الأعيُن الملائِكيّة

473 32 21
                                    


"أن قاطع المرءُ رَقصة السامُوديفا فسيهاجمُ بالأقواس والسّهام"، تأملت بِعُمق تلك الجملة التي تتحسسُها بِأناملها في مُذكرة عتيقةٍ طغى الدهر عليها

أغلقتهُا ناظرة لِغلافها الرّث، أخضر اللون كُتبت بِلُغة بلغارية على مقدمتها أسم مؤلفهُ؛ يوردان ڤيلكو، هِمهمت عائدةً بِجسدها للوراء، لِتستلقي على سرِيرها بِفتُور وضعف

وحيئنذٍ كانت المُذكرة قد سقطت على الأرض بالفعل، لم تكترث جيني بِسقُوطها وصبت جلّ أهتمامها إلى ماحدث لها بالفجر، لِقاءها الأول بِالسامُودِيفا التي يعتقد البعض أنها خُرافة تافهةً والبعض لا يعلم بوجودها بتاتاً، حَماة الطبيعة الذين يسكنُون الغَابات المُظلمة والأكواخ المهجُورة بِقُرب الأنهار والأشجار، يخشون الشمس ويعودُون لِقريتهم بِالشتاء، القرية القابعة بِحافة العالم زمِيكوفُو

نساءُ حسناواتٍ بِبنية جسدية نحيلةٍ وطويلةٍ، وشعر أشقر أملسُ وبشرة شاحِبة، أعينهُم تتحوّل لِلأزرق الناصع حين يرقصُن وحين يغضبنُ يستطيعن أحداث جفافٌ ضخمٍ وحرق محاصِيل المُزارعين وقتل الماشِية والقُدرة على التحوُّل لِطائر وحشيّ يرمي أعدائه بِالنار

لكن لم يكن هذا فقط ماجذب جيني لِلبحث عنهم والسعي خلفهم بل معرفتهُم العميقة بِالأعشاب والعلاجَات السَّحرية إذا تمكنهُم من جعل لِكُل داءٍ دواءٌ هي ماجذبت جيني لهم

لكن بعد رُؤيتها بِالحقيقة، سماع صوتها والأحساسُ بِهالتها
الرقيقةُ جعلت جيني تنحرفُ قليلاً عن هدفها، هي الأن لا
ترغب فقط بالتنصُّت عليهم لِسرقة معرفتهم الطبية بل أيضاً
زِيارة موطنهم ودراسة ثقافتهم ولغتهمُ الغريبة

لكن ماكان ينقصُها هو كيفية الوصول لهم..كان لِقاءها بالسامُودِيفا مجرد ضربةٍ حظ، صدفةٌ لم تكن تتوقعها قطّ، وحتى لو ألتقت بها مُجدداً؛ماالذي يضمنُ عدم ذعرها؟ هل ستتمكن حمل نفسها لِلتحدُّث بعد أن تتقابل أعينهُما مرة أخرى؟

هل ستصمدُ أمام تلك الأعيُن الملائِكيّة؟

بعد بُرهة من الوقت، تنهدت مغمضة عينيها وهمست
بِأستسلامٍ تامّ، "على أيّ حالٍ، لدي مُتسع من الوقت.فلا
حاجةٍ بِالعجلة"، وحين شعرت جيني بِالنوم يُعانق جفنيها، سمعت صوت سلِيل غزالاً بِقُرب من كوخها الذي أستاجرتهُ منذ بدء رحلتها، أزاحت غطاءُ سريرها عن جسدها ووضعت قدميها على الأرضيّة الخشبية لِتصدر قعقعةٌ خافِتة

دنت بِخطُوات قصيرة لِلنافذة وأبعدت الستائِر المُخملية الداكنة
لِتُحدق بِذهُولٍ إلى ذلك الغزال الممشُوق الذي حدق بها بِالمُقابل، وتلك الثعابين المُلتوية على قرنيهِ التي تُستخدم من قبل الراكب كَاللّجام، حدقت بِمن يركبهُ، قامتها الطويلة وفستانها الأبيضُ الفضفاضِ الذي طبع عليه صورة هرَقل وهو يمتطِي حصانه، الحزام الذهبي الذي أحاطَ خصرها بِحذاقة، القوس المُعلق على ظهرها والأزهار المُتدلّية على شعرها الأشقر المُبعثر، وعينيها كانت قد لمحت طَيف مُراقبتها وأدارت رأسها بِمهل نحو الأعيُن التي تلتهمُها فضولاً، ونظرت بِسكُون إلى جيني ريثما تستوطن وجهها علامات الأنزِعاج

لم ينبس أحدهُما بِبنت شفّةٍ، وبِطريقة مُفزعة تحوّلت أنظارُ الثعابين إلى جيني وإزدهرت ذهبية أعينهُم، ثارت الرياحُ من حولهم وصاحبها صوت تلاطمُ أوراق الأشجار بِبعضهم البعضُ، ولم تستطيع جيني إزاحة نظرها عن عيني السامُودِيفا

لقد خامرَها شعُور غريب بِالسكينة نحوها، لكن حين فطنت بأنها بدأت تقترب منها، أغلقت الستائرُ بِعجلة وتشبّثت بها بينما تنزلق بِبُطءٍ للأرض جاثية، تكافح لكي تلتقط أنفاسها، جسدها يرتجف بِالكامل وقلبها كان يخفُق بشدةٍ

صوت مُرتفع أتى من بابها، طُرُقات شديدة تقرع الباب "لا يمكن لم تمُر سوى عدّة ثواني" نطقت جيني بِأرتباك وهي تزحفُ لِلزواية، "كيف وصلت بِسُرعة إلى عُتبة بابي!"

-

ايديت بسيط لروزي

اوووه! هذه الصورة لا تتبع إرشادات المحتوى الخاصة بنا. لمتابعة النشر، يرجى إزالتها أو تحميل صورة أخرى.

ايديت بسيط لروزي.

لقد وصلت إلى نهاية الفصول المنشورة.

⏰ آخر تحديث: Jun 10, 2020 ⏰

أضِف هذه القصة لمكتبتك كي يصلك إشعار عن فصولها الجديدة!

Fake Angelحيث تعيش القصص. اكتشف الآن