I. أول لقاء

2.6K 6 11
                                    


العاشرة مساءا ، يوم الأحد  ، لم يكن الطقس سيئا بقدر إستياء مريم ، و هي أحدى الطالبات ، تخصص الأداب  ، وربما ذلك كان أحد أسباب بئسها ،تماما كباقي زميلاتها في الإختصاص إذ لم يتجاوز عمرها الإحدى و عشرين لكنها تحمل من الحقد  ما جعل شعرها يبدأ بالتساقط  و وجهها تغرقه الحبوب و العيوب بعد أن أهملته من أجل أن تحقق حلمها في التخرج من الكلية ، و العودة إلى مدينتها ، هذا الحلم الذي تراه يتهاوى أمامها  إثر أن اشترت بالمنحة الجامعية التي تحصلت عليها حاسوبا ، و كلها أمل أن تسهل لها كتابة النصوص  لكن تغيير مخططها حينما دخلت عالم الإفتراضة .

انشأت مريم حسابًا على الفيسبوك ، و سمت  نفسها "مر يومة " كتبتها بلغة الإفرنجية و كأنها سئمت من تكرر إستعمال اللغة العربية داخل حياتها ، و رفضت ان تضع لقبها الحقيقي و اختارت ان تكتب اسمها بشكل منفصل بين الخانتيين حتى لايتمكن احد من التعرف إليـها ،كما اخفت عمرها ، و وضعت صورة لطفل رضيع وجدتها ملقاتًا داخل موقع البحث  .

الساعة الحادية عشر ، تكاثف نزول المطر في الخارج  و عزف سنفونيتًا مرعبةً اثارت في مريم إحساس الوحدة خاصةًان صديقتها التي كانت تشاركها السكن قد  عادت إلى بلدتها ، و لم تستطع مريم ان تلحق بها على إثر قرارات الحكومة الصارمة بشأن حضر التجوال ، كانت  مريم تجهل المواد العلمية إلا ان هذا الجهل كان حافزًا لشيطانها ، كي تغذي مشاعر الخوف من الفيروس ، فتحت مريم صفحتها على الفيسبوك ، إقتربت أنت من الشاشة لترى عددا فاق ما قد تتوقعه من الرسائل و الطلبات ، نظرت مريم نظرتًا فسرها عقلك انها نظرة إعتزاز ، أصابك القرف من المشهد ، رسم لك عقلك المريض صورة كالتي سأرسمها لك انا في القادم من الأسطر  لكن لا تفزع ،مريم لم تكن سوى عاهرة إفتراضية كانت تجد في مجاملات الشبان تحقيقا لذاتها ، إذ انها تظن انّها نكرة خارج هذا الفضاء الوهمي ، لم تحضى مريم طول حياتها بإهتمام  كالذي حضت به هنا ،لا ، أنا لا احاول ان ابرر لها  عهرها لكن أنا أنقل لك الحقيقة بشكل غير مشوه .

- مرحبا ،{رسالةٌ تلقتها مريم من شاب جديد ينضم الي مجموعتها الخاصة من الشبان الذين تختارهم بعناية ، ملبيتًا رغبتها المشتعلة ،دائماً و أبدًا } كيف حالك ؟ 

- شبيك تكتب بالعربي ههه{اجابت مريم بلغة فيسبوكية مطلسمة ببعض الوجوه الضاحكة و القبل }بالك فيلم الرسالة هو هاهاها 

-هاهاهاهاهاهاهاهاهاهاهاهاهاهاهاها{ضحكات مكتومة و مبالغٌ فيها ارسلها  هذا الفتى لمريم التي زرعت داخلها إحساسًا من الأمل في انها لا تزال تجيد إلقاء الدعابات} لا ماني ريتك كاتبة إلي أنت من كلية الاداب قلت نحكي معاك بلغة قريبة ليك  هاهاها.

-وه ، تره برى إرجع أقرى ، كلية الأداب في منوبة  بابا ، موش في قريش {متماديتًا أرسلت مريم هذه البدعابة السيئة التي جرحت كيان الفتى لكنه حافض على هدوئه  فلم يمر على المحادثة إلا بضع أسطر }.

الحب زمن الكوروناحيث تعيش القصص. اكتشف الآن