حياةُ الصِلصال

52 7 4
                                    

اوووه! هذه الصورة لا تتبع إرشادات المحتوى الخاصة بنا. لمتابعة النشر، يرجى إزالتها أو تحميل صورة أخرى.

♡♡

اوووه! هذه الصورة لا تتبع إرشادات المحتوى الخاصة بنا. لمتابعة النشر، يرجى إزالتها أو تحميل صورة أخرى.

ما زالت الحياة كما عاهدتها (ذَاتْ) قبل عدة سنواتٍ من الآن؛ لا فرق سوى في أحداثُ العالم المروعة وبشاعة أمريكا في دعمها للكِيان وجشعها في انتهاك كل ما هو مُحرم ومعهود.

(ذَاتْ) ترى الحياة كقطعة صلصال، كلما قررت نحتها وتشكيلها- تتوه في التفاصيل حتى تُخطئ؛ ثم تُعيد الكرة.

مرارًا وتكرارًا.

مرت السنوات، و (ذَاتْ) ما زالت تنحتُ من صلصال الحياة روتينًا تعهده- لا تدري إن كان سيُفسدُ كما يَحدث كُلّ مرةٍ، أم أنها تحتاج إلي يدين جديدين؛ وفي تلك الحالة كُلّ ما تراه في حَياتها هو عَدم الرِضا بما كانت تَطمحُ إليه.

لم تُحقق شيئًا جديدًا في حياتها. الأيامُ تمضي وتأخذُ من عُمرها ربيعٌ يخلفه خريف يعقبه الصيف والشتاء.

لا عمل ترتزقُ منه، ولا موهبة تستمتع بها ولا حتى رجلٌ أحمق تقع في حبه مثل الأخريات؛ لا. كُل من حَولها تقدم في حياته بخُطوات بعد التخرج. (ذَاتْ) ترى ذلك من فخرهم بالحديث عن انجازاتهم حتى وإن كانت سخيفة جِدًا؛ كالزواج مثلاً. ولو أن الزواج منحوتة الحياة المثالية للكثيرات في هذا الجيل- البعض منهن لديه منحوتاتٍ أُخرى. كوظيفة الحُلم التي تُكسبُ المال وأسلوب حياةٍ رياضيّ ينتفعن به ومشروع العُمرِ الصغير وبالطبع؛ الزوج المثاليّ، الداعم لكُلّ منحوتٍ صغير في حياتهن.

(ذَاتْ) لم تملك سوى مشاهدة كُل تلك المنحوتات الصغيرةِ منها والكبيرة وكأنها في معرضٍ للحياة. وما زال صِلصال حياتها طريًا غير مُشكلاً في يدها، كُلّ ما يفعله هو تَلطيخ يدها بالوحل- لا تملك الفخر في أي شيء؛ إنها تائهة ومشوشة ومُحطمة من الداخل بقدرِ وحلِ يدها.

(ذَاتْ) تُؤمن بأن حَياتها مِثلها تمامًا! تِلك الكُتلة مِن الصِلصال عَديمة المَهية تَعكسُ ما في دَاخلها- لا ألوانَ تَمزجها بها. رمادية اللون، باهتة، لا قِيمة لها.

تتسائل (ذَاتْ) كُلّ يومٍ عن ماهية حُلمها تلك السنة- وقطعة الصلصال تلك المتروكة في زاوية رأسها، تُقلبها يدًا بيد ولا تَقدِرُ عَلى آخذِ قَرار!

تَتسائل في أحيانٍ عِدة عَن سَبب الحياة إن كَانت عَجِينةُ الصَلصَال لا مَنفعة مِنها. مَن يَريد أن يتأمل حياتها- سوى للضَحك والسُخرية؟

الكَثير مِن صَديقات مدرستها قد نسينها. لا يَكترثون إن كانت على قيد الحياةِ أم لا. لم تَعد هناك دَعواتٌ لها لحَفلات الزِفاف أو الخُطبة أو حَتى أعيادُ المِيلاد- يَدعونَّ بعضهمُ البعض لتَقضية الواجب وهي آخر من يَعلم عن أي شيء. يهملون ما تفعله وينسون أنها شاركت يومًا من الأيام- ساعاتٍ وأوقاتٍ وذكريات معهن؛ قد ضحكن سويًا وتعاهدن على الكثير معًا.

لم يعد هُناك ما يجعلها تحثُ على الحَياةِ كالأُخريات؛ فراغٌ عجيب يملؤ قلبها ويلتهم ما تبقى من شعورٍ إلا العجز. تلك العجينُ الطرية بدأت تأخذُ صُلبًا على هيئة اللا شيء. آثارُ قبضتها على الصَلصَال بدأت ترخو شيئًا فشيئا.

تجلس (ذَاتْ) على حافة الضياع في شرودٍ تام وتأرجحُ أقدامها، تتأمل صَلصَالُ الحياةِ وتسأل ربها إن كانت تُستثنى في بشاعة منحوتتها، أم أنه يعرفُ قدرًا لا تُبصره بقلبها تلك المرة؟

هي لا تعلم، فَفي رأسها- (ذَاتْ) مازالت تَبحث على ذَاتِها.

يومياتُ بجعةٌ سَوداءحيث تعيش القصص. اكتشف الآن