرح وضحكت هى واستأذن جاسر فى الرحيل بصحبة اياد وعمار وصحبتهم دعوات النساء .
***
ينتفض ابناء عمومته فزعا منه خاصة لرؤيتهم له هكذا للمرة الاولى وهو مازال فى صراخه وامسك صاحب الفعلة من تلابيب ثيابه وقال بغضب
- خونتوا الحلفان وغدرتوا بكبيركم يا ولاد البكرى ! جسما بربى ما هعديها
نظر الجميع له بقلق فاردف هو بغضب
- اياد البندارى جوز خيتى وفى حمايتى وجدم الكفن و جبلناه و الموضوع اتجفل لكن الغدر لا يا ولاد البكرى .. التار تنسوه لان لو الموضوع ديه اتفتح تانى وعايزين تاخدوا بتاركم يبجى منى انا المرادى
قال احد اعمامه وهو صاحب الثأر ومن المؤكد انه امر بالفعلة
- احنا تارنا مع ولد البندارى لان لو التار عيتاخد من الحريم وعنقول حرمة جصاد حرمة كنا خدناه من خديجة بت البندارى
انتفخت اوداج جاسر بغضب ونهض مسرعا وقال بشراسة
- اتكلم عدل يا عمى ! اللى هتتكلم عليها ديه مرتى ولا يمكن حد يمسها بشر وانى عايش
خشى الجميع من نظراته القاتلة ونظروا له بدهشة وهم يرون غضبه وعروقه الظاهرة و صدره الذى يعلو ويهبط بعنف ! حاول جاسر السيطرة على غضبه وقال آمرا
- حكمنا بدفع جابر البكرى ٤٠ ألف جنيه لاياد البندارى وجسما بالله لو اتفتح موضوع التار ديه ما هيحصل كويس .. يلا يا عمار
غادر جاسر مجلسهم بغضب وتبعه عمار واياد ونظر الجميع له بسخط لانحيازه لأبناء البندارى وقال عمه بغضب
- جاسر بجى خطر علينا ولازمن نخلص منيه !
***
ارتفعت الضحكات من الفتيات وسط حديثهن ونظرت تمارا للساعة وقالت
- تفتكروا جاسر عمل ايه ؟
شردت حلا وقالت
- يارب يكون حلها لانى مش هستحمل الوضع ده كتير وانا حاسة بالقلق
ربتت تمارا على يدها وقالت بابتسامة
- ربنا يحفظه يا حبيبتى ويجيى ابنكم ينور الدنيا بالسلامة .. ما تقوليلها يا خوخة ان اخوها سبع وهيحل الموضوع
لم تجيب خديجة فعلمت تمارا انها شاردة ونبهتها فقالت هى بدون وعى
- هو ايه السبب فى التار ده يا حلا ؟
رفعت حلا كتفيها وزفرت قائلة
- والله يا بنتى ما اعرف لكن اللى اعرفه ان بسببه باباكى مشى من هنا وانتى يادوب بنت أيام واياد مكانش لسه اتولد
شردت خديجة وقالت بحزم
- هعرف من جاسر والنهاردة هيحطلى حل اكيد للوضع ده
نظرا لها بعدم فهم و شردت هى تفكر فى الامر الذى يؤرقها وهو احتمال فقدانها لزوجها او شقيقها !
