٨-إمنحينِي فُرصة

90 17 37
                                    


..

فِي هذَا اليوم الصيفِي المُنعش ،سيهُون طلبَ من بورا مُرافقته بعدَ حماقةِ الجامِعة.

لم يكُن بمقدُورها الرفضُ بعد إلحاحِه المُبالغ بِه.

يقيمُ جذعهُ محاذةَ البَحر و يديه غارِقتان في جيبِ بنطالِه الجلدِي الأسود.

و شعرُه الفحمي مُسرحٌ على هيأةِ فاصِلة ، و من بينِ الحين و الآخر هُو كان يعيدُه للخلف لاعقاً شفتيه بتوتُر..تلك عادتُه التي لن يُقلعَ عنها.

إنهُ فقط يبدُو كَفتى رسُومٍ مُتحرِكة في واقعٍ مرير كهذَا ،رجُل بإستطاعتِه كسبُ قلُوب الإنَاث بلا تعبٍ يُذكر.

قدماهُ قد ضجِرت تأخُرها ،و عقلُه تمردَ قائلاً أنها لن تُرافقَ فتًى تعرفت عليهِ منذُ فِترة..بل و قَام بإثمِ تقبيلِها.

قَامت بتفادِيه اليوم كثيراً و لكنهُ إتخذَ إثم أمس كحُجةٍ بينَة ،لكِن و اللعنَة لم عقلُه يقُول غيرَ ذلِك.

" آسفة ،هل تأخرتُ كثِيراً؟ "

أردَفت مِن بينِ أنفاسِها اللاهِثة مما جعلَ عينيه الضيقتين تتسعانِ قليلاً و ثغرهُ إلتفَ بصَدمة.

يحدقُ فيها مصدُوماً فمجيئُها كَان آخِر ما قد يُصدِق ، إنشَرح قلبُه إثرَ إدراكِه لكونها تثِقُ به بالفِعل.

ترتدِي ثوباً كراميلي اللَون طوِيل و حازِق عند منطِقة الخَصر ،مع أكمامٍ واسِعة تتحركُ مع موجاتِ الهواء الطفِيفَة.

" لا لم تفعلِ "

غمغم مُبتسِما بينما يجلسُ على الرمالِ الرطبة و سُرعانما ما جلَست بجانبِه تحدقُ بالشاطئ كما هُوَ.

مُتلالئ بشكلٍ يأسرُ القلُوب ،كالفتَى بجانِبها.

رتَبت خُصلاتها التي تستمرُ بتشويش مرمى بصرِها للخلف ،بينما تزفرُ بخِفة..هذا الجوُ هادئ غيرُ مُعتادٍ بينهُما.

" تبدِين جميلة جداً اليوم أيضاً يا سُكريتي "

فَرجت ثغرها بصَدمة ،بإمكانِها الشعُور بقلبِها الصاخِب و خديّها المُشتعِلان.

" أنتِ لم تواتيني بأي رَد ،
لم تقبلِي بِي كذا لم تُبعديني..
أنا أُحبكِ هل لكِ أن تُشفقِ على قلبِي و تمنحيه رداً؟،
حتى إن كانَ رفضاً "

حديثُه الأخير كانَ خافِتاً للغَاية ،كأنهُ إحدى تِلك المخاوِف العُظمى لخافِقه و هُو كذِلك فعلياً.

جَمعت كفيها معاً بتوجُس ،هذَا قرار كبِير بالفِعل و لكِن بالنظرِ لعينيّ سيهُون اللتانِ تشعانِ حُباً..

إرتَعشت أطرافُها حالما قَام بالشدِ على يديها المُتجمدين بفعلِ الرياح بكفيه الدافِئين إثرَ دفئ جيُوبِه.

" خُذي وقتكِ و فكِري في أمرنا ملِياً ،
أنا لستُ مُتعجِلاً للغَاية "

بهدُوء ربتَ على قلبِها الهائِج ،بكلماتِه الدافِئة حتَى نبرتُه الحانِية تِلك.

أُوه سيهُون ليسَ كما يبدُو،
إنهُ رجُل دافئ ،حسَاس عِندما يتعلقُ الأمرُ بأجزاء قلبِه-أحبائِه- ،مُخلصٌ لأبعد الحدُود و جديرٌ بالثِقة..

و لأجلِ جميعِ تِلكَ بالأعلَى هيَ شدت على يدِه برِفق بينما تمتمُ بروِية.

" و لأنني أثقُ بِكَ سيهُون ،أُسلمُك قلبِي أنا لن أُطالبكَ بصونِه كوني واثِقة أنكَ لا تحتاجُ هذَا الطلب السخِيف،
فقَط عليك إقناعُ والدي و لا أظُن أن الأمر يروقُهما و..."

قَاطع حديثها القلِق بجُملتِه المُطمئِنة.

" إمنحيني فُرصة لأُجرِب معهُما "

...

" أُمي ،لقَد عُدت "

صدَح صوتُها خافتاً و مُتوتِر ،مما جعلَ الأطول خلفَها يكتمُ ضِحكتهُ بصعُوبة.

تبدُو كطفلٍ ينتظِرُ جزاءَ أخطائِه ،حتَى أنَ قميصهُ المُرتب بات أشعثاً جراءَ شدِها عليه.

ذلِك الصمتُ غير المألُوف و الذي يخيمُ الأرجاء غيرُ مُريحٍ لخافِقها بتاتاً.

بأنفاسٍ مهدُورة أفلتت قميصهُ بعد أن عَثت فِيه خراباً و راحت تجُوب المنزل بحثاً عنهُما ،لكِن الفَراغ صفَعها علها تفِيق.

والدَاها غيرُ موجُودان!!

أينَ قَد يكُون والدَاها؟!

وجُهها إحتقنَ بالحُمرة واشِياً عن بوادِر بُكائِها ما جَعل الآخر يجحظُ بصَدمة.

لوهلةٍ كاد يتقدمُ إليه مُعانقاً إياهَا. فاشياً عن كُل ما يُضمِر ،لكِن دخيلاً مَا صدهُ.

و ذَاك لم يكُن سوى الأسمر ،مِن الجيد أنهُ توقعَ أن رفيقهُ ليسَ أهلاً للثِقة و سيُفشي عن كُل شيء حالما تحُل عليها نزغةُ بُكاءٍ طفِيفة.

'أُوه سيهُون حقاً حقاً أبلَه'
تفكيرُ جونغ إن ركلَ تِلك الكلِمات عُنوتاً لتُدرجَ تحتَ مُسمى "حقيقة مُؤكدَة"

" سيهُون والدي إنهُما.."

همَست بحشرجةِ بُكاء ما جعَل الآخر يُقاطعُ هذرها بضمرِها بداخِله ،حيثُ تنعمُ بسماعِ خفقاتِه الهائِجة بحضُورِها.

جائر حبحيث تعيش القصص. اكتشف الآن