عصر النهضة

157 17 11
                                    

هي حركة ثقافية استمرت تقريبا من القرن الرابع عشر الميلادي إلى القرن السابع عشر، مع ترك بصمتها على الحياة الفكرية والأدبية، كانت بدايتها في أواخر العصور الوسطى من إيطاليا ثم أخذت في الانتشار إلى بقية أرجاء أوروبا.

شهد عصر النهضة ازدهاراً في الأدب باللغات المحلية، وإبداعا في الأدب اللاتيني، الفلسفة والفن، الموسيقى، السياسة، العلوم، الدين،
ونهضةً في التعلم، كما وتطور الرسم وتقنياته ليصبح أكثر واقعية، والاعتماد على الأسلوب الإنساني في الدراسة، والواقعية في الفن.

سياسياً ساهم ظهور عصر النهضة في تعدد المعاهدات الدبلوماسية بين الدول، أما في مجال العلوم فكان التحول إلى الاعتماد على الملاحظة. على الرغم من أن عصر النهضة شهد الكثير من الانقلابات الفكرية، واضطرابات سياسية واجتماعية كذلك، إلا أنه امتاز بالتطورات الفنية وإسهامات المثقفين مثل ليوناردو دا فينشي ومايكل آنجلو.

هناك إجماع على أن عصر النهضة بدأ في فلورنسا بإيطاليا في القرن الرابع عشر. اقترِحَت العديد من النظريات التي تفسر أصوله وخصائصه، وسيطرة عائلة ميديشي الفلورنسية ذات النفوذ على الجانبين السياسي والاقتصادي، وهذا يثبت أن عصر النهضة كان عصرًا أولغاركيًا لا يشمل الديمقراطية إلا بشكلٍ طفيف. كانت البندقية بوابة أوروبا التجارية، ومنتجة للزجاج الجيد وقتها، بينما كانت فلورنسا عاصمة لصناعة النسيج. كانت هذه الثروات المتدفقة إلى إيطاليا بسبب هذه الأعمال التجارية تعني أن بالإمكان تعميد المشاريع الفنية العامة أو الخاصة، وأيضا أن بإمكان الأفراد تخصيص أوقات فراغ أكبر للدراسة، حيث اهتم بالدراسات الإغريقية واللاتينية عقول الكثير من الأوروبيين، وقد وجدوا معظم المجلدات اللاتينية في الكنائس والأديرة، فعكفوا على دراستها، وترجمتها إلى اللغات المحلية؛ مما فتح نوافذ المعرفة أمام غالبية الشعب، كل هذه العوامل ساهمت في ظهور هذا العصر.

ولأن الملابس كانت ذات دلالات اجتماعية، فقد كانت أيضًا ذات دلالات فكرية ورمزية على المستوى التاريخي والاجتماعي؛ فظهور ملابس معينة في حقبة تاريخية معينة وفي مجتمع محدد، يكون في كثير من الأحيان ذا دلالة رمزية وفكرية، سواء أكان ذلك على مستوى الفرد الذي يرتدي هذا اللباس، أم كان ذلك على مستوى الجماعة أو المجتمع الذي توافر هذا اللباس فيهما. من هنا؛ من كون الملابس حقل دلالات ورموز، أتى كون الملابس حقل صراع أيضاً، والملابس المختلفة في رمزها ودلالاتها، صارت مختلفة في تعبيراتها الفكرية ودلالتها الرمزية، هي رموز دالة على أفكار المجتمعات والأفراد.

تأثرت الأزياء الأوروبية، التي ظهرت في القرن الخامس عشر الميلادي، بالمفاهيم والقيم السائدة في ذلك العصر، وأصبحت الملابس وتصميماتها أكثر أناقة وتطورًا من ذي قبل، حيث كانت أزياء السيّدات عامة عبارة عن فساتين طويلة الأكمام ذات شقوق أحيانًا، تميّز فستان عصر النهضة بخصره الضيّق، وتنورته ذات الطيّات المتناظرة الواسعة، كانت الفساتين النسائية مزينة بشكل رائع بالتطريز والدانتيل الغالي والفراء؛ للتأكيد على ثروة السيدات.

أصبح أيضًا تجعيد الشعر الأشقر رائجًا، وأرادت الكثير من النساء الحصول على شعرٍ أشقر مجعّد؛ لذا لجأت بعض السيدات للشعر المستعار. أصبح من المألوف نسج سلاسل المرجان واللؤلؤ في الشعر، عملت بعض السيدات أيضًا على تغطية رؤوسهن بالهينين، وهي قلنسوة مخروطية طويلة الشكل، حقق الهينين أكبر انتشار له بين السيدات في القرن الخامس عشر. وبالنسبة للرجال، فقد كان من المألوف أن يرتدي الشباب الملابس القصيرة ذات الأكمام والتفاصيل الزخرفية، أصبح من المألوف أن تكون السراويل لأسفل الركبة، وأحيانًا أقصر، ارتدى الشباب أيضًا جوارب خاصة مخاطة بنوع داكن من البزوز، حيث كانت هذه الجوارب تشبه السراويل الضيّقة.

تعتبر الأكمام الموسعة عنصرًا مميزًا في تلك الفترة، حيث كانت تلك الأكمام قابلة للإزالة؛ سمح هذا بارتداء أكمام مختلفة مع السترة اللواحدة.
بالنسبة للقبعات، فقد ارتدى الرجال عدة أنواع من منها، على سبيل المثال، العمامة المسماة بالـ شابرون، ولبسوا أحذية عُرِفت بالبولين، وهي أحذية ذات كعوب قد يصل طول بعضها حتى 15 سم. الحاجبان الكثيفان أيضًا لم يكونا محببين بالنسبة للجنسين، لذا لجأوا للتخلص منها، سواء بإزالتها أو باستخدام أدوات التجميل التي انتشرت وقتها على نطاق واسع.

بالنسبة للجانب العمراني فقد كان إعادة إحياء واقتباس من العمارة الرومانية والأغريقية، حيث مزج هذا العصر في مبانيه بين الأقواس والقباب اليونانية، والأعمدة الرومانية على حدٍ سواء. تمثّل الإبداع العمراني في الكاتدرائيات والكنائس والقصور، والأبنية الواسعة بشكل عام، حيث كانت غنيّة بالنقوش النباتية والتماثيل الرخامية، كما وقل استخدامهم للزجاج الملون الذي استبدلوه بالجز الجص المزخرف أو المنحوت.

بشكل عام، كانت مباني عصر النهضة غنية بالألوان والرسومات التصويرية الدقيقة كثيرة التفاصيل. بعد ذلك، انتقلت العمارة نقلة أخرى في القرن السادس عشر، حيث أصبح يطلق عليها العمارة الباروكية، وقد تميزت هذه بكثرة المنحنيات فيها، والأعمدة المعقدة، كما وكثرة اللوحات فيها بشكل مبالغ.

ختامًا، إن عصر النهضة كغيره من العصور، فيه ما يميزه بشكل إيجابي وسلبي أيضًا، لذا وقت كتابتنا علينا أن نركز على النوعين من الميّزات، ومحاولة توظيفها بشكل كامل في أعمالنا حتى تغدوا أقرب للواقعية.

سيريوس بلاك.

معالمٌ منسية |عنصري الزمكان|حيث تعيش القصص. اكتشف الآن