***
صعد جاسر لغرفته بعد يوم شاق و ألقى التحية ورفع عينه وجد خديجة تجلس وترتدى احد قمصانه فرفع حاجبيه بدهشة وهو يقترب منها و يتعرف على الرائحة التى تفوح منها وقال
- حاطة البرفيوم بتاعى وكمان لابسة قميصى واحنا فى يناير ! خير ؟
اطلقت خديجة ضحكة عالية فنظر اليها بغضب وقال
- خديجة ضحكتك توطى احنا مش لوحدنا وجنبنا اوضة اخوكى وفى وشنا اوضة اخويا
وضعت خديجة يدها على فمها تحاول كتم ضحكاتها وخلعت عباءته وقالت
- حاضر ، احكيلى عملت ايه النهاردة ؟
زفر جاسر بضيق واجلسها على الفراش ووضع رأسه على قدميها واغمض عينيه وقال بضعف تراه لأول مرة
- انا تعبت ! مصممين على تار من سنين ليه ؟ ابوكى واتوفى و فى الاساس مكانش ليه فى الموضوع ليه عايزين اياد دلوقتى ؟
شهقت خديجة فاحتضن هو كفها بين كفيه وقال مطمئنا
- متخافيش انا حاولت احلها لكن شكلى هلجأ لحل مكانتش عايزه لانى لسه حاسس بغدر منهم
قالت خديجة بتساؤل
- الحكاية بدأت ازاى يا جاسر ؟
زفر جاسر وبدأ يتذكر تلك الذكرى التى مازالت العائلتان تتحمل عواقبها الى الان وقصها ابوه عليه عندما اصبح شابا وقال
- كانت خناقة بين واحد من عيلة البندارى و واحد من عيلة البكرى بسبب بنت من عيلة تالتة خالص و الموضوع اتطور وشاب عيلة البندارى رفع مسدسه وضرب طلقة فى الهواء وجت فى ام عمى يعنى مرات الكبير
شهقت خديجة و قالت بفزع
- يعنى قتلوا جدتك ؟!
نفى جاسر وقال بهدوء
- لا مكانتش جدتى لكن هى والدة عمى لان جدى كان متجوز اتنين ، المهم عيلتنا خدت بتارها من اللى موتها نفسه وكدة بقى التار لعيلة البندارى وخدوه من زينة شبابنا زى ما بيقولوا و امر جدى ان التار يتاخد من احسن شاب عندهم ولو متاخدش منه يبقى من ابنه من بعده وطبعا ده كان والدك اللى كان صاحب بابا الله يرحمه قبل بحر الدم ما يتفتح بين العيلتين ونبهه للموضوع و خد مراته وبنته اللى كان عمرها ايام وهرب من التار ولما جدى مات وبابا مسك بداله حاول يدور على والدك ويديله الامان لكن كان اتوفى وكمان غيرتوا انتوا سكنكوا وبدأت عيلتنا عايزة تارها وللحظ المهبب وقعوا هما قتيل من عيلة البندارى بالغلط تانى وكدة التار بقى واحد قصاد واحد
أكملت خديجة وقالت وقد استوعبت الامر
- وطبعا انت لجأت لحل تانى .. اديت الامان لابن عبد الغفار يرجع تانى فى سبيل جوازته من اختك عشان يكون فى نسب بين العيلتين وتقفل باب التار ده نهائى
اومأ جاسر برأسه وقال مكملا
- هو ده كان قصدى والباقى انتى عارفاه لانك شبه عاصرتيه
- وهتعمل ايه دلوقتى يا جاسر ؟
زفر جاسر وقال بخفوت وقد بدأ النوم يداعب جفنيه
- حذرت مرة واياد عينتله حراسة ومش هيخرج الا وعمار معاه او انا و طبعا ممنوع خروج الستات لوحدها .. مفهوم يا بنت البندارى .
وهنا استسلم للنوم نهائيا وهى تنظر له بخوف وتشعر انه لم يقص كل الحقيقة !
***
" عايزين نخرج احنا زهقنا من قعدة البيت دى ! "
نطقت خديجة تلك الجملة وهى تقف فى المنتصف بين حلا وتمارا بعد مرور عدة اشهر على حديثهما فنظر جاسر لها بغضب وقال
- قولت مفيش واحدة منكم هتخرج من البيت .. وبعدين هخرجكوا ازاى وكل واحدة منهم قنبلة متحركة وممكن تولد فى اى لحظة
تذمرت حلا وقالت وهى تتحسس بطنها
- يا أبيه احنا نفسيتنا وحشة والحمل مأثر علينا .. عشان خاطرى والنبى وكمان احنا فى السادس يعنى مفيش ولادة دلوقتى خالص 
- انا قولت لا يا حلا
نظرت تمارا لزوجها برجاء وقالت
- اقنعه يا عمار احنا اتخنقنا اوى
نظر عمار لشقيقه  الذى قال بحزم
- والله لو جبتوا مين ما هتخرجوا لوحدكوا .. عايزين تخرجوا اخرجوا فى البيت
غضبت خديجة وقالت
- لا والله هنخرج فى البيت ازاى ؟!
