الفصل الرابع وعشرون

28.4K 548 14
                                    

الفصل الرابع عشرون

تحسس نفسه،  ولكنه لا يعلم هل بالفعل السخنية انتابته أم لا، فهو لا يفهم قط في تلك الأشياء، حدق بها باندهاش ثم قال:-
_مش عارف سخن ولا لاء؟!
هزت رأسها متأفف على وضعه حيثُ كان مريض للغاية،  يبدو التعب على وجهه،  سألته بهدوء:
_إنت حاسس ببرد
هز رأسه ثم غمز لها بخبثٍ وقال:
_ما تيجي في حضني ودفيني!
أخرجت زفيرها بعصبية ثم قالت بانفعالِ:-
_إنت سقعان بجد ولا بتمثل عليا؟!
هز رأسه وقال بنبرة جادة:
_والله تعبان وحاسس بسقعة وعاوز بطنية على دي
أسرعت تركض للخارج ولكن قبل أن تخرج خارج الغرفة، انكمش حاجبه بضيق وقال بعصبية:
_يا هانم راحة فين بالشكل دا؟؟؟
استدارت  لتنظر له بعدم فهم، حدقت باصبعه الذي كان يشير نحو ملابسها، سألته بعد أن حاولت أنظارها نحو ملابسها:
_إيه مالك؟!
لم يستطع أن يتحمل غبائها،  نظر بجانبه حيثُ علبة السجائر الخاصة به،  أمسكها وأخذ واحدة،  ليشعلها ويلتهما بشراهة،  اقتربت منه "ملاك"  بعصبية ثم مدت يدها حتى تأخذ منه تلك السجار، قائلة له بغضبٍ:-
_متشربش زفت وإنت تعبان فاهم ولا لاء؟!
رفع حاجبه بسخرية وقال بنبرة ذات معنى:-
_الله الله دا إحنا بقينا ناخد على الكبار ونشيل السجاير من بوقهم أخص علينا
ازدات غضبها فقالت بانفعال:
_لا أنا ليا الحق ومن غير ما تعلم المهم بقى عاوزة أعرف حضرتك بتبصلي ليه وعاوز إيه مني؟عاوز أروح أجيب لك تلج وجيب بطنية
اعتدل قليلاً ليجيبها بـ:
_حضرتك ما ينفعش تخرجي برا الأوضة دي بلبس دا؟!
رفعت حاجبها باستغراب وأجابته بـ:
_ وليه بقى ما ينفعش أخرج برا الأوضة بحاجة غير دا؟!
رد عليها بعصبية ناتجة من غيرته:-
_في خدامين وحراس وأنا حتى المرايا مش عاوز أشوفك بتبصي عليها
استغربت بشدة، جحظت عينها به بصدمةٍ، فكرت قليلاً قبل أن تقول باستفزاز:-
_عادي أنا متعودة على اللبس دا!! وبعدين زيهم زيك يا حبيبي!!!!!
رفع حاجبه بضيق، اشتدت غضبه قال بانفعال:-
_إزاي بقى وبعدين أنا جوزك إنتي فاهمة ولا لاء
_لا!!!!!
قالتها ببرود شديد ليرد عليها بجموح وكأنه سيلتهمها:-
_لا جوزك وغصب عنك كمان مش بمزاجك ولبسك دا حتى "سامية" متشفوهوش عليكي ولو عاوزة حاجة عندك تلاجتنا هنا وعندك تليفون ممكن تطلبي بي أي واحدة من الخدم
حاولت أن تكتم ضحكتها، وتكمل في تمثيل غضبها، واصلت حديثها بجدية:-
_إنت إمبارح قولت لي إنك مش بتحبني وإني هنا انتقام مش أكتر
جذ على أنيابه وهو يرد عليها قائلاً لها بغبظ:-
_أيوا ملهوش دعوة الإنتقام  بخروجك بالمسخرة دي لازم تحترمي على الأقل نفسك يا هانم
صرخت به بعلو:-
_أنا محترمة غصب عنك
بخفوت تام رد "جبل" عليها:-
_مافيش نزول أنا قولتلك وبعدين أنا سمعت كلامك وقاعد من الشغل فياريت تعملي زيي
تأففت بشدة،  وبالفعل نفذت ما قاله وأسرعت نحو الثلاجة المتواجدة بغرفتهم،  جلبت له ثلج وبدأت تعمل له جمداته لعل حرارته تنخفض،  ظل يحدق بها بحب،  يشعر بأنه بحلم ولا يريد أن يفيق منه،  عشق مرضه لأنه قربها منه،  لا يعلم ما سيحدث إذا انخفضت حرارته ستبتعد عنه، أغمض عينه بتعب،  مما جعلها تنفزع وتقول بخوف:-
_مالك يا "جبل"؟
انكمش حاجبه وقال بهدوء:
_مافيش يا" ملاك" حاسس بتعب وصداع شديد ممكن يكون من السخنية
