الفصل الثاني

22K 662 47
                                    

في فيلا الراوي، اجتمع الجميع حول مائدة العشاء، حديثهم يتناثر كنسيم خفيف يلامس الأرواح قبل أن يتفرقوا كلٌ إلى غرفته للنوم والراحة

صعد مراد إلى غرفته بخطوات وئيدة، وما إن دخل حتى وقعت عيناه على صورة قديمة لوالديه تعتلي الحائط، صُنعت بحجم كبير وكأنها تحاول أن تبقي ذكرى حضورهما حيّة. ابتسم بحزنٍ مغمور بشوقٍ عظيم، يحاكي صدى طفولته التي خطفها الفقد مبكرًا، لقد غادره والديه وهو في السابعة من عمره، تاركين وراءهم فراغًا لم يُملأ أبدًا

صحيح أن خالته وزوجها أغدقوه عطفًا وحبًا، بل يعترف بأنهما عاملاه بأفضل مما يعاملان به أبناءهما، إلا أن غياب الأبوين يترك حفرة في القلب لا تُردم

أبدل ثيابه، ثم ألقى بجسده المنهك على الفراش، لكن النوم لم يزره بسهولة وبينما كانت جفونه تتثاقل، طرأت على ذهنه تلك الفتاة الشرسة، كريحٍ عاصفة تقتحم السكون تلك النظرات العنيدة، والملامح الشرسة التي تأبى الانحناء !!

ارتسمت ابتسامة خفيفة على شفتيه، وهمس باسمها بصوتٍ مليء بالأعجاب بالكاد يُسمَع :
ورد !!!!!
........
في صباح اليوم التالي
استيقظت رهف بحماس لا يمكنها إخفاؤه، كان شوقها عارمًا للقاء ورد وغرام، غير أن هذا الحماس لم يكن يروق لشاهي، التي كانت تتبعهم بنظرات يغمرها الحقد

مع نهاية اليوم الدراسي، التفتت رهف نحوهما وقالت بمللٍ :
أنا مليش مزاج أروح البيت، إيه رأيكم نخرج مع بعض؟

ابتسمت غرام بهدوء، تحمل في ملامحها نبرة اعتذار خفيفة ثم قالت برقة :
مش هينفع، لازم أكون قايلة لبابا وأخويا قبلها بيوم عشان أعرف هيوافقوا ولا لأ

أيدتها ورد قائلة :
نفس الكلام، لازم أقول لبابا انا كمان قبلها

تنهدت رهف بأسف وهي تلزم شفتيها بحزن، لكن غرام، بملامح حنونة، ربتت على كتفها قائلة بابتسامة مشرقة :
خلاص، تعالي معانا، النهارده ورد وباباها معزومين عندنا، إيه رأيك تيجي تتغدي معانا

ردت عليها رهف بحرج :
مش عايزة أسبب لكم اي إزعاج

أجابتها غرام وهي تبتسم بإصرار :
إزعاج إيه بس، ده انتي هتنورينا، وأكل ماما هيعجبك اوي أنا متأكدة

أومأت رهف برأسها موافقة، فانطلقت الفتيات الثلاث إلى منزل غرام بسيارة رهف في الطريق، أرسلت غرام رسالة عبر أحد تطبيقات التواصل لتخبر والدتها بمجيء ضيفة معهما

عند وصولهم، توقفت سيارة رهف أمام البناية التي تقيم بها غرام وورد، كان الحي بسيطًا، تغلفه أجواء الهدوء، بينما الأطفال يلعبون كرة القدم في الشارع كأنهم يرسمون لوحة من البراءة

صعدت الفتيات إلى الشقة حيث استقبلتهم "ناهد" والدة غرام بترحاب دافئ، وتبعها حسام وأيمن بابتسامات طيبة، التف الجميع حول مائدة الطعام، إلا عز الذي اتصل واعتذر عن عدم مشاركتهم بسبب انشغاله في العمل

رواية عشقه عذاب ( احببته فخذلني ) لشهد الشورى حيث تعيش القصص. اكتشف الآن