بعد تلك الليلة حاولت تجاهله بقدر ما تستطيع ، لم تفارق سريرها مطلقا ، و لم يبد أنه مهتم كثيرا برؤيتها فبإستثناء فترات التفقد لم يزرها أبدا ، بدأت مارلين تعتاد الوضع وتشعر بالأنس ذاخل غرفتها الزهرية .لكن ذلك لم يطل كثيرا ، فقد جهز هنري كل ما طلبت من وثائق و بطاقات ، جلسا يومها في باحة البيت ، يتناولان طعام الإفطار معا على غير عادتهما ، حين وضع أمامها هويتها الجديدة و جواز السفر ، تفحصتهما بتمعن ، تشعر بالاحباط و التوتر ، وهي تنظر لإسمها الجديد " كاثرين سافاج " .
ارتشف هنري من قهوته و قال :
_ أظننا وصلنا لنهاية الاتفاق ، أخبرني إذن ما تعرفين
وضعت ما بين يديها جانبا و نظرت إليه
_ الكولونيل گابرييل رايس ، إنه صديق وزير الذاخلية
_ أخبريني الأمر من بدايته ، كيف إكتشفت ذلك
_ إستنتجت ذلك فقط ، تراكم ملاحظات صغيرة أعطت نتائج كبيرة
تنهد تنهيدة بسيطة وهو ينهض من مكانه
_ سأوصلك للمطار بنفسي وسيحرص صديقي على مرافقتك طوال الرحلة إلى الفيليبينالاذغال هذا ما كان يتردد في فكرها ، ستمضي حياتها في الأذغال الاسيوية بسبب تهمة لفقت لها ، بعدما أمضت حياتها في أكبر المدن و أجملها ، دفعت بأفكارها بعيدا ، و سألته بنبرة لا تخلو من الاضطراب
_ هل سأرحل اليوم
_ لا ، سترحلين غذا صباحاتلك الليلة التي تسبق يوم الرحيل كانت مليئة بالمشاعر و الأفكار المضطربة ، أمضتها مارلين ذاخل غرفتها ترتب شعرها بهدوء أمام المرآة و تتنهد بعمق ، تنظر إلى وجهها نظرات جادة ، تتساءل في قرارة نفسها هل غيرتها هذه التجربة من فتاة عنيدة ، قوية ، إلى فتاة عاطفية ساذجة ، هل ستهرب حقا تاركة ورائها حياتها و عملها و تستقر ذاخل أذغال موحشة ، تتعلم الصيد و القنص ، لم تكن مارلين الطبيبة النفسية الجشعة أن ترضى بذلك ، فلطالما إنتزعت حقها بقوة و لو كان بيد وحش ، حاربت كثيرا لتصل لما هي عليه .
تنهدت مرة أخرى ، ثم استلقت أرضا تنظر للسقف ، ماذا ستكون تفعل الآن لو أن إدوارد لم يمت أو أنها فضلت العمل ذاخل مستشفى عوضا عن سجن ، أو فتح عيادة خاصة .. تساؤلات عدة تتضارب في عقلها بعنف ، نهضت من مكانها نحو السرير عازمة على للنوم ، و ما إن وضعت رأسها فوق الوسادة حتى صرخ عقلها بسؤال لطالما حاولت تفاديه و تجاهل تردده في ذواخلها ، هل عاد مارت لحياته الطبيعية بشكل عادي ، و كأن شيئا لم يكن ؟ أيظن أنها ماتت ؟
أيستطيع النوم بعد ما فعله ؟ ( رغم انه لا يستطيع النوم قبل ذلك . )*****
لم يكن مارت أحسن منها حالا ، فقد تفاقمت كوابيسه ولم يعد يرى النوم ، كانت مارلين تشغل أفكاره ليلا نهارا ، و كان أخر ما يفكر فيه هو إستئناف الرئاسة ، فطاقته و رغبته في ذلك كانت شبه منعدمة ، يشعر بمرارة الوحدة ، شعور ألف الشعور به منذ وفاة والدته و أصبح شعورا لا يتجزء منه ، و قد إعتاد عليه و ألفه ، لكنه وبعد ما تخلى عنه رفقة مارلين ، لم يعد يستطيع تقبله مجددا ، يشعر به يثقل كاهله و يغرقه ، يشعر بأنه وحش حقا ، مصطلح لطالما تردد على مسمعه لكنه لم يعر في أي وقت مضى إهتماما ، لكنه الآن يشعر به ، لأن الوحوش فقط من يرمون بأحبائهم لتهلكة و قد فعل هو ذلك مرتين : أمه اولا ثم مارلين
أنت تقرأ
الوحش : The Beast
Romanceيعيش حياته كرجل بدائي ، يعتمد على قوته الجسمية لتحطيم كل شيء من حوله بدون رحمة ، انتهى به الوضع في إحدى زنزنات السجن حيث تعمل مارلين كطبيبة نفسية لتحاول هي تغييره و إعادة النور لحياته المظلمة فهل ستنجح في ذلك أم أن ظلامه أقوى من نورها ؟