مر أسبوع على الحادث ، أمضته مارلين عند والدتها محاولة الهروب من تأنيب الضمير الذي نشب أعماقها ، و بينما كانت تحاول النوم وردها اتصال من كاتب المدير لكنها لم تجب و قررت أنها ستذهب غذا للسجن لتعلن خبر إستقالتها , أمضت ليلتها تتقلب في الفراش ، لم يزرها النوم ، كانت تفكر في كل يوم أمضته في مكتبها الجديد مع السجناء و كيف حاربت من أجل مارت ، و كان هذا الاخير هو السبب الأول في ترددها حول مسألة الاستقالة , لا تريد تركه لأنها شعرت بمدى إحتياجه لها , لكنها لا تستطيع إتمام عملها وكان شيئا لم يكن ، وقد تغير منظورها تدريجيا للوضع فلطالما ظنت بأن ما يحتاجونه هو فرصة للعلاج لكنها أدركت بأن انعدام تلك الفرصة هو ما يبقيهم على قيد الحياة
في صباح الغذ عزمت على الذهاب للسجن لتحدث مع المدير حول مسألة تركها للعمل ، ما إن وصلت لباب السجن حتى لاحظت أن شيئا ما قد حدث خلال غيابها فقد تضاعف عدد الحراس و برفقتهم عناصر من القوات المسلحة ، أسرعت لغرفة المدير حيث اسطف الكثير من الحراس ، أفسحو لها المجال لتذخل إليه ، و على ما يبدو لم يلحظ وجودها فقد كان منشغلا في التحدث عبر الهاتف و قد استطاعت أن تفهم من خلال كلامه أن تمردا قد حدث ليومين متتالين في السجن ولم يستطيعوا إيفاقه الا بعد تذخل القوات العسكرية ، جلست مارلين تنتظر إنتهاء مكالمته ، جلس هو الاخر واضعا سماعة الهاتف بعنف .
_ سيدة مارلين , إتصلنا بك ليلة البارحة لكنك لم تجيبي على المكالمة ، قال بصوت غاضب
_ كنت نائمة
_ نائمة عند الساعة الثامنة مساءا ! أليس كذلك !
_ أجل ، قالت بإختصار
_ كنت سأحاسبك على تغيبك الغير المبرر لكن لا وقت لدي ،
_ سيدي المدير ...
قاطعها قائلا
_ ستتجهين للمستوصف حالا , هناك مئات الجرحى جراء التمرد ، يحتاجون المساعدة
_ كيف حصل ذلك !
_ إذهبي الان و أنقذي من تستطيعين ، نتحدث لاحقا
لم تستطع مارلين قول شيء غير قبولها ذلك ، فالوقت ليس مناسبا للانسحاب او مناقشة أي شيء
خرجت نحو المستوصف ، كان مكتظا بالجرحى يجري الطبيب هنا وهناك وكذا الممرضتين ، توقفت مارلين للحظة في حالة صدمة بعدها أسرعت نحو أحد السجناء وقد بدى نصف مغمى عليه و قد قطعت كلتا يداه ، حاولت تهدئته و تنظيف الجروح التي تكسو وجهه
_ أين يداك ؟
لم يجبها فصرخت لإحدى الممرضات
_ أين يداه ؟
_ لم نجدها قالت ببساطة
اعترها الغضب و الحزن في آن واحد
أمضت يومها في الجري بين سجين و أخر محاولة اللحاق بأكبر عدد ممكن ، خارت قواها وانسحبت هي و الممرضتان و بقي الطبيب يتفحص بعض السجناء المتبقيين ، إستلقت ذاخل المكتب بعياء وبجانبها الممرضتان
_ عملت بجد ، لولاك لما إستطعنا إنقاذهم
نظرت مارلين نحوها بإبتسامة عفوية
_ و أنتما أيضا ، قمتما بعمل رائع
_ رغم عملك كطبيبة نفسية لا تزال يداك سريعة في أمور الاستعافات و الجراحة
_ أجل , لطالما كانت يداي كذلك و أظنني سأعود لعملي كطبيبة عامة
_ حقا !
