III . الحقيقة

822 3 2
                                    

اليوم الثلاثاء ، الساعة الثامنة صباحا ، الطقس  أخذ في التحسن ، نهضت مريم على صوت طرق الباب المتواصل و العنيف تزوت ركنًّا من المنزل و ضمت أرجلها في خوف شديد  كنت تنظر إلى جسدها المرتجف  و يداها الباردتان و جسدها الفاتن الشبه عار بشهو ، أخذ لعابك في السيلان ، ولكن نهضت من وهمك على الطرق الذي اخذ في الإزدياد أكثر فأكثر  : إفتحي يا مريم ، صوت رجل خشنٌ جبلي ، قالها بلفظ تونسي بربري لن يقدر عقلك الذي إعتاد اللغة العربية فهمه : حل الباب يا بنتي ! تجمدت مريم من الخوف ، لعله أحد زبائنها الفيسبوكيين تمكن من الوصول إليها  ، تتسائل كيف يفعلون ذلك ، و أنا أيضا ، حصل ذلك من قبل لكن كريمة زميلتها في السكن  إستطاعة تظليلهم بعد تعهد مريم بعدم العمدة لذلك من جديد ، أملتًات الغفران على كذبة بيضاء ، و لكن إنتظر ها هي مريم تنهض من الركن ! ماذا تفعل ؟ إنها ترتدي ملابسها بسرعة ، ما الذي يحصل ؟يبدوا أنها تعرفت على الصوت الخشن ، إنها تفتح الباب بسرعة وتضم ذلك الرجل المعمم أسمر البشرة أخضر العينين   ... يبدوا انك تمكنت ن التعرف عليه ، : إشتقت لك ، كيف تمكنت من القدوم إلى هنا ؟ قالت مريم و الدموع تملأ عينيها ، أجابها : أتيت من أجلك يا بنيتي ، لم أستطع تركك في مثل هذا الظرف  لوحدك ، هيّا إحزمي ملابسك سنعود لل "بلاد" ،تغمغمت مريم  و لكن لم تستطع أن لا تلبي طلب أبيها  نظرت نظرتًا  مفادها الرفض  و لكن حادت  أبتسامتها  و دموعها بينها و بين أن يفهم أبيها رفضها ، حزمت مريم أغراضها  و طبعا كانت أول قطعة وضعتها في الحقيبة هي حاسوبها  ، و قبل الرحيل تركت المفاتيح لزميلتها في السكن تحت بابا الشقة .

في ذلك الحين لم يتمكن نور من النوم ، الى حدود الساعة التاسعة مساءًا،دخل أبيه لكي يسأله عن مكان وضعه لمفاتيح السيارة ، كان نور نائما  و شعره الأسود الفحمي يتدلى فوق صورة أمه التى أغرقتها الدموع  ، دخل  و سار نحوه تماما  محاولا نزع الصورة من تحت يديه و كأن المشهد الذي أمامه مشهد عادي متكرر ،مرددا " ما بال هذا الفتى " لكن  أوقف نور  هرج أبيه صارخًا " اترك صورة أمي !لا تلمسها !"تراجع أباه  مزيننًا خطواته ببعض الشتائم التونسية الكلاسيكية ، ختمها بكلمة  ميـــــــــــبو* و هي شتيمةُ تونسية تساوي نعت خول في المصرية و اللهجات الشرقية ، كلمة يستشيط نور غضبا عند ذكرها ، لكن لم يستطع فعل شيئ سيوى السكوت و الجلوس .

