اليوم الثلاثاء ، الساعة الثامنة صباحا ، الطقس أخذ في التحسن ، نهضت مريم على صوت طرق الباب المتواصل و العنيف تزوت ركنًّا من المنزل و ضمت أرجلها في خوف شديد كنت تنظر إلى جسدها المرتجف و يداها الباردتان و جسدها الفاتن الشبه عار بشهو ، أخذ لعابك في السيلان ، ولكن نهضت من وهمك على الطرق الذي اخذ في الإزدياد أكثر فأكثر : إفتحي يا مريم ، صوت رجل خشنٌ جبلي ، قالها بلفظ تونسي بربري لن يقدر عقلك الذي إعتاد اللغة العربية فهمه : حل الباب يا بنتي ! تجمدت مريم من الخوف ، لعله أحد زبائنها الفيسبوكيين تمكن من الوصول إليها ، تتسائل كيف يفعلون ذلك ، و أنا أيضا ، حصل ذلك من قبل لكن كريمة زميلتها في السكن إستطاعة تظليلهم بعد تعهد مريم بعدم العمدة لذلك من جديد ، أملتًات الغفران على كذبة بيضاء ، و لكن إنتظر ها هي مريم تنهض من الركن ! ماذا تفعل ؟ إنها ترتدي ملابسها بسرعة ، ما الذي يحصل ؟يبدوا أنها تعرفت على الصوت الخشن ، إنها تفتح الباب بسرعة وتضم ذلك الرجل المعمم أسمر البشرة أخضر العينين ... يبدوا انك تمكنت ن التعرف عليه ، : إشتقت لك ، كيف تمكنت من القدوم إلى هنا ؟ قالت مريم و الدموع تملأ عينيها ، أجابها : أتيت من أجلك يا بنيتي ، لم أستطع تركك في مثل هذا الظرف لوحدك ، هيّا إحزمي ملابسك سنعود لل "بلاد" ،تغمغمت مريم و لكن لم تستطع أن لا تلبي طلب أبيها نظرت نظرتًا مفادها الرفض و لكن حادت أبتسامتها و دموعها بينها و بين أن يفهم أبيها رفضها ، حزمت مريم أغراضها و طبعا كانت أول قطعة وضعتها في الحقيبة هي حاسوبها ، و قبل الرحيل تركت المفاتيح لزميلتها في السكن تحت بابا الشقة .
في ذلك الحين لم يتمكن نور من النوم ، الى حدود الساعة التاسعة مساءًا،دخل أبيه لكي يسأله عن مكان وضعه لمفاتيح السيارة ، كان نور نائما و شعره الأسود الفحمي يتدلى فوق صورة أمه التى أغرقتها الدموع ، دخل و سار نحوه تماما محاولا نزع الصورة من تحت يديه و كأن المشهد الذي أمامه مشهد عادي متكرر ،مرددا " ما بال هذا الفتى " لكن أوقف نور هرج أبيه صارخًا " اترك صورة أمي !لا تلمسها !"تراجع أباه مزيننًا خطواته ببعض الشتائم التونسية الكلاسيكية ، ختمها بكلمة ميـــــــــــبو* و هي شتيمةُ تونسية تساوي نعت خول في المصرية و اللهجات الشرقية ، كلمة يستشيط نور غضبا عند ذكرها ، لكن لم يستطع فعل شيئ سيوى السكوت و الجلوس .
الساعة الثانية بعد الظهر ، عاصفة الأمنيين تقترب ، مريم و أبيها لم يخرجوا من المحطة بعد ، الباص مغلق ، و هنالك رجل يسعل بشكل هستيري مما أضفى الرعب على الأجواء داخل الباص ، كانوا يجلسان حذو شاب بدى مألوفًا لدى مريم لعله أحد زبائنها ، لكنها لا تتذكر ذلك الوجه الفتي الجميل ، أخذت مريم تمد يدها نحو رجل الفتى محاولتًا دغدغتها بشكل لا يفضح عهرها ، بدى ذلك مغامرة شيقة لمريم ، إذ لم تمر بعهرها من الجانب النظري إلى الجانب التطبيقي إلا الأن ، ترددت مريم لبرهة ، الخوف أصبها بالتخدير في كل أنحاء جسدها المحروم ... ضمت يداها يدًا فوق يد ، ووضعتهما فوق رجليها و لكن يبدوا أن الفتى أحس بأنها قد خجلت لبرهة فبادرها نفس السلوك ، احس كلاهما بنشوة و كأن روحهما هناك في أخر الحافلة تقبلان شفتيهما المحرومتيين ، رفعت مريم يديها نحو رأس عشيقها الجديد لكن فاجئتها يدان غليضتان تمسيكان بيدها ، إنه الأب " ما بالك يا فتاة !!!هل ازعجك صوت السعال أيضا ؟ " أجابت " نعم .. أه نعم نعم هذا الصوت يخيفني"قالت ذلك و إستقامت في جلستها هي وذلك افتى الذي يجاورها .