عقد جاسر ذراعيه امام صدره و ارتسمت ابتسامة جانبية على وجهه وقال
- عادى .. اخرجوا الجنينة وخدوا أكل وسماعات وحطوا أغانى واتفرجوا على افلام واتكلموا بس طبعا وانتوا فى مكان مش مكشوف عشان تبقوا على راحتكوا
ضربت حلا الارض بقدمها بغضب وقالت بتذمر
- طب والله حرام .. ما تتكلم يا اياد
ضحك اياد ونظر لجاسر وقال
- انا مقتنع برأيه جدا على فكرة .. مالها الجنينة يا حلا
- يخربيت الاستفزاز !
نطقت بها تمارا وهى تغادر ويتبعها خديجة وحلا وضحك الشباب عليهم واستأذن جاسر بالمغادرة لأمر هام .
***
طرقت الخادمة غرفة خديجة بعنف شديد جعلها ترتدى اسدالها ونقابها على عجل وفتحت لها وسألتها عن الامر فقالت الخادمة من بين انفاسها المتقطعة
- الحجى يا ست خديجة فى حد على التليفون بيجول جاسر بيه اتضرب عليه نار وانصاب و...
لم تسمعها خديجة وهرولت مسرعة للأسفل وامسكت بالهاتف واخذت اسم المشفى وامرت بتجهيز سيارة لها واستقلتها وقادتها وسط بكائها ولكنها وجدت سيارة تتبعها فحاولت الفرار منها خاصة انها بدأت تفعل حركات قد تؤدى بها للهلاك .. حاولت على قدر خبرتها فى القيادة  الافلات منها ولكن فى النهاية اصطدمت بشجرة واصطدم رأسها بالمقود امامها وفقدت وعيها ونزل قائد السيارة ونظر اليها هى وسيارتها وقال فى الهاتف مطمئنا
- كله تمام يا جابر بيه .. موتنا بنت البندارى ! التار اتاخد خلاص
***
" وجف اهنه يا منصور"
نطقها جاسر وهو يرى سيارة مصطدمة على الطريق وامر سائقه بالنزول لتحرى الامر خوفا من ان يكون فخ وبالفعل ذهب وعاد قائلا
- دى فيها حرمة يا جاسر بيه وما بتنطجش
تزل جاسر من سيارته وتوجه للسيارة ولاحظ انها ليست غريبة عليه ! قال دون ان ينظر لداخل السيارة آمرا لسائقه
- جرب العربية اهنه هننجلوها على المستشفى عجبال ما نشوف اهلها مين احنا برضه عندنا ولايا
نظر للمرأة وجحظت عيناه بصدمة وهو يرى زوجته بنقابها وهى مغمضة العينين .. شك انها ليست هى وامر السائق بادارة وجهه ورفع نقابها ليتأكد وهو يدعو الله ان يغفر له انه نظر لمنتقبة لا تحل له .. وقعت عيناه عليها وهى مغمضة العينين واسدل نقابها بسرعة وحملها ووضعها فى سيارته وقال بلهفة
- اطلع بسرعة !