تفحصت رأسه بيدها وعادت تقول بحنو:-
_أنا هريحك؟!
أشارت نحو أرجلها وأكملت:-
_نام على رجلي وأنا هحط أيدي على رأسك وصدقني هترتاح بابي كان بيقولي إيدك فيها علاج
نفذ ما قالته بسعادة،  كان مستمتع بيدها التي تسير بين شعره،  انتابه احساس المراهقة الذي يعيشها ولأول مرة معها،  غفل وذهب في سبات عميق،  ابتسمت حين انتبهت له،  ببطء شديد،  وضعت رأسه على الوسادة،  وبحب شديد قالت:-
_تصبح على خير يا حبيبي ربنا يشفيك ويهديك ليا يا روحي
......................................................................
في فيلا "مالك"
نزل وبصحبته "مرام"  التي رسمت ابتسامة على ثغرها،  وأسرعت في خطاها حتى تبارك لصديقة عمرها،  نظر لها "مالك"  بغيرة ثم قال بأمر:-
_أمشي عدل وبعدين إنتي حابة تشوفي "أحمد"
قهقهت بقوةٍ على حديثه وعلى ملامح وجهه التي انقلبت،  وقفت عن السير لتضع يدها على خديه الأيمن والأيسر ومن ثم أخبرته بحب:-
_أنا مش بحب أشوف غيرك في الدنيا مبسوطة إنهم اتجمعوا أخيراً عشان كدا ماشية بسرعة مش أكتر
ابتسم على حديثه،  نظر لها بعشقٍ متيم لا أحد يمتلكه غيرها،  كان سيرد عليها ولكنها أكملت بعد أن أمسكت يده ووضعتها على قلبها:
_أنا عمري ما حبيت ولا هحب غيرك إنت خليك عارف إنك مالي قلبي وروحي إنت نفسي
اقترب من أذنها ثم همس بحب:-
_بقولك ما نيجي نتجووز
ابتسمت بخجلٍ،  حدقت بأرضية المنزل وقالت بتوتر:-
_بس بقى بعدين تعالى نشوفهم بقى
ثم عادت وسارت مرة أخرى نحوهم قائلةٍ بترحيب:-
_أهلا يا "أحمد" 
قام "أحمد"  من مكانه ثم قال بفرحة كبيرة:-
_أهلا يا "مرام"  عاملة إيه
هزت رأسها مجيبة عليه بهدوء:-
_الحمدلله بخير اتفضل أقعد
جلس الجميع معا،  جاءت "ريناد"  حين وجدت الجميع متواجد،  كانت ستجلس معهم ولكن صوت "مالك"  جعلها تتوقف:-
_"رينو" اطلعي خلصي الهومورك بتاعك يالا عشان هنتكلم في كلام كبار
ردت عليه بتذمر،  بعد أن ضربت الأرض بأقدامها:-
_أوف حاضر أنا مش عارفة هو لو قولتوا الكلام جنبي هيحصل حاجة؟!
ابتسم "أحمد"  على تصرفات "ريناد"  طفولتها تشبه طفولة أخواته كثيراً،  بينما "مالك" فقال بأمر:
_لو خلصتي روحي على أوضك  يالا
أسرعت "ريناد"  لغرفتها،  عاد "مالك"  وبدأ في الحديث قائلاً بهدوء:-
_إن شاء الله تعالى خطوبتكم أنا موافق عليها وبالنسبة لموضوع الشقة فـ "جبل"  عامل عمارة هناخدلك فيها شقة
قاطعه "أحمد"  بحد:-
_بس أنا هجيب الشقة من فلوسي أنا مش محتاج حد يجبلي حاجة كتر خيرك يا "مالك"
تأفف "مالك"  وقال بانفعال:-
_ممكن أكمل لو سمحت!!!؟
كانت "دنيا"  خائفة من اشتدات الحديث بينهم،  حدقت بـ"مرام" فهزت الأخرى رأسها لتطمنها قائلةٍ بهدوء:-
_خير ياجماعة خير "أحمد" اسمع "مالك" هيقولك إيه؟
رفع "مالك"  يده لتتوقف عن الحديث،  أكمل كلامه بنفاذ صبر:-
_بعد إذنك يا "مرام" اسكتي، وإنت ياعم "أحمد"  الشقة هتاخدها قسط أنا مش هجوز أختي لأي حد هتمسك مشاريع عنده وعندي وبرضه لو حابب تاخد فيلا قسط وتكون هنا جنبا أنا معنديش مانع في الأول وفي الآخر إنت هتدفع حقها
نظر له "أحمد" بشكر،  لا يعلم بما يشكره،  تحدث بحب:
_بجد مش عارف أقولك إيه يا "مالك"  مساعدتك ليا كبيرة وعمري وما هنساها

النمر الجامح بقلم أميرة أنور حيث تعيش القصص. اكتشف الآن