الساعة الثالثة كان نور قد نهض من على سريره و أعد قهوة داكنة قاتمة السواد ، سوداء تماما كروحه الظلامية المغضوب عليها ، فتح نور الحاسوب ، وجد عديد الرسائل لكن لفت إنتباهه رسالة بعينها ، من صديقه الذي كان قد إستفزه البارحة ، رسائل عدة ممحوة ، رسالة إعتذار و أخرى يسأله فيها أين ذهب ، كتب نر لمحمد يسأله عما حدث ، محمد الذي تكتم و لم يجب ليردف نور لقد غلبني النعاس البارحة أنا أسف
محمد : لا عليك أحسست بالذنب من توبيخك فأردت الإعتذار .
نور: لا علايك إعتدت مثل هذه الرسائل داخل حياتي اليومية
محمد : لا تهتم لها يا جميل ..منهيًا كلامه بغمزة
لم يصدق نور ما قرأت عيناه ، فتذكر حينها أنه إستغاث مريم ربما هي سبب غوثه ، فأرسل لها رسالة شكر طويلة ، لكنه سعق بما وجد ، إذ تركت مريم أكثر من عشرين رسالة لنور تسأله فيها عن الصور و فحواها .
خرجت الحاقلة منذ نصف ساعة من العاصمة متجهتًّا نحو مقصد مريم و أبيها ، أخرج الفتى العاشق هاتفه الخلوي دون أن تنتبه له مريم التي غلبها الناس على كتف أبيها ، بعد بضع كيلومترات إهتزت الحافلة على أثر المرور بحفرة وضعتها الطبيعة في نية التخفيف من السرعة على أرض تناستها الدولة ، يبدوا أننا ندخل أنا و أنت دولة أخرى فبين العاصمة و ما نرى مر ألف قرن على الأقل تبدوا البلدات هنا هاربتًا من سطوة الزمان ، فتكفلت الطبيعة بها و زرعت حفرا في طريق لعل الناس يحترمون السرعة على أثرها ، إهتزت الحافلة إهتزازتًا قوية مما تسبب في نهوض مريم و سقوط هاتف الفتى من يديه ، أخذت مريم الهاتف لتقدمه لشاب الجديد أملتًا سماع صوته هذه المرة و لكن مهلا هي تعرف حساب الفيسبوك هذا ، إنه أحمد ذلك الشاب الذي أصبها بجنون الجنس المرة الفارطة ، يبدوا أن الأقدار تطمح لجمعهما معا ، قدمت مريم الهاتف له ، و أنت و أنا ننظر لعينيين يملأهما الأمل ، نظرت له نظرت عشق و إكبار ، قال شكرا ، فأجابت مريم :
انا مريم .
أحمد : ماذا ؟
مريم : أنا أنا مريم .. من الفيس بوك ، مريومة أتتذكر ؟
كان أحمد يريد أن يقول شيئًا لكن حال بينه و بين ما يريد أن يقول صوت أخرجه الأب زرع به الإنضباط في الأجواء ، لكن من تعابير وجهه بدى لمريم و لك أنه لا يعرفها ، لكن أدهشك رأيت يده تزحف كثعبان يريد الإفتراس نحو يد مريم و ضمها ، ماذا يحصل هنا ، يبدوا أن مريم أخيرا ستمر بتجربت حقيقية من الحب .
أنت تقرأ
الحب زمن الكورونا
Roman d'amourتختلف قصص الحب في زمن الحجر الصحي و لكن ليس كثيرا فغريزة الشهوة هي الطاغية على كل علاقة . لكن التباعد الإجتماعي خلق عادتًا جديدةً تابعها معي في الرواية جزء كل يوميين