روح تسكن هذا الجسد

5 1 0
                                    

اليوم الخميس العاشر من ابريل، مرت الشهور ولا أذكر تفاصيل مرورها، فالايام تتكرر ولا أدري ما بي، قبل شهورٍ كنت شخصاً آخر والآن أنا شخص آخر ولكن أفضل..
لازلت علي اتصالٍ بأصدقائي أعتقد ذلك فأنا أراهم كثيرا - أو من جعلهم هو أصدقائي- ولازلت أصادف العامل كل صباح، ولاحظت اختفاء حارس الأمن، ها قد اكتسبت قدرات جديدة علي الملاحظة، ولازلت علي اتصالٍ بأمي فهي لا تفارق قلبي.
أستيقظ كل صباح وأعود كل مساء مليئة بالهموم ولا أدري من أين تأتي الهموم، ليالٍ في تذكر صديقي وحياتي وليالٍ في لومه فلما لا يحاول ألا أستحق مرةً أخري؟ وليال أتخيل فيها مستقبلي وانا أسير في نفق أشعر بظلامه ويلوح في أفق نهايته ضؤ
وفي أحد الأيام وأثناء سيري في طريق عودتي إلي وطني - فالمنزل هو الوطن- يلقي عليا التحية، أشعر بهدؤ مرعب هل أنا أحلم؟ هل يقصدني؟ لم استطع التركيز فضربات قلبي تتسارع حتي يكاد من يسير حولي أن يسمعوها ولم يكونوا قلة فالكثير حولي وأمامي ، وفي لحظتي التالية قلت "مرحبا"، لا اعلم هل كان يقصدني حقاً؟ هل اخطأ؟ كنت موجودة كل تلك الشهور ولم تصبني نظرة منه، ولا نظرة واحدة، والآن يلقي التحية؟ عدت إلي منزلي كعادته فارغ لا حركة لا ضؤ لا طعام ولا حياة به، ولكن هذه الليلة أرقّ نومي التفكير في ما سيحدث في الغد وما ستكون ردة فعلي وردة فعله، ماذا سيخبرني وماذا سأخبره، نسجت آلاف الحكايات في عقلي وحضرت كلماتي، سألقي عليه التحية وأدعه يتحدث أولا ثم سأعتذر، سأعتذر حتى تنتهي كلماتي سأعتذر وأتمني ألا تستوقفني دموعي...
لم اشعر بنفسي إلا في صباح اليوم التالي، أسرع واغسل وجهي وأرتدي ملابسي، أسرع في طريقي، تمر ساعة ثم الأخري وأشعر أنها دهور لا ساعات ينتهي اليوم وها الساعة الخامسه وقت غروب الشمس... انتظره في الخارج، أشعر بأنَّ قلبي سيتوقف لا بل توقف أراه ويبدو أنه لا يلاحظني ناديت باسمه لم يستمع، سرت خلفه وناديت مره أخري، ينظر خلفه للحظه ويكمل مسيره كأنه لا يراني، ماذا يحدث؟ هل يتجاهلني؟ هل يحاول ان يقتل أمله وأملي الأخير؟ يبدو أني سأنفجر من الغضب.... أسرعت وسابقت خطواته ثم استجمعت كل ما بي من شجاعة و وقفت أمامه ونظرت في وجهة أخبره "لماذا تحاول تجاهلي، انا أعتذر، أعتذر عما فعلت، قد لا تتاح لي الفرصة مرة اخري، ولكني أعتذر، أريد كل شئ أن يعود لسابق عهده، أريد أن أستيقظ كل يوم وانا أشعر بالحياة أريد دعوتك بالاحمق مرة أخري أريد ألا أشعر بالوحدة، أريد أن نعود أصدقاء".... يا إلهي لم يُبدِ أي مشاعرٍ ولم ينظر في عيني؟ لا زال ينظر إلي الأفق ولكني أرى دموعه وألاحظ حركة شفاهه.. ها هو سيتحدث..
"لا أدري كيف مرت الأيام يا صديقتي، ربما لا تعلمين وربما لا تستطيعين سماعي في قبرك ، ربما كنتي قاسية في آخر مرة ربما أشعرتيني بالحزن ولكن لم يمر يوم واحد دون التفكير فيكِ، لم يمر يوم واحد دون أن أتذكر لحظاتنا وضحكاتنا ولا زلت اتذكر أول يوم قابلتك فيه، ويوم أعددنا المشروع، وأحاديثنا اليومية في الثامنة، أتمني أن تسامحيني ليس لأني أخطأت بل لأنك عشت وحيدة في آخر أيامك قبل انتحارك في العاشر من ابريل، أتمني أن تحمل لكي أشعة الغروب كلماتي قبل أن تأوي الشمس هي الاخري لقبرها، أتمنى لو تعلمين أنك لازلتي تحيَيْن في قلوبنا وفينا للأبد" ثم أكمل طريقه حتي اختفي عن أفق بصري ....

لقد وصلت إلى نهاية الفصول المنشورة.

⏰ آخر تحديث: Apr 09, 2020 ⏰

أضِف هذه القصة لمكتبتك كي يصلك إشعار عن فصولها الجديدة!

"روح تسكن جسدَ مُراهقة" حيث تعيش القصص. اكتشف الآن