استيقظت مارلين لتجد نفسها نائمة في سرير مارت ، جلست مكانها تستوعب الامر ، سمعت طرقا على الباب ، ليذخل ألكس ينادي لمارت ، وقد صدم عند رؤيته لمارلين في سريره ، فقال بتوتر
_ أسف لذخولي المفاجئ ، كنت أبحث عن مارت
حكت أسفل عنقها بإضطراب و أجابت بصوت منخفض :
_ لم يكن هنا عندما استيقظت
توردت وجنتاها خجلا ، فعلى الاغلب سيظن أنهما ناما معا
أرادت بشدة تبرير موقفها لكنها لم تجد العبارات اللائقة ، فإلتزمت الصمت و ما إن إنصرف حتى تنهدت بارتياح و نهضت بسرعة لتخرج من الغرفة
مرت فترة الظهيرة بسلام أمضتها مارلين ذاخل غرفتها تطل من النافذة ، تنتظر عودة مارت ، لتتحدث إليه بشأن رحيلها ، كلما تذكرت ذلك ، شعرت بالانقباض في صدرها لكنها فكرت مليا في الأمر، و إن ظلت فترة أطول ما الجدوى ؟ ، سيأتي يوم يتحثم عليها المضي قدما في حياتها لوحدها ، لن تستطيع ملازمته طوال حياته فقط لأنها ساعدته في الهروب من السجن ، سمعت صوت طرقات على الباب ، ذخل ألكس و دعاها لتناول الغذاء ، وافقت و تبعته للأسفل ، جلسا معا حول طاولة خشبية في المطبخ ، بدى الطعام شهيا ، قطع لحم وبطاطس مشوية مع سلطة خضر ، صب لنفسه كأس من النبيذ الأحمر و سألها إن أرادت كأسا لكنها رفضت بلطف ، استمتعت مارلين بالوجبة إذ كانت لذيذة بشكل كبير ، أرادت كسر الصمت القاتم الذي يحول بينها فسألته عن نوعية علاقته مع مارت فمن الواضح انه أكثر من مجرد محامي و موكل
_ صديقي أجاب باختصار
_ منذ متى بدات صداقتكما
_ كنا زملاء السكن في كاليفورنيا ، أيام الجامعة
قالت بنوع من الإعجاب
_ أدرس مارت بالجامعة ؟
_ أجل ، لديه دكتوراه في علم الإقتصاد
ابتسمت بفخر لكن سرعان ما تلاشت بابتسامتها عندما تذكرت أنه لم يستفد من ذلك
_ و لما يتاجر في المخذرات إذا ؟
_ يستحسن أن تسأليه هذا السؤال بنفسك ، لن يمانع في الاجابة عنه
_ لما لا تخبرني انت ؟
انهى طعامه بصمت وهم واقفا
_ شكرا على طعام قالت قبل أن يغادر المطبخ
قامت بترتيب الطاولة و جلي الاطباق ،
ثم اتجهت للخارج ، أحبت المكان كثيرا ، منعزل وهادئ ، إنه المكان الامثل للاستجمام واراحة الاعصاب ، لم تغادر لندن سوى مرة واحدة عندما رافقت أباها لباريس ، وقد وعدته أن تصبح فنانة عظيمة و تستقر في باريس مدينة الحب ، لكن للقدر رأي أخر ، و ما إن توفى والدها حتى كرهت الفن و ما يحيط به
لم يعد مارت يومها حتى الواحدة صباحا ، و قد فقدت الامل في عودته ، خاصة بعد خروج الكس للبحث عنه ، كانت تحاول النوم عندما سمعت صوت سيارته ، فقفزت من مكانها نحو النافذة ، و ما إن لمحته حتى نزلت مسرعة نحوه ،
_ ألا تزالين مستيقظة ؟ خلع سترته ورماها فوق الاريكة
_ كنت أنتظرك
_ تنتظرنني ؟ هل ستوبخيني الآن لأنني تأخرت ؟ و ستصيحين في الأرجاء أين كنت لساعة متأخرة من الليل ؟
أجابته بنظرة مليئة بعلامات الاستعجاب
_ ولما سأفعل ذلك ؟
_ هذا ما تفعله الزوجات بأزواجهن قال بنبرة ساخرة
لم تكن مارلين في مزاج يسمح لها بتقبل نكاته فأكملت حديثها متجاهلة ما قاله
_ هل سأرحل غذا ؟
اقترب منها قليلا
_ لا ، لم أتخذ قراري بعد
_ لكنني إتخذته
نظر إليها بتمعن
_ وماكان قرارك ؟
_ أريد الرحيل
_ ولما تريدين ذلك
_ لا يهمك الامر
_ بل يهمني
_ أريد الرحيل ، يجب أن أستقر في مكان ما
_ بإمكانك الاستقرار معي
_ لست من النوع الذي يريد الاستقرار في حياته
_ و ما أدراك بذلك ؟
_ لم تكن لتترك شهادتك الجامعية و تنشئ عصابة إن كنت تبحث عن الاستقرار
_ يتطلب إنشاء عصابة شهادة جامعية
_ حقا ! قالت بسخرية
