ما المَصدَرُ ؟؟

679 32 19
                                    

سان دييقو - كاليفورنيا
6:00 am

أيقَظت نسمةُ الهواءِ المتطفلةُ ذاكَ الحالِم الصغير، كانَ ناعمًا ورقيقًا بحيثُ يتَّخذُ من نَسَماتِ الهواءِ مُنبهًا للاستِيقاظ، وهاهوَ ينهضُ ببطئٍ نحوَ الحمامِ ليغسلَ وجههُ الفاتنَ الذي اكتسبَ سُمرةَ شواطِئِ كاليفورنيا الحارّة، ويأخُذَ حمامًا مُنعشًا برائِحةِ الفواكِه، ثمَّ جُزئِيتهُ المفضلَّة؛ مُرطب البشرةِ برائِحةِ الشوكولا، سرَّح ذلكَ الشعر بلونِ الفحمِ للخلفِ بشكلٍ ساحر، وهاهوَ يضعُ القليلَ من عطرهِ الفرنسيِّ العتيق، لا داعي لأيِّ مُجملاتٍ على وجهه؛ عيناهُ التي بلونَ البحرِ مع فكِّهِ المنحوت الذي تفرقت عليهِ بعضُ الشامات، وشفاههُ الورديِّةُ الرقيقة، جمالٌ من الرّبِ طبيعيٌ.

ارتَدى قميصًا قُطنيًا أبيضَ وبنطالاً رياضيًّا وحذاءً بذاتِ اللون، لم ينسى وضعَ الدبوسَ الذي يحملُ اسمهُ إلى جانبِ تخصصه على قَميصهِ بِجِهةِ صدرهِ الأيسر، فلقد منحتهُ الجامعةُ لجميعِ طُلابها، حمَلَ حقييةَ نايك الرياضيَّةَ الرماديَّةَ التي جهزها منذُ البارحة؛ فاليوم أوُّلُ يومٍ جامِعيٍ له، خصيصًا معهدُ الفنون، تناولَ القيتارَ خاصتهُ وخرجَ مِنَ السكنِ بقطعةِ توستٍ محمصةٍ تتدلى من فمه، نظرَ لهاتفه، ما زالت الساعةُ تُشيرُ إلى السابعة.

" جيد، مازالَ أمامي ساعةٌ قبلَ أولِّ مُحاضرة "

جعلَ يتجولَ بالقسمِ ليعرفهُ أكثر، جميلٌ جدًا وعصري، وجدرانهُ امتَلَأت برسوماتِ الطلبةِ السابقين، والزوايا كذلك فيها بعضُ التصاميمِ والتُحفِ من صُنعهم أيضًا، أثناءَ تجوالهِ وجدَ ذاكَ القسمَ الذي ينشدهُ منذُ البداية.

" قسمُ الموسيقى، جميلٌ جدًا "

دخلَ لهُ باستعجال، لتستوقفهُ تلكَ الألحانُ التي تسببت بانقباضِ معدته، لطالما عشِقَ الموسيقى والغناء، ومن شدةِ تعلقهُ بها ينقبضُ جسمهُ بأكملهِ عند سماعِ أيِ لحن، أسرعَ بخطاهُ أكثر نحوَ مصدرِ الصوت، كانَ مصدرهُ قاعةٌ ضخمةٌ مكتوبٌ على مدخلها : " ملاذُ الملاكِ-قاعةُ الموسيقى رقم ٧ "
وااه حالمة خرجت من فمهِ حين دخلها، كبيرةٌ وتصميمها مشابهٌ لقاعاتِ الأوبرا التي يراها في التلفاز، الكثيرُ من الثرياتِ اللؤلؤيةِ الصفراءِ، والمقاعدُ الجلديةٌ بلونِ الكابتشينو التي تصطفُ في مدرجاتٍ فوقَ بعضها البعض، لكن ما لفتَ انتباههُ أكثر، المسرحُ الدائريُ الذي يتوسطها، وتلكَ الهيئةُ الممسكةُ بالكمانِ الذي كانَ مصدرَ الصوتِ الرئيسي، كانَ يمسكُ بالكمانِ بكلّ رقةٍ وشغف، يعزفُ بينما عيناهُ مغلقةٌ وحاجباهُ يتراقصانِ مع اللحن، ضربُ أناملهِ الرقيقةُ على الأوتارِ كانَ حساسًا وناعمًا جدًا، لم ينتبه لمن كانَ قد فغرَ فاههُ يتأملُ عظمةَ المنظر، انتهى من معزوفته ليراهُ أخيرًا واقفًا أعلى المدرجاتِ يصفقُ له، ابتسمَ العازفُ باتساعٍ وأردف :

𝗺ᵃ𝗱𝗲 ᵒᶠ ✯︎ A̶R̶T̶ ✯︎ ||  صُنِعَ مِنَ الفَنِّحيث تعيش القصص. اكتشف الآن