الساعة الثانية بعد الظهر ، عاصفة الأمنيين تقترب  ،  مريم و أبيها لم يخرجوا من المحطة بعد ، الباص مغلق ، و هنالك رجل يسعل بشكل هستيري  مما أضفى الرعب على  الأجواء داخل الباص ، كانوا يجلسان حذو شاب بدى مألوفًا لدى مريم  لعله أحد زبائنها ، لكنها لا تتذكر ذلك الوجه الفتي الجميل ،  أخذت مريم تمد يدها نحو رجل الفتى محاولتًا دغدغتها بشكل لا يفضح عهرها ،  بدى ذلك مغامرة شيقة لمريم ، إذ لم تمر بعهرها من الجانب النظري إلى الجانب التطبيقي إلا الأن ،  ترددت مريم لبرهة ، الخوف  أصبها بالتخدير في كل  أنحاء جسدها المحروم ... ضمت يداها  يدًا فوق يد ، ووضعتهما فوق رجليها  و لكن يبدوا أن الفتى أحس بأنها قد خجلت لبرهة فبادرها نفس السلوك ، احس كلاهما بنشوة  و كأن روحهما هناك في أخر الحافلة تقبلان شفتيهما المحرومتيين  ، رفعت مريم يديها  نحو رأس   عشيقها الجديد    لكن فاجئتها يدان غليضتان تمسيكان بيدها ، إنه  الأب " ما بالك يا فتاة !!!هل ازعجك صوت السعال أيضا ؟ " أجابت " نعم .. أه نعم نعم هذا الصوت يخيفني"قالت ذلك و إستقامت في جلستها هي  وذلك افتى الذي يجاورها .

الساعة الثالثة كان نور قد نهض من على سريره و  أعد قهوة داكنة قاتمة السواد ، سوداء تماما كروحه الظلامية المغضوب عليها ، فتح نور الحاسوب ، وجد عديد الرسائل لكن لفت إنتباهه رسالة بعينها ، من صديقه الذي كان قد  إستفزه البارحة ، رسائل عدة ممحوة ،  رسالة إعتذار و أخرى يسأله فيها أين ذهب ، كتب نر لمحمد يسأله عما حدث ، محمد الذي تكتم و لم يجب ليردف نور لقد غلبني النعاس البارحة أنا  أسف  

محمد : لا عليك أحسست بالذنب من توبيخك  فأردت الإعتذار .

نور: لا علايك إعتدت مثل هذه الرسائل داخل حياتي اليومية

محمد : لا تهتم لها يا جميل  ..منهيًا كلامه بغمزة 

لم يصدق نور ما قرأت عيناه ، فتذكر حينها أنه إستغاث مريم ربما هي سبب غوثه ، فأرسل لها رسالة شكر طويلة ، لكنه سعق بما  وجد ، إذ تركت مريم أكثر من عشرين رسالة لنور تسأله فيها عن الصور و فحواها .

خرجت الحاقلة منذ نصف ساعة من  العاصمة متجهتًّا نحو مقصد مريم و أبيها ، أخرج الفتى العاشق هاتفه الخلوي  دون أن تنتبه له مريم التي غلبها الناس على كتف أبيها ،  بعد بضع كيلومترات إهتزت الحافلة على أثر المرور  بحفرة وضعتها الطبيعة في نية التخفيف من السرعة على أرض  تناستها الدولة ، يبدوا أننا ندخل أنا و أنت دولة أخرى فبين العاصمة و ما نرى  مر ألف قرن على الأقل تبدوا البلدات هنا هاربتًا من سطوة الزمان ، فتكفلت  الطبيعة بها و زرعت حفرا في طريق لعل الناس يحترمون السرعة على أثرها ، إهتزت الحافلة إهتزازتًا قوية مما تسبب في نهوض مريم و سقوط هاتف الفتى من يديه ، أخذت مريم الهاتف لتقدمه لشاب الجديد  أملتًا سماع صوته هذه المرة   و لكن مهلا هي تعرف حساب الفيسبوك هذا ، إنه أحمد ذلك الشاب الذي أصبها بجنون الجنس المرة الفارطة ، يبدوا أن الأقدار تطمح لجمعهما معا ، قدمت مريم الهاتف له ، و أنت و أنا ننظر لعينيين يملأهما الأمل ، نظرت له نظرت عشق و إكبار ، قال شكرا ، فأجابت مريم :

انا مريم .

أحمد : ماذا ؟

مريم : أنا أنا مريم .. من الفيس  بوك ، مريومة أتتذكر ؟ 

كان أحمد يريد أن يقول شيئًا لكن حال بينه و بين ما يريد أن يقول  صوت أخرجه الأب زرع به الإنضباط في الأجواء ، لكن من تعابير وجهه بدى لمريم و لك أنه لا يعرفها ، لكن أدهشك  رأيت يده تزحف كثعبان يريد الإفتراس نحو يد مريم و ضمها ، ماذا يحصل هنا ، يبدوا أن مريم أخيرا ستمر بتجربت حقيقية من الحب  .   

الحب زمن الكوروناحيث تعيش القصص. اكتشف الآن