أوراق قـديـمة.

١٨

٢٠٢٤/٦/٥

اليوم هربت من كُل شيء هربت الى قبر شدَّن ، جئت الى بغداد بمفردي لأزوره ، أخذت موقع المكان من كيان قبل أسبوع وطلبت منه ألّا يُخبر أحد كنت مترددًا طوال ذاك الأسبوع لكن اليوم أحضرت الأزهار وجئتُ أخيرًا

ها أنا أجلس أمام قبرها وأبكي بيأس شعرت أني أخرج كُل ما لدَّي من دموع..
"آسف أنا آسف"

أشتاق إليها ولا أستطيع حتى الأعتراف بذلك لأنه لم يعُد بأمكاني قولها حتى،

بينما أستمر بالبُكاء شعرت بأحدهم يعانِقُ ظهري لمَّا إلتفت رأيت طفلة تبدو في الخامسة أو السادسة من عمرها  دققتُ في ملامحِها ونظرت خلفها فلمحت ميس تقف بعيدًا وتراقب علمت حينها أن هذه الفتاة تكون إبنتي هم جائو لزيارة شدَّن أيضًا وياللمصادفة.

"أنت بخير؟"
سألت بصوتها اللطيف.

"هل تعرفينني؟"

حركت رأسها دلالة على الرفض ثم نطقت مُفسرة

"أنت كنت تبكي لهذا عانقتكِ، عندما تبكي أمي عند هذا القبر تقول أن قلبها يؤلمها فهل قلبك بخير؟"

وضعت يدها على يمين صدري فضحكتُ ثم أمسكت يدها وحركتها ليسار صدري وقلت

"الآن سيكون بخير"

ضحكتْ هي بسعادة لكن سرعان ما عبست مجددًا ، كان قلبي يتحرك مع تعابير وجهها وروحي ترقص بكل حرف تنطقه.

"مع هذا أنت يُمنع عنك البُكاء"

عقدت حاجباي متسائلًا عمّا تحاول قوله، هل تحبين الألغاز مثل أمكِ ياصغيرتي؟

"لماذا؟"

أقتربت تُدقق النظر في عيني قبل أن تبتسم وتقول

"لأن عيناك جميلة، أبي يقول أن العيون الجميلة لا يجب أن تبكي يجب أن تكون سعيدة فقط، هو يقول دائمًا بأن عيناي جميلة،هل توافقه؟"

"بالطبع أوافقه ، هل أباكِ رجلٌ جيد؟"

حركت رأسها بالموافقة وأشرق وجهها فعلمت أنها بالفعل مع العائلة الصحيحة

"أجل أجل ،أبي رائع ويحبني كثيرًا هو حتى يسمح لي بأكل الحلوى سرًا دون علم أُمي"

ضحكت كثيرًا لطريقة حديثها  وسمعت صوت كيان مقاطعًا

"حبيبتي موج..أين إختفيتي؟"

"اوه هذا أبي، إسمع قبل أن أذهب عدني أن تجعل عيناك سعيدة دائمًا"

رفعت إصبعها الخنصر نحوي

وشعرت حينها أن شدَّن تطلب مني هذا وليس إبنتي فقط

"حاضر لكن عديني أولًا أن تحافظي على عينيكِ وأن تُسكِني فيها الأشخاص الجيدين الذين يُحبونكِ فقط"

"إتفقنا"

أمسكت خنصرها بخنصري وقطعنا وعدًا ثم سارت بأتجاه كيان الذي عانقها في هذه الأثناء أرسلت له أنني لم أُخبرها بشيء وأنها لم تعرفني فأومأ ولوح لي من بعيد وأخذها للسيارة.

إنقضت دقيقة واحدة حتى إقتربت ميس مني بوجه خال من التعبير

"منذ متى تقوم بزيارتها؟"

"هذه أول مرة"

"إجعلها الأخيرة"

حنت جذعها الى باقة الورد على الأرض وأعادتها إلَّي

"لا تضع الزهور فوق قلبٍ أنت قاتله"

غادرت وأعادت الدموع إلَّي لم أستطع حفظ الوعد يا عزيرتي موج آسف

لكن ميس لم تقل إلا ما يحق لها قوله
أدركت أنني لا أستحق حتى البُكاء على قبرها
فقررت أن لا أعود الى هنا يجب عليّ البكاء بمفردي
أدركت أيضًا أنه لايحق لي رؤية إبنتي بعد أن تخليتُ عنها خاصة بعد أن رأيتها بهذه السعادة ، لن أُفسد حياتها كما أفسدت حياة أُمها.

عندما رأيت موج أدركت كمية الأشياء الحلوة التي خسرتها لأني عاندت الطريق الذي رزقني الله به، الأوراق القديمة يجِبُ أن تُحرق ولا يمكن إعادة كتابتُها.

 

                        •النهاية•

-قصي سلمان

-تبارك السعيدي

الوداع💙