2•الطفولة...

89 5 1
                                    

"أبي...أبي...اين انت؟"
"ما بك يا ابنتي ماذا حصل؟لماذا هذه الدموع؟"
"أبي..لماذا كل الأطفال لديهم أمهات حنونات؟بينما أنا ليس لدي سواك؟أريد أما مثلهم،كل يوم يسألني أولئك الأطفال عنها،وليس لدي ما أقوله لهم،و الأساتذة أيضا...إذا أخطأت في شيء يقولون تلك الجملة 'ألم تعلمك أمك شيئا؟!'...."
اصفر وجه(إبراهيم)،فهذا أكثر موضوع لا يريد التحدث عنه منذ أن ولدت إبنته،مازال لديه عقدة منه،و يلقي اللوم كله على ابنته التي تسببت في وفاتها،لكن هذا لا يغير شيئا،سيبقى الأمر على حاله.
"لا تسألين مجددا،لا أريد التحدث"
"لماذا يا أبي،ماذا حصل؟"
في تلك اللحظة انفجر(إبراهيم)غاضبا وقام بتكسير أقرب شيئ أمامه.
"قلت لك لا تسأليني!ألا تفهمين؟!اذهبي الى غرفتك،وانجزي واجباتك أو شيئ من هذا القبيل"
امتلأت عينا (دعاء)بالدموع مرة أخرى و ذهبت بسرعة إلى غرفتها.
"لماذا لا يريد أبي قول الحقيقة،ماذا حصل حتى أصبح غاضبا هكذا؟.."
استرجاع*فلاش باك*:
"...سأسميها(دعاء)..نسبة للأدعية التي كانت تدعيها(شهرزاد) في كل صلاة من أجلها"
"حسنا يا سيدي،نحتاجك أيضا لملأ بعض الأوراق في المكتب،تفضل معي"
بدأ(إبراهيم) بالمشي ببطء وراء الطبيب غير مصدق ما الذي حدث للتو،زوجته توفيت و أنجبت إبنته التي تشبهها بشكل كبير..عيناها،انفها وكل ملامح وجهها مثل(شهرزاد)تماما،أحس أنه يحمل نسخة منها،لم يستطع إزاحة نظره عنها.
بعد ان ملأ الأوراق اللازمة،خرج(إبراهيم)مع ابنته الرضيعة،تذكر أن الجو بارد خاصة انهم في فصل الشتاء في الكويت. ضم ابنته و قام بتغطيتها جيدا بوشاحه،بدأ يتكلم مع نفسه قائلا:
"ليتك رأيت ابنتك يا(شهرزاد)ليتك ضميتها اليك و أشعرتها بدفئك الحنون،كنت اتمنى ان نعتني بك معا كوالدين حقيقيين،ولكن للأسف..قدر الله و ما شاء فعل،أخذ منك أمك التي لن يعوضها أحد لك أبدا..."
بدأت تراود(إبراهيم)بعض الأفكار السيئة...ظن ان ابنته كانت السبب في وفاة زوجته التي أحبها لسنوات عديدة...لو لم تولد ابنته لكانت زوجته حية الآن....لم يخلو رأسه من هذه الأفكار حتى وصل الى المنزل،اصبح المنزل كئيبا بعد رحيل(شهرزاد)...
نهاية*فلاش باك*
"لماذا رحلت يا(شهرزاد)..لماذا تركتني وحيدا هكذا..ماذا سأفعل من دونك؟ لا أستطيع تجاوز الأمر منذ سنوات..."
كانت حياة(دعاء)عبارة عن الذهاب للمدرسة و سماع كل تلك الإهانات و العودة الى المنزل وحل الواجبات مجددا،أما(إبراهيم)..من العمل الى المنزل و تحمل أسئلة(دعاء) عن أمها،و تأنيبها حول دراستها رغم علاماتها الممتازة.
لم يُّشعِر(إبراهيم) ابنته ابدا بالحب والحنان منذ ولادتها و بسبب ذلك كانت دراستها و دموعها هما الملاذان الوحيدان لها.لم تكن تملك أقارب أبدا و لذلك لم تكن تملك أحدا تخبره همومها،فوالدها لا يحب سماع شيء من غير أسئلتها عن دراستها فقط.لم تكن تملك حتى أصدقاء،ظنت لوهلة ان آباها سيتغير و سيخبرها بالحقيقة و السبب في برودته معها...ولكن لم يحصل ذلك......مرت طفولتها التعيسة على هذه الحالة،لم يخبرها والدها بالحقيقة عن أمها بعد،لكنها لم تتغاضى عن الأمر وحاولت معرفتها وهي بذلك العمر الصغير...ذهبت الى عمله بالسر و سألت أصدقاء والدها لكن لم يفدها شيء،بل تمت معاقبتها لأن أحدهم قام بوشايتها...حاولت بعدة طرق لكن لم تفلح ولا واحدة منها،للأسف بقي ذلك السر الذي يخبئه والدها عنده..لم يفصح عنه ولم يحاول حتى،كلما رآها تذكر زوجته،إنها تشبهها لحد كبير،يصبح غاضبا مرة أخرى ويأمرها بالذهاب،لا يتحمل رؤية وجهها البريء ابدا ،أظن ان الأمر لن يتغير أبدا....

𝑨 𝑾𝒊𝒔𝒉 ☘︎ أمنيةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن