لماذا نفكر في نهايات الاشياء رغم اننا نعيش بداياتها !!؟
هل لأننا شعوب تعشق أحزانها ؟ ام لأننا من كثرة ما اعتدنا من الخوف أصبحنا نخاف من اي شيء ، وعلى كل شيء !
حتى أوقات سعادتنا نخشى عليها من النهاية .
"فاروق جويدة"بعد عدة ايّام من ذلك اليوم ، وقيصر و أيڤ لا يستطيع احدهما التخلص من وجه الآخر ومن التفكير بالآخر رغم كل محاولاتهما للتجاهل والتصرف بأن شيء لم يكن ولكن دون جدوى ، يراها بخياله كلما مر بجانب الغرفة رقم ١١ وكلما مر بجانب المقعد في غرفة الطوارئ حيث التقت نظراتهما اول مرة ، لدرجة اصبح يهتم بالمرضى الذين في الغرفة رقم ١١ بلطف اكثر وهو الذين أمضى حياته يعامل الجميع بشكل عادل ، وكان يغضب من تصرفاته قائلاً
_الهذا الجنون أوصلتك تلك الفتاة يا قيصر ، لم اخطيء عندما قلت انها اخطر من كوڤيد _١٩ .
وهو يضرب بيده على رأسه محاولاً نسيانها ولكن دون جدوى ، وقد لاحظ احد اصدقائه الأطباء ذلك ونصحه ان لا يهرب من شعوره وان يواجه ، لان المشاعر ليست قرار يأخذه المرء ويستطيع التخلص منه بعد ذلك ، المشاعر تزداد كلما حاولت الهرب منها .
وكذلك والدته لاحظت التغير الذي حصل عليه فهي اقرب الناس له ،كيف لا تلاحظ ! وهو دائما ما يخبرها بكل شيء الا هذه المرة يحاول التهرب من ان تسأله اَي شي لانه لا يعرف كيف يجيب اذا سألته ما به؟. وما الذي يحدث ؟ ما الذي يقوله لها وهو يخفي مشاعره حتى من نفسه .
في صباح احد الايام وبينما هو ذاهب الى المستشفى استوقفته امه ودعته لتناول الفطور ،وأخذا يتكلمان في وضع البلد بالنسبه للوباء ، اذ قال لها:
_ان الامر يزداد سوءاً يا امي ، الوضع يزاد خطورة فلم يعد شيء مثل السابق ،وحتى اذا انتهى الڤايروس بين ليله وضحاها وهذا مستحيل فالخوف سيبقى والحياه من الصعب ان تعود كما كانت .
_لا يا بني ،فهذا الوضع ليس اقوى من الموت وأثر الموت على الانسان ، ومع ذلك الانسان ينسى ويتعايش ويواصل حياته ،كل شيء سيعود على طبيعته بمجرد ما ينتهي وتعود الحياه افضل من ذي قبل انشاء الله .
ثم وصلت الى السؤال المهم قائله:_ماذا بك يا بني ؟ الم تلاحظ كيف انك أصبحت مشتت وصامت دائماً وهمك كبير ! هل هناك مشكله في العمل ؟ وتخافني ان اقلق ولا تخبرني!
_لا يا امي ،صدقيني كل شيء على ما يرام ، اشياء غير مهمه لا تشغلي بالك ،حسناً وقبلها على رأسها ونهض ذاهباً.
وقبل ان يخرج من الباب قالت له :
_ اخشى انه الحب يا قيصر ، فما يخفيه لسانك تفضحهة عيناك ، انا اكثر من يعرفك ،فما الحكاية ؟_ اقصر بكثير من ان تسمى حكايه ولكن اثرها لا يزول يا امي هو فقط لا يزول ،أليس غريباً ان يكون الشعور واللحظة ابلغ من المدة والزمن .
_كل شيء يزول يا بني ،الزمن علاج كل شيء ،قالت الام هذا بعد ان كان رد ابنها كالقنبلة عليها ، فلا يعجبها وجود فتاة أخرى في حياته ، وهي التي دائماً ما تلمح له بالزواج من ابنة خاله وفاء ، وهو دائما يؤجل الحديث بهذا الشأن متحججاً بانه ما زال مبكراً على زواجه .