دميان

140 16 22
                                    

اسم الكتاب: دميان
اسم الكاتب: هرمان هسه
جنسية الكاتب: ألماني
المترجم: ممدوح عدوان
طباعة: دار منارات للنشر.

تحكي رواية دميان قصة إنسان وكل إنسان، هي ذلك النوع من الأدب الذي يشمل كل نفس بشرية في كل زمان.

تبدأ القصة بفتى في العاشرة اسمه إميل سنكلير، تحدث معه مشكلة إذ يتعرَّض للابتزاز من قِبَل متنمِّر بسبب كذبة بريئة اقترفها.

من خطأ طفولي صغير تولد كل الحكايات العميقة، ويلاحظ الطفل سنكلير الفرق بين العالم الداخلي الخيرِّ "وكان هذا العالم أليف بالنسبة لي في كل شيء تقريباً _أم وأب، حب وصرامة، سلوك مثالي ومدرسة. عالم من البهاء والنقاء والنظافة..." والعالم الخارجي السيِّء الذي "رائحته مختلفة، ولغته مختلفة، يعد ويطالب بأمور مختلفة... يضم الخادمات والعمال وقصص الأشباح... المسالخ والسجون، السكارى وبائعات السمك الصاخبات، وحكايات عن اللصوصية والقتل والإنتحار".

لكن الجدير بالذِكر أنَّ سنكلير يشعر بإنجذاب اتجاه عالم الظلام ويبدء بالإحساس بعدم الانتماء للعالم الأبيض.

تتفاقم مشكلته مع المتنمِّر إلى أن يأتي ماكس دميان الذي كان الخلاص للطفل سنكلير ويريه ما لم يراه من قبل، ويكشف له عن حقائق جديدة فيضطرب وتتعكر صفوى روحه البيضاء "لقد أُلقي حجر في البئر، والبئر هي روحي الفتية".

يمر سنكلير بمرحلة البلوغ وتهيمن عليه أفكار عديدة عن الدين، العيش، الجنس، وغيره. ويبتعد لمدة عن دميان إلا أنه يبقى يشعر في داخله أنه مدين له، ويبقي لديه شعور أنه و دميان مترابطان أبداً.

وبالفعل يعود الحديث بينه و دميان ومجدداً ينفث الأخير أفكار مختلفة وخارجة عن المألوف الذي اعتاده المراهق سنكلير فتذهب آخر ما تبقى في روحه من طفولة، ويغدو الفتى البالغ في مواجهة الحياة برؤية جديدة أكثر وضوحاً وهمجية وفوضى في آنٍ معاً.

ينغمس سنكلير في نفسه ويبدء في التغيُّر نفسياً وجسدياً حتى يخرج من البيضة بشكل كامل _حيث البيضة تمثِّل العالم الأبيض الاعتيادي_ ويصبح شبيهاً لحدً ما بدميان ذلك الرفيق الغريب الاستثنائي الذي كان خلاصه ومرشده وشيطانه على طوال الطريق.

بسِمة "دميان" الكونية حملت قصص وليس قصة ومعانٍ وليس معنى.
قد تكون قصة رحلة بحث عن الذات، أو الصراع الأزلي بين الخير والشر، لكنني أراها قصة تحوُّل ونضوج واكتمال.

أرى أنَّ ماكس دميان رمز لسنكلير الناضج تماماً ومع هذه الرؤية تستطيع أن تفهم لماذا تنتهي القصة بحديث إميل عندما ينظر لنفسه في المرآة ويخبرها كم يشبه دميان:
"ولكن حين أعثر على المفتاح، أحياناً، وأتعمَّق في نفسي حيث تسترخي صورة قدري في المرآة المعتمة لا يكون عليَّ إلا أن أنحني فوق تلك المرآة لأتأمل صورتي، وقد أصبحت الآن تشبهه شبهاً تاماً؛ تشبهه هو، أخي، وسيدي".

وكذلك عندما قال:
"كان بدائياً، حيوانياً، رخاماً، جميلاً، بارداً، ميتاً، لكنه سر مليء بحياة خرافية ولا شيء حوله إلا هذا الخواء الساكن".

ومما يزيد عظمة هذه الرواية أن تحمل الكثير من الثنائيات أو الازدواجية كالخير والشر، الوعي واللاوعي، البقاء والفناء، النور والظلام، الذكر والأنثى، النفس والجسد وغيرها.

وأخيراً هناك فكرة قد تكون غير واضحة لكنها موجودة وهي تقبُّل الذات أو تقبُّل النفس البشرية بخيرها وشرِّها فقد رأى دميان أن المسيحية تحقِّر جزء مهم من الإنسان وهو الجنس وتتفاداه، وأيضاً حاول سنكلير الاندماج مع القطيع ولأجل ذلك كذب الكذبة لكن لم يكن قدره أن يكون كالبقية بل أن يكون استثنائي.

البعض قال عن رواية دميان أنها تحمل أفكاراً ملحدة لكن سنكلير لم يكن ينكر وجود الرب بل على العكس تماماً، هو فقط مؤمن بطريقة مختلفة ذلك الشاب الذي فقط أراد العيش وفق دوافعه الداخلية.

كاتبة المراجعة: Boo_1300
المدقق اللغوي: Crow_bro

مراجعات لكتبحيث تعيش القصص. اكتشف الآن