الفصل الأخير

6.1K 266 71
                                    

نوفيلا "أنين العقل"
- إيمان صلاح-
▪الفصل الأخير▪
.
.

جالسًا على الكرسي، يسند كلتا ذارعيه على ركبتيه، أصابع يديه تتشابك يسندهم على ذقنه، ينظر إلى الثياب المبعثرة على السرير، لأول مرة في حياته لا يعلم ما يرتديه، يرغب أن يكون جذابًا، لكن ماذا يفعل؟
وقف على مقدمة الباب ينادي صافي علها تناجيه مما فيه.
- ماما، ماما لو سمحتي تعالي عاوزك
عاد يجلس مثلما كان، يهز قدماه بقوة من شدة التوتر، تقدمت صافي تجاهه بابتسامة بشوشة
- أيوه يا حب..
توقفت بعد وقوع عينيها على الفوضى لتكمل بعتاب:
- إيه يا مؤمن أنت لسه صغير عشان ترمي الهدوم كده، مش حيل إنك رايح تتقدم للعروسة.

مرر يديه على وجهه بضيق ممزوج بتوتر:
- مهو عشان كده بهدلت الدنيا، مش عارف ألبس إيه

قهقت صافي بخفة تقف مجاورة له، غرست أصابع يديها داخل خصلاته، هاتفة بحنان:
- اهدي يا حبيبي، هختار ليك أنا مش تقلق

بعد مدة..

انتهى من ارتداء الثياب، اختارت صافي جاكت جلد أسمر اللون، وتشرت أبيض به خط أسمر أسفل الصدر، أمسك زجاجة العطر يضع منها القليل، نظر إلى نفسه في المرآة، تساءل هل ستوافق عليه!؟
تطلع إلى والدته من خلالها، تنسد جسدها على الحائط، ترمقه بسعادة، اقترب منها ممسكًا يديها يقبلهم، ينظر لها بعشق.
- إيه الجمال ده يا ست الكل، أنا هغير كده

مررت كف يدها الأيمن على وجهه، وكفها الآخر بين يديه، تهتف بابتسامة يشوبها الغيرة.
- قصدك أنا اللي هغير، رقية هتخدك مني خلاص

زفر بضيق وخوف من رفضها، وقتها كيف سينظر لها كجارة! كان يريدها بيومٍ زوجه، وماذا عليه أن يعتبرها، وقد تغلغل حبها داخله؟ لن يستطيع نسيان ذلك.
- بس هي توافق يا ماما، ادعيلي

وضعت يدها على كتفه، علها تزيل عنه الهم، وتهدي له الدعم.
- إن شاء الله هتكون من نصيبك، وهتوافق، مش تقلق ربك كبير توكل عليه، ربنا قال في سورة التوبة بسم الله الرحمن الرحيم ( قُل لَّن يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا هُوَ مَوْلَانَا ۚ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ). سيب كل مخوفك وربك كبير وهيختار الخير ليك، وأنت مؤمن بقضاء ربنا مهما كان.

هز رأسه بتأييد، لن يختار الله إلا ما هو خير له وللجميع.
- ونعم بالله.

وضع يدها اليمنى داخل يده اليسرى، تمسكت بيده بسعادة، خرجا من الغرفة تبعهم إمساكه لباقة الورد المتواجدة على أحد المقاعد، جلبها قبل ارتداء الثياب، يهتف بسرور لما هو مقدم له.
- توكلنا على الله

------------------------------------------------------

تضع آخر اللمسات على وجهها، من مستحضرات التجميل، بعناية، فكانت تحدد عينيها بالكحل. انتقلت يدها إلى عينيها اليمنى، لتسمع طرقات الباب، اندفع خفقات عالية داخل قلبها، وخرج كف يدها على وجهها بالخطأ، وترك خط أسمر بوجنتها. وضعت كف يدها اليسرى تهدئ خفقاته، وهل عساه يرحمها؟.
نظرت إلى ما فعلته يداها اليمنى، متأففة بانزعاج، ضاربة جبهتها ضربات متتالية رقيقة:
-يووه بقى مش تركزي، كان لازم يجي دلوقتي، ما كان يستنى شوية؟.
فلتت ابتسامة عريضة على محياها؛ بعد سماع صوته، يُحي والدتها، أزالت السواد من وجنتها مسرعة، لحظات وكانت والدتها داخل الغرفة تستعجلها حتى تنتهي، وقد انتهت.

أنين العقلحيث تعيش القصص. اكتشف الآن