الفصل الأول

86 10 0
                                    

يوم الخميس السادس من اغسطس الساعة الثانية ظُهراً تحت أشعة الشمس الحارقة مشى الأصدقاء الثلاثة متعبون منهكون كجنود مهزومين في معركة ونجى منهم الذي نجى. العرق والتعب يغطي وجوههم وملابسهم فهم كالعادة يوم الخميس يهربون من المدرسة للذهاب الى الملعب لكي يلعبوا  كرة القدم وقد افرغوا كل ما لديهم من الطاقة التي يحملوها في اللعب وكذلك انفقوا ما لديهم من اموال  لدخول الملعب وقد اخذ منهم التعب مأخذا واستمروا في مشيهم الرتيب ، رأوا بائع سندوجات جوال وتمنوا لو كانت لديهم نقود للإسكات بطونهم التي تتضور جوعاً فكر محمد بسرقة سندوج من يد البائع والهرب ولا يتوقع ان يلحق بهِ هذا العجوز، وفكر رياض بضرب البائع و يأخذ ما يستطيع أخذه ، أما وائل فقد فكر بافتعال مشكلة و احدهما يسرق جزء من السندوجات وبعدها يتقاسمونها فيما بينهم ، ولكن لا احد منهم يجرؤ على قول الفكرة للأخر . استمروا في مشيهم فرأوا في الناحية الاخرى ثلاث فتيات يمشين يبدوا انهن خارجات من المدرسة نظروا اليهن فوجدوا في ايديهن سندويشات نظر أحدهم الى الاخر،

قال وائل: - أنا اعلم ماذا وراء هذه النظرة لنترك الأمر ونذهب الم تتعظوا من حادثة الاسبوع الماضي حين نزعت البنت الشقراء حذائها وضربتنا به وأهانتنا وسط الشارع وجعلتنا أضحوكة للناس.
قال رياض: - نتذكر نتذكر كف عن الوعظ والارشاد هل تذهب معنا؟
قال وائل: - ما باليد حيله لنذهب.
مسحوا العرق من جبينهم وعدلوا ملابسهم وذهبوا وراء الفتيات الثلاثة كان الجو حار جداً يرتدون الزي المدرسي قميص أبيض وبنطرون اسود الا وائل كان يرتدي بنطرون رصاصي، الفتيات ايضاً يرتدين صداري
مدرسية احداهن ترتدي صدرية سوداء والاخريات ذات لون نيلي، بدأوا بالمشي خلفهن فأسرع محمد
وقال لهن: - عفواً آنساتي هل مدرستكم تقيم بازار؟ فأجبن اثنين من الثلاثة بابتسامة نعم نعم نحن نقيم بازار،
قال محمد: - هل يسمحون لنا بالدخول ؟!
فاجبن وعلى شفاهن ابتسامة عريضة، نعم بالتأكيد فالدعوة عامة للجميع يوجد الكثير من الاشياء الجميلة، قال: -هل يوجد "قراصات"وحاجات للبنات فأختي طلبت مني شراء حاجة لها ولكن لا اعرف وليس لدي خبرة بهذه الامور هل تساعديني؟
فأجابت احداهن نعم بكل سرور. كان رياض يقف بجانب محمد ويملئ وجهه ابتسامة عريضة اما وائل فقد كان صامتاً يفكر ببطنه وكيف يسكتها.
قالوا لنذهب جميعا للبازار،
فأخذ كل واحد منهم فتاة واستمروا بالمشي الى البازار وكان رياض ومحمد مندمجين في الحديث كلٌ منهما مع الفتاة التي يمشي معها الا وائل ظل صامتاً ولا ينظر حتى الى الفتاة التي يمشي معها وبقيت هي ايضا صامته طوال الطريق لان البازار ليس داخل المدرسة وانما في حديقة بقربها. وصلوا الى هناك لم يتفرج وائل على الاشياء المعروضة فقد كان يتضور جوعاً. جلس على احد المقاعد في الحديقة وجلست الفتاة بقربه وظلا صامتين ، اخرجت الفتاة من حقيبتها سندوج وقربته من فمها ثم تراجعت قالت له تفضل ، فخطف السندوج من يدها واكلهُ بنهم ، بقيت تنظر اليه بتعجب ،
وقالت له هل انت جائع لديَّ المزيد وأخرجت له سندوج اخر, كان اخر ماليها فأخذه واكله ايضا ، كأن الحياة ردت اليه اعتدل في جلستهُ لكن ظل صامتاً لا يتكلم لا يهتم لها وكأنها جدار ،
قالت له أتعلم اني لم أكن راضية ان نمشي معكم ولم امشي مع شباب من قبل لكن صديقتاي أجبرني على هذا, انتبه اليها واستغربَ من كلامها ادار رأسه اليها وبدأ ينظر اليها كانت جميلة ذات بشرة سمراء عيناها واسعتين ذات لون اسود متوسطة الطول و نظرت اليه كان وائل طويل يمتلك ملامح ليست بجميلة لكنها جادة توحي بالراحة والطمأنينة عندما تنظر الى عينيه ترى طيبة قلبه وصفائه وهذا ما احسته معه ، نهضت من مكانها وقالت:-
يجب عليَّ ان اغادر تأخر الوقت كثيرا واهلي سوف يقلقون عليَّ فأمسك بيدها  ونظر الى عينيها بدا و كأنه يحضنها بعينيه ويقبلها .قال لها
لم تخبريني باسمك؟ قالت سناء . وسحبت يدها وذهبت الى صديقتيها وسحبتهما ورحلتا،
جاء رياض ومحمد يضحكان ويسخران،
قال محمد: - الا ترون كم نحن محظوظون أكلنا ببلاش واشترت لي ببلاش وجلسنا مع حوريات ببلاش.
قال رياض: - لقد واعدتها ان نلتقي غداً.
اما محمد فقال لقد أعطتني رقم هاتفها وسوف أتصل بها في الليل يبدو ان الليلة لا يوجد نوم وهو يضحك، وانت يا وائل ما اسم فتاتك؟
تردد وائل في الاجابة وقال لم تخبرني باسمها كأنه أحس بانها شيء يخصه ولا يجوز لاحد ان يطلع عليه، قالا الم تتفقا على موعد؟ بقي صامتاً كيف فاته الامر كيف لم يطلب رقم هاتفها او على الاقل يسأل عن سكنها. خرجوا من الحديقة كجنود منتصرين من المعركة ظل محمد ورياض يضحكان ويلقيان النكات الا وائل ظل صامتاً غارق في التفكير من اين اتت هذه الفتاة فقد التقى بفتيات عده وعاكسَ كثيرات لكن هذه المرة مختلفة يشعر بشعور غريب اتجاه هذه السمراء ذات العيون الواسعة. عاد الى البيت والقى بنفسه على السرير شعرَ وكأنه طائر في السماء يطير بخفة غمرته سعادة وشعور لم يشعر من قبل ظلت صورة سناء في عقله وابتسامتها الهادئة ونظراتها الدافئة لا تفارق مخيلته.

القلادة حيث تعيش القصص. اكتشف الآن