Forever

1.1K 142 153
                                    

بسـم اللـه الرحمن الرحيم
~~~~~~~~~~~~~

" أبي أرجوك العبْ معي قليلًا، أرجوك " .

للمرةِ الألف أعتقدُ قاطعَ إنشغالي بتصميمِ هيكل أحدِ الأبراجِ صوتهُ المُلِح جاعلًا منّي أتنهدُ بنفاذ صبرٍ قبل أن ألتفتْ لَه مُتحدثًا بصرامة " تايونغ دعني أُنهي عملي أولًا، لا تكن فتًا سيئًا " .

صمتَ لِبُرهة و عيناه الصُغيرة تُطـالعُني بلمعةٍ حَزينة قبل أنْ يردّ بنبرة طفولية مُختنقة دلالةً على كونهِ سيبكي بعد ثوانٍ " عملٌ ... عملٌ، ألا ينتهِ هذا العمل؟، فلتلعب معي قليلًا أبي ...

انزلقتْ دمعة يَتيمة من عينهِ قبل أنْ يُكمل " اصنعْ معي بعض الذكريات قبل فواتِ الآوانِ " .

و كانتْ تلك الجملة كالصفعةِ سَاحبةً إياي عشر سنينٍ للوراءِ حيثُ كنتُ وحيدًا و ضـائعًـا أبحثُ في ذاكرتي عن ذكرى واحدة لِي مع أفرادِ عائلتي لينتهي بي الأمر مُكتشفًا أنني لَمْ أهتم حينها بصنع أي ذكرى نظرًا لإنشغالي في صنعها مع أصدقائي، و كانتْ تلك غلطتي الكُبرى التي لَنْ أسامحَ نفسي عليها ما حييت، تلك الذكريات كانتْ حقًّا ستهوّن الكثير من الألمِ و الحزن عَلي، و لكنِّ دَفعتُ ثمن غلطتي و انتهى الأمـر.

لَمْ أعِ حتّى أنّ دموعي قد تكونت مُنذرةً بالتحررِ في أي لحظةٍ إلا عند شعوري بيدِ صَغيري تايونغ تُمسك بأناملي هامسًا بِ'أبي'، بِرُؤية مُشوشة إثر الدموعِ نظرتُ لَهُ قبـل أنْ أشهقَ ساحبًـا إياهُ لِأحضاني، لففتُ ذراعي حوله بقوةٍ و كأنّه سيتلاشى في أي لَحظةٍ، غرستُ وجهي في تجويفِ عنقه الصَغير حتّى لا يسمع صوت بكائي و لكن عبراتي التي حطتْ على بشرتهِ تولتْ مهمة إعلامهِ، حاجتي لِعناقه فاقتْ حاجته، كلماته تلك أيقظتْ ما نامَ داخلي منذ سنينٍ عِدة.

تذكرتُ عائلتي ... أمي و أبي و إخوتي، هُم لَمْ يغبيوا عن بالي يومًا، و لكن كلماته ذكرتني بِغلطتي في الماضِي، لَمْ أصنع معهم ذكريات كَافية لِتُؤنسَ ألمي و وحدتي خاصةً في فترة ما بعد رَحيلهم، كنتُ غبيًا لأعي بأنّ تلك الذكريات لَمْ تكُن لِتُفيدَ أو تُسعدَ أحدًا غيري، أنا مَنْ كنتُ في حـاجةٍ إليها أكثر منهم.

" أبي أنا أموتُ هُنا " .

صدرَ صوت صغيري تايونغ و الذي أوشكَ على الإختناقِ بالفعل إثر عناقي القوي لَه، سريعًا أزلتُ دموعي و آثارها بأناملِي قبل أنْ أبتعدَ عنه لأُجلسـه على قدماي مُتمعنًا النظر في وجهه المُشَابه لخاصتي أو بالأحرى خاصة أبي، بطريقة مَا أشعرُ بأنّه عائلتي .... بِأنّه فُرصتي الثَانية بعد أنْ رحلتْ الأولى، هو نتيجة تحمل عقابي القاسي في الماضِي، و كأنّ الله منحني إياه كـنعمةٍ بعد سنين من العذابِ، و بكلّ صدقٍ لَنْ أكرر خطأي ثَانيةً، لَنْ أفرطَ في هذه الهبة كما فعلتُ سابقًـا.

العَـائـلة || چيون چونغكوكحيث تعيش القصص. اكتشف الآن