_ ربما ، أخبراني من تسبب في التمرد و كيف حصل ذلك ؟
_ من حسن حظك ، انك لم تتواجدي في الوسط ذلك اليوم ، و كأن حربا إندلعت في السجن ، لقد ارتعبنا كثيرا , و حاولنا الاختباء ذاخل المستودع أملا ألا يعثر علينا السجناء ، لا تستطيعين تخيل ما حدث ، لقد نجونا بأعجوبة
_ وكيف خرج السجناء من زنزاناتهم ؟
_ لم نعرف بعد ، لكن يقولون أن أتباع مارت هم من تسببوا في ذلك ، و أن مارت هو العقل المدبر ، اه ! إنه شرير بقدر وسامته
ضحكتا الممرضتان بينما إكتفت مارلين بالنظر إليهما
_ وهل كان مارت أيضا ذاخل النزاع ؟
_ بالتأكيد ! حتى أنني متأكدة بأنه من سبب في تحطيم رؤوس هؤلاء
_ إنه قوي جدا ! قاطعتها الممرضة الاخرى بنبرة حالمة
_ لقد تأذى أيضا ، لكن المدير منعه من تلقي الرعاية الطبية
ذهلت مارلين
_ هل تأذى مارت ؟ و أين هو الان
_ أجل سمعنا أنه تأذى أيضا
عاودت مارلين سؤالها
_ أين هو الان ؟
_ ذاخل المنفردة
أسرعت مارلين بحمل حقيبة إلاسعافات الأولية و هرولت نحو الزنزانات ، منعها الحراس من الذخول لكنها أصرت على ذلك , وهددتهم بأنها سترفع قضية ضد السجن بسبب تعسفه على حقوق السجناء ومنعهم من تلقي الرعاية الطبية ،
ذخلت مارلين الى مارت و قلبها ينبض بسرعة ، تدعي الله أن لا يكون به مكروه ، لاحظت أن الحراس يتبعانها فأمرته بصوت صارم بأن يتركوها وشأنها ، كان مارت مستلقي على سريره , فتح عيناه نحوها , فابتسمت إليه
_ أنا آسفة ، لم أكن أعلم أنك تأذيت ، ما كنت تركتك كل هذا الوقت
نظر إليها مطولا بجمود
_ هل بإمكاني إلقاء نظرة على جروحك ؟
اقتربت منه ببطئ ، و أخرجت من علبتها قطن و قفازات طبية وشاش طبي ،
_ أتريد مهدئا ؟
حرك رأسه بمعنى لا
_ هل بإمكانك خلع قميصك ، لألقي نظرة على الجرح ، ظهرك ينزف
لم يعطي أي رد فعل
_ أرجوك مارت ، دعني أتفحصه
إقتربت إليه أكثر و مدت يدها لتساعده في خلع قميصه ، أحست بحرارة تتدفق لوجنتيها وتمنت أن لا يلاحظ ذلك ، عضلات بطنه البارزة و عضلات يده المتصلبة ، ضهره المشدود ، ظلت تتأمل في جسده ، بينما تنظف الجرح ببطئ ، و كأنه أحد أبطال الأساطير القديمة
_ سأقوم ببعض الغرز ليلتئم الجرح , أتريد مسكنا ؟
_ لا
_ حسنا ! إن شعرت بألم أخبرني لأتوقف
انتهت من التغريز ، التفت نحوه ، ملامح لا تزال باردة و كأن السيلات العصبية لا تعمل لديه ،
_ هل لديك ذخل في ما حدث ؟ سألته رغم معرفتها للجواب
_ بطريقة ما
_ لما فعلت ذلك ؟ لما دائما تتصرف بعنف ؟
_ ربما كيمياء ذماغي كذلك
_ لكن يمكن أن تتغير ! صمتت لمدة وأضافت أتريد أن تتغير ؟
لم يجبها فغيرت الموضوع قائلة
_ سأنظف الجرح قرب عينيك
