وتحررت من قيودي
الفصل الرابع:
توترتُ حتى كدتُ ألقي أكواب العصير على الأرض، ولكن تحاملتُ إلى أن وضعتها على أقرب طاولة، ثم رحتُ أفرك أصابعي بتوتر وخوف بالغين، و(سيد) يقف أمامي ينتظر تفسيرًا لما يراه في هاتفي، حاولتُ تجميع الكلمات، ولكنها خرجت من بين شفتيّ متلعثمة وخافتة للغاية:
-س...سيد من فضلك، سأخبرك بكل شيء بعد قليل، لكن أرجوك لا أريد أن نتشاجر أمام الأبناء...من فضلك.
انطلق كالرصاصة إلى غرفتنا، بينما ظللتُ مكاني أحاول تنظيم أنفاسي التي تسارعت من فرط ما لقيته من توتر واضطراب.
(سيد) لن يمر ما حدث الآن مرور الكرام أبدًا وأنا وأنت نعرف هذا جيدًا، تُرى ماذا سأفعل إن سحب مني الهاتف ومنعني من استكمال عملي؟
هذا عقاب لن أتحلمه، الغباء هنا يكمُن في أنني المخطئة ليس هو...أنا من خالفتُ ما طلبه مني وأنا أعي جيدًا مدى كرهه لـ(يسرا) وصدقًا لا أجد تفسيرًا لهذا.
***
تنفستُ الصعداء حينما تدثر أبنائي كلٌ في سريره، وحاولتُ جاهدة أن أبدو طبيعية وأنا أدلف لغرفتنا، فوجدته ما زال مستيقظًا في الفراش، يجلس كالضابط الذي ينتظر اعتراف المتهم وإقراره بجريمته التي ارتكبها!
حسنًا يا (نعمة)...لا توتر...لا خوف..فقط حديث بالعقل والمنطق.
-(سيد)...أعرف جيدًا أنني أخطأتُ فيما فعلت، ولكن دعني أخبرك عن أسبابي أولًا.
صمتُ هنيهة، ثم تابعت:
-يا (سيد)، (يسرا) لم تكن ابنة خالتي فحسب، هي أختي التي لم تلدها أمي، ومنذ أن وعيتُ على هذه الدنيا كانت لي الأخت، والرفيقة، والأم، والملجأ الوحيد لي للتنفيس عما يجول بخاطري.
أنت تعرف جيدًا أنني لا أتحدث مع أحد، وكنتُ أنتظر عودتها بفارغ الصبر، وحينما طلبت مني أن أكف عن التحدث معها أو مقابلتها كان هذا شيء شاق عليّ بشدة...ولم أستطع تنفيذه، أعتذر يا (سيد) لكن أرجوك ضع نفسك مكاني أولًا.
راقبتُ ملامحه وهو يتنهد بقوة، ثم يقول:
-الأمر لا يتعلق باعتذار منكِ، أو بمسامحتك، أقدر ما تقولينه ولكن....حينما تريدين الحديث مع شخص وتبوحين له بكل ما يحزنك...اذهبي للشخص الذي يحبك، ليس الذي تحبيه أنتي، وفرقي بين شخص ينصحك لأنه يريد لكِ الخير، وشخصٌ يريد أن يصنع منكِ نسخة طِبْق الأصل منه.
(يسرا) لم تتصرف بعقلانية، ولا أريد منكِ أن تكوني مثلها....هذا كل ما أريد قوله لكِ...لأنني أراكِ تتبعين سبيلها بطريقة ما، ولا تنصتين لكلماتي أبدًا.
رغم اعتراضي على جزء ما في كلام (سيد) لكني لم أريد أن أدخل معه في شجار آخر، فقلتُ وأنا أجلس جانبه على الفراش:
أنت تقرأ
وتحررت من قيودي... للكاتبة مريم عمرو
Roman d'amourجميع الحقوق محفوظة للكاتبة ممنوع النقل والاقتباس ما هذه الغرفة؟...لا أرى شيئًا! هل هي مظلمة؟ أم أنا كفيفة؟ أدركتُ أنني مبصرة حينما رأيتُ خطًا مستقيمًا للضوء يبدد ظلام الغرفة قليلًا. أخذت أتحسس الأشياء من حولي بحذر، أريد أن أعرف أين أنا..وما الفا...