***
اصطف الجميع فى المشفى والنساء يبكين و الرجال يتحركون بقلق وجاسر يجلس لا ينطق ولا يتحرك فقط ينظر لباب الغرفة بهدوء منتظرا خروجها سالمة ويتوعد فى نفسه بمن فعل بها هذا ويتوعد لها لخروجها دون اذنه ولكن فقط تعود سالمة ، انقطعت افكاره عند خروج الطبيب الذى غمغم قائلا
- هى هتدخل العناية المركزة لان الخبطة كانت فى دماغها و هى حاليا فى غيبوبة بس الحمل بخير ما تقلقوش
نظر الجميع لبعضهم بصدمة وقال جاسر باستفهام وهدوء غريب
- الغيبوبة بسبب ايه ؟ المخ حصله حاجة ؟
نظر الطبيب له بدهشة ففهم جاسر  انه متعجب من معرفته بالأمر فقال موضحا
- انا دكتور مخ واعصاب يعنى ده تخصصى وطالما الحمل بخير يبقى الحمد لله لكن انا عايز اعرف السبب
اومأ الطبيب برأسه وقال بشرح
- الخبطة كانت مقصودة ومن الواضح ان الحادثة بفعل فاعل لوجود حاجات مش منطقية زى شرخ فى الجمجمة وتأثر المخ مباشرة وده اللى أدى لغيبوبة و على حسب كلام حضرتك انها خبطتت فى الدركسيون وبس يعنى ميكونش سبب لكل ده  ، طبعا الخبطة كانت فى مركز الذاكرة فى المخ يعنى
ضيق جاسر عينيه ونطق قائلا
- هيكون فى احتمال لفقدان الذاكرة ؟
اومأ الطبيب برأسه فقال جاسر بتساؤل
- جزئي و لا كلى ؟
- العلم عند الله ، ادعولها تفوق بسرعة .. بعد اذنك
نطقها الطبيب وغادر وخرجت خديجة وانتقلت للعناية المركزة ومنعت الزيارة عنها فوقف جاسر ونظر اليها قائلا بوعد
- هاخدلك حقك يا خديجة وهدفعهم التمن غالى اوى .
***
عدة طلقات نارية اطلقت فى الهواء جعلت الجميع ينتفض ونزل جابر واهل بيته و قال جاسر بغضب
- مكانش الاتفاج انك تستحل حرمة بيتى وتاخد التار من حرمة يا عمى ومش اى حرمة دى مرتى وام ولدى .. حذرت مرة وجولت ولاد البندارى فى حمايتى وجولت اياد لا لكن لحد مرتى ونوجف اهنه
نظر عمه له باستهانة وقال
- خلصت حديتك ؟
كاد جاسر ان يفتك به ولكنه راعى انه عمه وقال بلهجته القاهرية وقد بدأ يفقد اخر صبره
- عملتلك ايه ؟ عملتلك ايه عشان تبقى عايز تموتها وتتسبب انها تبقى فى المستشفى لا حول ليها ولا قوة ؟ كل ده عشان تار فات من سنين ! ليه عبد الغفار و ولاده بالذات ما عيلة البندارى كلها شباب ؟
نظر عمه له بقوة وقال بغموض
- ابجى اسأل مرت عبد الغفار وهى عتجولك
تركه ودلف لمنزله و حدق جاسر به بذهول وكلامه يتكرر فى رأسه ما علاقة والدة خديجة بالأمر ؟
***
جلس جاسر محدقا بها فى وقت زيارته وقال بخفوت
- وقعتي فى فخهم يا بنت البندارى .. مش حذرتك يا خديجة وقولتلك عايزين تارهم .. ليه خرجتي طيب ؟ ما قولتلك لو موتت هيجيبوا جثتي لحد البيت ومتخرجيش انتى .. الله يخربيت الحب اللى يجيب الوجع لصاحبه ده، ياريتك ما شوفتينى ولا حبتينى ولا استدرجوكى بيا
تهدج صوته وهو يمسك بيدها وسقطتت دموعه لأول مرة فى حياته لشخص وقال بعد ان مسحهم
- بيقولوا دايما نقطة ضعف الراجل ست بيحبها ونقطة ضعف الست ابنها.. قومى يا خديجة عشان خاطر ابنك مش عشانى انا ولا حتى عشان حد من اهلك .. قومى طيب عشان تشوفى خديجة بنت اياد وتبقى اول واحدة تشيلها
ظل هكذا امامها يحدثها ويطلب منها ان تستجيب حتى اتت الممرضة واخرجته واستسلم وغادر عائدا لمنزله .
