٣-سُكريتي

112 18 12
                                    


-الإعترافُ الذيّ كبحتهُ بداخلي ،سأعترفُ لكِ فقط أصغِي لغنائِي.

..
السَاعة الواحدَة بعد مُنتصف الظهيرة ،
تقفُ اسفلَ اشعة الشمس الحارِقة، بثوب طفُولي نوعاً ما و مُورد، سُكري اللون.

تحجبُ الشمس عنها بكفها الصغيرَة، بإنتظارِ المترو.

تنهيدَة مهمُومة خرجت من عندها بينما تتأملُ المرج الأخضر في مُخيلتها و كالعادة ،الا ان المرج الأخضر ما باتَ خاوياً كما فِي السابِق ،إذ انَ طويل القامة قد قام بغزوِه بإحتراف و بطريقَة شتت تركيزها تماماً عن كون الميترو قد فاتها تواً.

سوفَ تتعرضُ للتنمُر مُجدداً بسبب موقف أمس، يال بُؤسها!

و استمرَت بالتنهُد بلا هودَاة ،الا ان لاحظت و اخيراً ظل الميترُو الذي ابتعد كثيراً فصاحت ببُؤس و بمعالم يائسة.

سيارةٌ ما، حمراء ،نظيفة، لامعة، انا لا امزَح انها نظيفة حقاً حد لمح نفسك في نوافِذها.

انزَل نظراتهُ الشمسية عن جسر أنفه و رمق تلك المُتذمرة بذهُول، رفع شفتيه عن ناصِيتها للأعلى قليلاً ثُم رويداً و تحولت الـ قليلاً لعالية.

" يا لهُ من صباح سُكريتي "

و بالرُغم من كونه حديثاً مُنخفضاً عنى به إنصات نفسه فحسب الا ان جُزءً من حديثه قَد وصلها، جُزء كَـ 'سُكريتي'؟.

" تحتاجين لتوصيّلة؟ "

هتفَ بصوتٍ عال افزع حتى الطيُور بالأرجاء ففرت هاربةً عن اعشاشها ،الا انَها وجدت ذَاك الصوتَ جذاباً للغاية و غرقت في النظر بصَاحبه دُون وعيّ.

صمتُها غير المألُوف اصابُه بالجزع فكاد يخرجُ عن مثواه و يتجهُ اليها مُتفقداً اياها بذُعره المعهود ،الا انها تدراكت نفسَها في آخر لحظات ،و هزت رَأسها بنفي بينما تشيحُ بصرها عنه بعيداً.

و كَأن اوه سيهون من يرضَى بالرفض؟

ثوانٍ و وجدت ذاتها تعانقُ بعضَها بصَدمة و خوف بعدَ ان فارقت الرصيّف و امست بينَ ذراعيه، و لسببٍ ما احست بذاتها اقرَب للسماء.. لرُبما بسببِ طُوله؟

" هي انت، افلتني، ما الذي تظنُ نفسك فاعلاً؟
سأصرُخ ،سأجمعُ الناس حولَك و اخبرُهم انك مُختطف "

صَرخت بعدَ ان استعادت جُزئاً من وعيها الذي تلاشى لثوانٍ من رائِحة أريجه الفتَاك ،ذلك الفكُ الحاد ممُيز للغاية و تِلك الشامَة المُتمركزة اعلى عُنقه
جُورٌ لو اتَصفت بمُجرد جمال فهيّ اكثرُ بكثير.

أخذَ تذمُراتها على محملٍ آخر و رَاح يضحكُ بصخب مُخلفاً خلفهُ بحتاً لطيفَة، و فقط لو يعلمُ كم ان عينيه الهلالية تِلك اودَت بقلبِ الأُخرى هالِكاً مُتفانياً.

اوه وسيم هُون، رفقاً بقلُوب النسَاء رجاءً!

كنزَة صُوفية بسيطة و بنطال اسود، طلة اقل ما يُقال عنها بسيطة و لكن مهلاً ..ليسَ و اوه سيهون يرتديها!

برفق قامَ بوضعها بجانبِ مقعد السائق ثُم جلس مكانهُ بوقار، و استأنف قيادتُه بينما يدندنُ مع احدِ الأغاني.

" هل لكَ ان تُخبرني لما تفعلُ كُل هذا معي انا بالتحديد؟ "

اردَفت بخنق بعد دقائق من الصَمت، اوقَف السيارةَ في ناصيةٍ ما و حدق فيها بطريقَة اربكتها و جعَلت الفَ وسواسٍ يجدُ طريقاً لعقلها، ماذا لو ارادَ بها سُوئاً او ما شَابه.

هُو اشبه بالمُطارد و هذا يثيرُ ريبتها و تحفُظها ضدّ الذكُور عموماً ،و لرُبما هذا بالضَبط ما جذب الآخر إليها.

ارتَفعت يُمناه لمُلامسة خدها و اعتدَل مُحاصراً اياها بجسدِه ضدَ بابِ السيارة مُحكم الإغلاق ،و فقط الأُخرى جَحظت عينيها بصَدمة و توتُر.

" هذا لأنني أحبُك بورا ، أحبُك "

عينَاهُ تؤصدَان حولها طريقَ الرَفض تماماً، و قربُه يجعلُها تدركُ كم انَ فارق البنية و الطُول بينهُما كبِير.

جائر حبحيث تعيش القصص. اكتشف الآن