_ أجل رد بإقتضاب
_ إذا ، متى سأرحل ؟
_ ربما بعد أربعة ايام ، و ربما لن ترحلي أبدا
_ لم أفهم
_ ستفهمين لاحقا
تجاوزها وصعد الدرج ، التفت إليه وقالت
_ يظن ألكس أننا نمنا معا ، أتمنى أن تشرح له الوضع
استدار نحوها
_ ولما قد يظن ذلك ؟
توردت وجنتاها و شعرت بالندم لما قالته لكن لا فرصة للتراجع
_ كان يبحث عنك ووجدني نائمة فوق سريرك قالت بتوتر
_ ولما تريدين شرح الوضع له ؟ عاد أدراجه نحوها وقد بدت نبرة صوته غاضبة
_ ليس من الصائب ان يعتقد أن شيئ ما حدث بيننا
كانت مركزة نظرها على حافة السلم لكي تتفادى النظر إليه
_ و ما ذخله هو في ذلك ؟
زادت قساوة نبرته
_ لا أعنيه بشكل شخصي ، لكن لا أريد أن يظن أنني أنام بجانب شخص لا تربطني به أية علاقة ، فأنا لست من ذلك النوع
_ ألا تربطنا أية علاقة ؟ قالت بنبرة منخفضة و كانه يحدث نفسه
رفعت رأسها نحوه و قد شعرت بالدم يتدفق نحو وجنيتها
_ بالتأكيد لا
_ ولما لا ؟ نظر إلى شفتيها
لاحظت ذلك فتراجعت بضع خطوات
_ لا تتجرأ
كلما تراجعت يقترب هو ،
أمسك يدها وسحبها لزاوية السلم بعنف ،و حاصرها بيده القويتين
_ أتجرأ على ماذا !
ينتقل بنظره بين شفتيها و عيناها ، شعرت بالاضطراب الشديد ، ضربات قلبها ارتفعت بسرعة لكنها استجمعت قوة كافية لتقول
_ ابتعد ، مارت
_ كنت أظن انني أثيرك ؟ أم أن ظلام الزنزانة هو ما كان يثيرك ؟ بامكاننا إطفاء الانوار هنا أيضا ، لا مانع لدي
رفعت يدها بقوة لتصفعه لكنه أمسكها ، ظلت تتخبط لتفلت من قبضته لكنها لا تستطيع فهو أقوى منها بكثير
_ أعلم أنك إمرأة قوية و صعبة ، لكن لا تتظاهري معي بأنك صعبة المنال ، أدرك جيدا أنك تريدين ذلك بقدري على الأقل
_ إن حاولت لمسي ، أقتلك بدون أن يرف جفني
_ أتردين الذخول في رهان ، هل ستقتلينني ام سأضاجعك و نرى من سيفوز ؟
_ كيف تجرؤ على التحدث إلي هكذا ؟
_ ما العيب في أن أعبر عن رغبتي بك ؟
_ لكنني لا أريدك قالت وقد علا وجهها تعابير الاشمئزاز و إن كانت لا تعبر عن ذاخلها فعليا فقد نجحت في إبعاده عنها ، فقد تراجع بضع خطوات مفصحا لها المجال لتفر هاربة منه
صعدت لغرفتها ترتجف ، لن تسلم نفسها لشخص سيهجرها بعد بضعة أيام ، بالتأكيد لن تفعل ، ضربات قلبها لم تهدأ ، ظلت تفكر لو أنها خضعت له و سايرت رغبتها الدفينة " الهو " كما اعتادت تسميته ، الشخصية البدائية التي تتوق للحب و المعاشرة ، وشكرت أنها الأعلى فقد أظهر شجاعة كبيرة و موقف أخلاقيا عاليا ، استلقت فوق سريرها ، تتقلب ، لا تستطيع طرده من أفكارها ، فكرت بأنه قد يصرخ مجددا جراء كوابيسه ، و قد أخافتها إحتمالية ذهابها إليه ليلا للاطمئنان عليه خاصة بعدما أظهر نوعا كبيرا من الجرأة نحوها ، استسلمت لأفكارها حتى غرقت في النوم
في تلك الاثناء ، ذخل عليها مارت ، رغم ظنه بانها ستقفل الباب لكنه أراد التأكد من ذلك ، لكن مارلين لم تفكر في إحتمالية إقتحامه لغرفتها ليلا وبالتالي لم تفكر في إقفال باب غرفتها
جلس قربتها و مسد فستانها بيده ، ثم أزاح خصلات شعرها من على وجهها ، ظل يتأملها ، تبدو مسالمة ولطيفة رغم تصرفاتها المتمردة و العنيفة ، استلقى بجانبها و ضمها إليه من الخلف بكلتا يده و نام بجانبها
أنت تقرأ
الوحش : The Beast
Romanceيعيش حياته كرجل بدائي ، يعتمد على قوته الجسمية لتحطيم كل شيء من حوله بدون رحمة ، انتهى به الوضع في إحدى زنزنات السجن حيث تعمل مارلين كطبيبة نفسية لتحاول هي تغييره و إعادة النور لحياته المظلمة فهل ستنجح في ذلك أم أن ظلامه أقوى من نورها ؟