معالمٌ منسية |عنصري الزمكان|

حضارة ما بين النهرين

حيث مهد الحضارات وامتداد النهرين بين أضلعها تقع بلاد ما بين النهرين أو كما تسمى بالعراق في جنوب غرب آسيا.

 تعد العراق من أولى المراكز الحضارية في العالم ومن أشهر حضاراتها هي حضارة سومر، آكد، بابل، آشور، وكلدان.

تروي هذه الحضارات قصة المدن وازدهارها وكيف انتهت، وتحكي عن المأساوية والنفوذ والسياسة والصراع، إذ جُمعت كلها بواسطة المقتنيات الأثرية التي نُحتت عليها حكايات المعارك التي خاضتها المدن.

بينما تسرد المجوهرات والأدوات المنزلية الدقيقة حكاية أفراد شعبها وحياتهم اليومية، بالإضافة لوجود الأختام والألواح الطينية والصخور المنقوشة التي عكست أهمية إدارة وتسجيل المعاملات بالنسبة لتنظيم المدن.

ولنتحدث قليلًا عن الممالك ونبدأ بحضارة السومريين، يُعتبَر السومريّون سُكّان العراق الأصليّين، وتميَّزت حضارتهم بعمارتها الرائعة من معابد، وقصور، وغيرها. عدا عن انتشار الكتابة، واستعمالها في مختلف المجالات، كالمُعاملات التجاريّة، والشخصيّة، بالإضافة إلى المُراسلات، والعديد...

أما خلفائهم الأكاديون فقد أسسوا أول إمبراطورية عرفها التاريخ، وأنتجوا لغة خاصة بهم، ثم اندثرت حضارتهم لأسباب غامضة، قد يكون أحدها التغير المناخي أو سقوط نيزك عملاق.

بعد انهيارها ظهرت مملكة الأكاديّين على يد سرجون الأكديّ، وأصبح اسم أكد مرادفًا لمجموعة السكان الذين وقفوا جنبًا الى جنب مع السومريين. لقد صار جنوب بلاد مابين النهرين يعرف "بأرض سومر وأكد" لتصبح الأكدية اسم اللغة، وليرتقي الفن إلى ارتفاعات جديدة.

لنعرض الآن نبذة قصيرة عن الملك سرجون، بدأ حياته كساقي خمر لملك كيش أور زابابا. هناك أسطورة أكدية حول سرجون، تتحدث عن كيف أنه هُجر كطفل بعد ولادته، فتكفل به البستاني، ومن ثم أحبته الآلهة عشتار، وفي جميع الأحوال لا توجد بيانات تاريخية عن وظيفته.

وضع سرجون أسس التقاليد العسكرية لبلاد ما بين النهرين، وهناك مخطوطة محفوظة فيها تقارير كاملة عن ابنه ريموش والمعارك التي خاضها بين سومر وإيران، كما لو لم تكن هنالك إمبراطورية سرجونية. 

لا يعرف بالتفصيل مقدار الصرامة التي أراد أكد من خلالها السيطرة على المدن الواقعة في الجنوب، وكم من الحرية بقيت لديهم؛ ولكن يفترض أنهم كانوا متمسكين بقوة باستقلالهم المحلي الموروث. من وجهة النظر العملية، فمن المحتمل أنه من المستحيل في كل الأحوال تنظيم إمبراطورية يمكنها احتواء كل بلاد ما بين النهرين.

ثم تأتي بعدها الحضارة البابلية كانت من قبل موطن حضارة غنية قوية كادت أن تكون هي الخالقة لعلم الفلك، وكان لها فضل كبير في تقدم الطب، وأنشأت علم اللغة وأعدت أول كتب القانون الكبرى، علمت اليونان مبادئ الحساب، وعلم الطبيعة والفلسفة، وأمدت اليهود بالأساطير القديمة التي أورثها العالم، نقلت إلى العرب بعض المعارف العلمية والمعمارية التي أيقظوا بها روح أوروبا من سباتها في العصر الوسيط. وإذا ما وقف الإنسان أمام دجلة والفرات الساكنين فإنه يتعذر عليه أن يعتقد أنهما النهران اللذان رويا سومر وأكد وغذيا حدائق بابل المعلقة.

كانت بابل من حيث تاريخها وجنس أهلها مزيجًا من الأكديين والسومريين، فقد نشأ الجنس البابلي من تزاوج هاتين السلالتين؛ وكانت الغلبة في السلالة الجديدة للأصل السامي الأكدي، فقد انتهت الحروب التي نشبت بينهما بانتصار أكد وتأسيس مدينة بابل لتكون حاضرة أرض الجزيرة السفلى بأجمعها.

ولا ننسى حمورابي وأعماله الكثيرة، فلقد أمر بحفر قناة كبيرة بين كش والخليج الفارسي؛ روَت مساحات واسعة من الأراضي، ووَقَتْ المدن الجنوبية من فيضانات نهر دجلة المخربة، وقد وصل إلينا من عهده نقش آخر يفخر فيه بأنه أجرى في البلاد الماء.

أما حضارة مملكة آشور، فكانت دولة عسكرية تقوم على العبيد، وكان لها إنجازات معمارية كبيرة، اشتهرت بصنع التماثيل ولا سيما تماثيل الثيران المجنحة التي كانت تقام أمام القصر الملكي.، وزُينت الجدران بنقوش المعارك ورحلات الصيد.

في النهاية لا يسعني الحديث عن هذه الحضارة العظيمة أكثر، ومهما تحدثت عنها فلن أوفي حقها، لذلك مهدت لكم شيئًا بسيطًا عن الموضوع، ما زال عليكم التعمق فيها بالبحث أكثر.

كل الحب.

-لافندر