داخل المكتب، وقف ليث يبحث بتركيز عن الملف بين الأوراق المبعثرة، بينما كان مراد يراقبه بملامح متجهمة. ثوانٍ قليلة مضت قبل أن يبدأ صوتهما في الارتفاع، موجات من الغضب المصطنع تتصاعد بينهما، بينما خارج الغرفة، كان الموظفون يقفون في حالة صدمة، لم يعتد أحد على رؤية هذين الرجلين في شجار محتدم كهذا !!!!
على بُعد خطوات، كانت السكرتيرة الخاصة بليث تستمع لكل كلمة تُقال، وعيناها تتراقصان بلهفة، بينما تهمس لمن على الطرف الآخر من الهاتف، تنقل له تفاصيل النزاع المحتدم.
مرت دقائق، ثم انفتح باب المكتب بعنف، وخرج مراد غاضبًا، خطواته تضرب الأرض بثقل، وملامحه تعكس الغضب وكأنه على وشك الانفجار
في لحظة اندفاع، ركل المقعد القريب منه بقوة، ليهوي أرضًا بصوت مدوٍّ، جعل السكرتيرة تنتفض من موقعها، ودون أن ينظر خلفه، غادر المبنى واستقل سيارته، وأدار المحرك بحدة
قبل أن يضغط على دواسة الوقود، وصلت إليه رسالة عبر هاتفه من ليث :
— الكرسي اللي اتكسر ده هتدفع تمنه، أنا قلت نمثل إننا متخانقين مش نكسر الشركة !!!!كانت الرسالة مرفقة بملصق ساخر, ضحك مراد بخفوت، ثم أرسل ردًا مرفقًا بملصق يغمز بعينيه :
— عشان أظبط الأداء ويبان طبيعي، آه، صحيح، صاحبتك كانت واقفة بره، وباين أوي إنها بتسجل اللي بيحصل....عامر هياخد أكبر مقلب في حياته !!جاءه رد ليث سريعًا ومختصرًا :
— وهو يستاهل الصراحة، ما علينا، لحد ما اللي اتفقنا عليه يتم، رجلك متعتبش الشركة، المفروض نبان متخانقين، وأنا فهمت بابا كل حاجةابتسم مراد بارتياح، ثم وضع هاتفه جانبًا، واستدار بالسيارة في اتجاه آخر، متجهًا نحو الجامعة، لم يكن يقصد شيئًا محددًا، فقط أراد أن يراها....تلك المشاكسة ذات اللسان السليط، التي احتلت قلبه في فترة قصيرة، دون أن يدرك كيف أو متى حدث ذلك !!!!!
........
في الجامعة، كانت الشمس ترسل أشعتها الحارقة بلا رحمة، مما دفع غرام وورد للبحث عن ظل يستظلان به، جلستا على أحد المقاعد، بينما زفرت غرام بضيق، تمرر أصابعها في شعرها بتململ:
— أنا زهقت، عايزة أعمل حاجة جديدة يا ورد، مليت من الروتين....جامعة، بيت، جامعة، بيتردت عليها ورد بضيق :
— وأنا كمان، بس إيدي على كتفك، عندك حل ؟لم ترد غرام مباشرة، بل فتحت هاتفها وعبثت به للحظات، ثم ناولته لصديقتها:
— امبارح وأنا بقلب في الشركات اللي بتدرب الطلبة، لقيت شركة تانية طالبة متدربين، لكن بشروط... لازم يكون التقدير عالي، خصوصًا السنة اللي فاتت، والمشكلة إن الشركة بعيدة، والمواصلات هتاخد وقت طويل، بس في المقابل، فيه مرتب، والتدريب مناسب لمواعيدنا، وكمان لو أثبتنا نفسنا، ممكن نشغل هناك بعد التخرجتنهدت ورد ثم قالت بضيق :
— الحلو ما يكملش، يلا، ندور تاني ونشوف غيرهاصمتت غرام للحظات ثم قالت بحزن :
— رهف وحشتني وزمانها زعلت ان احنا مش بنرد عليها

أنت تقرأ
رواية عشقه عذاب ( احببته فخذلني ) لشهد الشورى
Romansaهي الفتاة البسيطة، قلبها يفيض بالحب الصادق، أحبته بصدق، لم تهتم بثروته ولا مكانته، فالقلب وحده كان يكفي أما هو، فقد كان ضائعًا بين أطياف المال والمظاهر، يراها مجرد ظل لا يستحقه أهانها بقبول المجتمع ورفضها بسبب فقرها مرت السنون، واهتزت الأرض تحت قدمي...