الفصل الثالث

6.2K 302 45
                                    

"أنين العقل"
الفصل الثالث
▪إيمان صلاح▪
اندفعت إلى غرفة الجلوس تدب الأرض بقسوة، بعد محاولات كثيرة وإلحاحه المستمر دون ملل، أخذتها!. جلست على المقعد بإهمال، وإرهاق، مرت دقائق حتى فزعت من تخدر وجهها، ملست يديها قلقلة تتأكد وجوده!! متذكرة الإبرة اللعينة المتسببة بالخدر،
أدارت وجهها إلى الباب تنظر لوالدتها الداخلة مبتسمة، تحمل بين يديها بطيخة كبيرة، أضاعت الوقت بشرائها، ولم تكترث بالتواجد جوارها!!
جلست سميرة براحة، بعد وضعها جانب المقعد، رتبت على قدم رقية الجالسة جوارها، هاتفة بتسأل:
- ده كله وإنتي لسه مش دخلتي يا بنتي!! أنا قلت هاجي ألاقيكي خلصتي ومستنياني عشان نمشي.

أكملت بخيبة أمل، من تركها تنتظر كل ذلك الوقت، جالت عينيها في أرجاء المكان الخالي من المرضى:
- هو سابك آخر واحدة ولا إيه.

هزت رأسها بنفي، لم يفعل بل استقبلها أفضل مما تخيلت، واهتم بها!!
حاولت التحدث لكن لم تستطع؛ بسبب حالة التخدر، اكتفت بالإشارة على فاهها، هتفت سميرة بعدم فهم:
- مش فاهمة قصدك إيه!

حاولت تكوين شكل إبرة، ووضعها بين أسنانها بعد فغر جزء ضئيل من فمها، حتى أجابت بتسأل:
- أخدتي الحقنة!!
هزت رأسها تزم شفتيها بحزن، رتبت سميرة على كتفيها بحنان تجذبها داخل أحضانها، بدلًا من ثمرة الفاكهة الشهية!.

-----------------------------------------

يتأملها بابتسامة مطغية، نائمة تنعم بدفئ أحضان والدتها، أخرج زفيرًا هادئًا وقد غلبه الشوق والحنين تجاه والدته، يريد الاندفاع مسرعًا متغلغلًا بين أحضانها، تمرر أصابع يديها داخل خصلات شعره، تداعب وجنته بأناملها، قاطع أفكاره هتاف سميرة متسائله سبب وقوفه:
- مؤمن وافف كده ليه يا ابني!؟

حمحم محاولًا جذب صوته، ليرد مجيبًا:
- جيت اجيب رقية عشان نكمل، ولقتكم كده، فمش حبيت ادايقكم.

بدأت تستيقظ من غفوت الدقائق القليلة، ظلت عيناه تجول بملامحها بلا قصد، رأى سميرة تنظر إليه، توتر مندفع إلى الداخل يلوم نفسه على فعلته الحمقاء، لمَ فعل ذلك! ماذا ستظن والدتها به؟ كان عليه الحديث بعد خروجه مباشرة، لم يكن ليدخل في دوامة مشاعر غير مؤهل لها، نفض تسألاته معللًا لم يقصد.
وقفت تبتسم بوداد متمنية من الله أن يكون من نصيب ابنتها.

فئة كثيرة تتمنى أن تُناسب طبيبًا؛ لتربطهم علاقة قوية متينة إلا وهي النسب.
يزجون الفتاة اعتقادًا بمنحها حياة مملؤة بالرفاهية؛ لتصبح ذات قيمة عالية بين البشر، حتى يتعظم بينهم.
بينما صاحب المنصب العالي، عندما يرغب نكاح فتاة أقل منه مالًا، بنظر أشخاص ثمن باخث؛ لا يهمه سوى المال، والسلطة، والجمال، لكن المنصب لا يصنف بشيء، لا يمنح غير المال فقط.

"صار الأمان طفيفًا بعد فرطه، وأوشك على الهلاك."
                            
-----------------------------------------

أنين العقلحيث تعيش القصص. اكتشف الآن