أمسكت ببعض كرات قطن نظيفة ورفعت يدها لتنظف جرحه ، لكنه أمسك يدها ، كانو قريبين لدرجة أنها كانت تستطيع سماع صوت أنفاسه المتضاربة وهو يستطيع رؤية نبضها المتوتر في شريان عنقها ، سحبها لتلتصق به ، وقبلها بعنف ، تركها بعدما كانت على وشك أن تنخنق ، لم تستطع النظر إليه أو قول أي شيء ، حملت علبتها و انصرفت مرتبكة
ما إن ابتعدت عن زنزانته ، حتى وقفت واضعة يدها على قلبها ، نبضه لا يزال مسرعا ، أخرجها من شرودها صوت نائب المدير خلفها ، أخبرها بأن المدير يريد رؤيتها ، تبعته للمكتب ، بدى على وجه المدير شيء من الارتياح على عكس ما بدى عليه صباحا
، أشار لها بالجلوس
_ لقد أثنى الطبيب كثيرا على جهدك من أجل إسعاف أكبر عدد ممكن من السجناء ،
_ قمت بواجبي
_ وجد الطبيب ورقة تزعمين فيها طلب الاستقالة موضوعة فوق طاولة المعدات الطبية ، أتنوين ذلك سيدة مارلين ؟
شعرت بإرتباك شديد وقالت
_ لا أنوي ترك السجناء في هذه الظروف ، سأقرر بعد امتثالهم للشفاء
_ إنه قرار متعقل ، يمكنك الانصراف الان و أخذ قسط من راحة
اتجهت مارلين نحو المستوصف لأخذ حقيبتها و العودة للبيت , وجدت الممرضة لا تزال ذاخل المستوصف فسألتها بلطف
_ ما الذي يبقيك للأن هنا ؟ ظننتك رحلتي منذ مدة
_ كنت أخطط لذلك ، لكن المدير طلب مني إخراج الملفات الطبية للسجناء المتوفيين
عادت للخزانة تبحث عن بعض الملفات المتبقية
_ أيزال أمامك الكثير ! أتريدين بعض المساعدة ؟
_ أشكرك , لكنني انتهيت تقريبا ، لا يزال أمامي فقط ملفين
تفحصت مارلين بفضول الملفات أمامها ، كم من المؤسف أن تكون نهاية الشخص ذاخل سجن ، أن يعيش أخر لحظاته ذاخل زنزانة ضيقة لا يصلها ضوء الشمس ، وقعت عيناها على ملف ادوارد فانغرز شيء ما في قلبها و أحست أن دموعها على وشك الانهمار , أخذته بين يدها و تفصحته ، فجأة تغيرت ملامحها وكأنها رأت شبحا و همست لنفسها بذعر " كيف يمكن !!! "
التفت نحوها الممرضة
_ اقلت لي شيئا ؟
حاولت مارلين أن تبدو طبيعية قدر الامكان فأجابت بإبتسامة
_ أحدث نفسي فقط ، على أي عمل موفق
التفت الممرضة للخزانة مرة أخرى بينما أسرعت مارلين بوضع الملف ذاخل حقيبتها وانصرفت*******
بينما يتحايل مارت من أجل إيقاع مارلين في شباكه لتساعد في الهروب ، تكتشف الطبيبة سرا يجعلها مهددة بالموت ، فهل سيتحدان من أجل النجاة بأنفسيهما أم سيتخبط كل منهما لوحده
شكرا ❤
أنت تقرأ
الوحش : The Beast
Romanceيعيش حياته كرجل بدائي ، يعتمد على قوته الجسمية لتحطيم كل شيء من حوله بدون رحمة ، انتهى به الوضع في إحدى زنزنات السجن حيث تعمل مارلين كطبيبة نفسية لتحاول هي تغييره و إعادة النور لحياته المظلمة فهل ستنجح في ذلك أم أن ظلامه أقوى من نورها ؟