إيفان فيدوروفيتش موجهًا حديثه إلى أخيه أليكسي]
▬ لستُ أرفض الله... افهمني جيدًا... وإنما أنا أرفض العالم الذي خلقه ولا أستطيعُ الموافقةَ على قبولِه. وها أنذا أشرح لكَ ما أريد قوله: إنني أؤمن إيمانًا جازمًا، كإيمانِ الطفل، بأن آلام هذا العالم ستخف شيئًا بعد شيء وستزول آخر الأمر، وأن هذه المهزلة الحقيرة، مهزلة التناقضات الإنسانية ستتبدد تبدد سراب باطل، تبدد شيء تافه اخترعه ذهن إنساني ضعيف صغير، وستتبدد تبدد الذرة في ذهن إقليدس. أؤمن بأن حقيقة ستنبثق أخيرًا في خاتمة المطاف من هذه الحياة، حين يتأكد الإنسجام الأدبي، فإذا هي تبلغ من السمو والنقاء أنها تهدىء جميع القلوب، وتُسكّن جميع أنواع الغضب، وتكفّر عن جميع جرائم الإنسانية، وتفدي كل الدم الذي سُفح على الأرض. وهذه الحقيقة لن تتيح العفو عن جميع الأخطاء الإنسانية فحسب، كائنة ما كانت تلك الأخطاء، وإنما هي ستسوِّغها فوق ذلك. لنسلّم بهذا كله! ولكن حتى في هذه الحالة، فإنني لن أقبل الأمر ولن أريد أن أقبله! ألا فلتلتقِ الخطوط المستقيمة المتوازية ولأرى ذلك، فأعترف بأنها التقت، ولكنني لن أقبل ذلك. تلك طبيعتي يا أليوشا، وتلك أحساسيسي ووجهة نظري بالعالم. لقد حدَّثتك حديثًا جادًا كل الجدة في هذه المرة. تعمدتُ أن أبدأ حديثنا على أغبى نحوٍ ممكن، ولكنني قدته إلى حيث أبلغ اعترافًا كاملاً صداقًا، لأن ذلك وحده يهمك. ليس الحديث عن الله هو ما كنتَ تريد أن تسمعه مني، وإنما كنت تريد أن تعرف ما يدور في نفس أخٍ تحبه. فها أنت عَرَفتَ.
▪ صــ 162
▪ الإخوة كارمازوف
▪ دوستويفسك