***
دلف جاسر وجد النساء يبكين فنظر لهن وزفر بضيق  وربت عمار على كتفه وقال باشفاق
- مش عارف اقولك مبروك على ابنك ولا خليك قوى وربنا يقومهالك بالسلامة
ربتت جاسر على يده وقال
- اللى تقوله .. انا فى اوضة المكتب ابعت ورايا اياد ووالدته ضرورى
اومأ عمار برأسه ودلف جاسر لغرفة مكتبه منتظر حماته و شقيق زوجته ليعلم الامر كاملا .
ألقى اياد التحية وجلس بجانب والدته الباكية التى اعطاها جاسر منديلا ورقيا وقال
- هى بخير يا طنط متقلقيش ، المهم انا عايز اعرف من حضرتك ليه طلبوا والد خديجة للتار ؟
نظرت حماته له وقالت بتساؤل من بين شهقاتها
- عمك جابر اللى عمل كدة فى بنتى ؟
اومأ جاسر براسه فقالت هى ببكاء
- حسبى الله ونعم الوكيل .. فوضت امرى لله .. انتقملى من جابر اشد انتقام يارب
نظر جاسر واياد لها بشك وقال اياد
- كل ده ليه يا أمى
- عشان جابر معرفش يحرق قلبى زمان على ابوك ولا عرف يحرقه عليك من بعده فجت فى الغلبانة .. استقوى على البنت ابن البكرى 
نظر اياد لها بعدم فهم ولكن جاسر استوعب الامر وان عمه فعل ذلك لينتقم من المرأة التى رفضته وفضلت عبد الغفار البندارى عليه واراد الانتقام منها فى زوجها ومن بعده ابنها وعندما فشل فعلها فى ابنتها !
***
" فاجت ولا لسه ؟ "
نطق جابر تلك الجملة باستفهام فقال ابنه
- لسه يابوى وهو ما عيفارجهاش واصل .. يادوب بيجضى مصالح العيلة ويرجعلها تانى
لوى جابر شفتيه بضيق و كاد يجيب ابنه حتى وجد الغفير يمنع احدهم من الدخول وارتفع صوت جابر قائلا
- فى ايه ؟
اشار الغفير للشخص وقال
- عايز يشوف جنابك يا بيه وانا عجوله ممنوع
دلف اياد وفتح ذراعيه وقال صارخا
- انا جيتلك برجلى يا ابن البكرى .. عايز تارك يلا خده راجل لراجل ومن راجل مش تروح تستقوى على واحدة ست يا اللى مسمعتش عن الرجولة!
انتفض ابن جابر وقال بغضب
- احفظ ادبك يا ولد البندارى وخليك راجل !
ضحك اياد باستهجان وقال باستهزاء
- هتعملى ايه يعنى لو محفظتش ادبى ؟ هتضربتى بالنار فى بيتك ووسط اهلك ؟ هتضرب واحد كبيرك اداه الامان وقدملك كفنه ودفعلك دية وانت قبلتها ؟ ولا هتقولى الحق ضربوا مراتك بالنار عشان اخرج زى المجنون بعربيتى والله اعلم هتعمل ايه تخلينى البس فى شجرة واترمى جنب اختى اللى هى مرات كبيركم ؟ يلا انا اياد البندارى قصادك يا ابن البكرى شوف هتعمل ايه
حدق به جابر واتسعت عيناه بصدمة عندما نظر خلف اياد وجد جاسر يقول وهو يجذبه
- حج مرتى انا اعرف اجيبه زين يا اياد وجسما بالله خديجة لو ما خرجت سليمة لا هيتفتح بحر دم تانى لكن مش بين البكرى والبندارى المرة ديه
صمت قليلا ونظر لعمه وابنه و قبض على يده بغضب واكمل قائلا
- التار هيكون بينى انى وعيلة البكرى كلاياتهم وجسما بربى ما عيكفينى فدا مرتي و ولدى حريم ورجالة عيلة البكرى كلاياتهم .. يلا يا اخوى
قالها وهو يحتضن اياد ويغادرا منزل جابر الذى وقف يحاول استيعاب تهديد ابن اخيه الصريح لهم بالقتل .
نوڤيلا زوجتي رغم انفك
تقى خالد

نوڤيلا " زوجتي رغم أنفك " حيث تعيش القصص. اكتشف الآن