الخَامس عشر مِن شَهر نوڤمبر لِعام الألف تِسعُ مئة وتسعة عَشر، أمسك تلكَ المُذكرة الصغيرة، مع بعض قُصاصات الورق التي جمعتُها وخبأتُها في حمالة صَدري، كَي لا يتطفل أحد عليها، ويقرأ مضمونها.
المَكان مُزدحم كالعادة، الأرض مُغطاةً بالغُبار الناعم، صوت ضحكاتهم مع أصواتهم الغَليظة -مُقارنةً بخاصتي- يَملئ المكان.
هُنا في حانة -آل جرايسون- أقبعُ أنا خَلفَ حَامل، أُقدمُ النَبيذ والبِريبون للرجِال ذُو الشوارب الكثيفة.
أنخفضتُ ألتقطُ مِنشفتي، قَبل أن يَعلوَ رأسي عندمَا إصدرَ جَرس الباب صَوتًا مُعلنًا عَن وصول أحدهم.
نظرتُ لتلكَ الساعة التي أهداني إيّاها صاحب الحانة كَما يطلقونَ عليها.
ذلكَ الرَجـل صاحب الهيئة المَهيبة، صوت كَعب حِذائه العالي كنغماتٍ راقت لأُذني، اعتادتُ سماعها في مِثل هذا الوقت مِن النهار.
«شَاي!» أخبرني مُختصرًا، لأومئ له سريعًا ابدأ في تحضير شَايّـهُ، مُتناسية أمر باقي الزبائن.
وعلى غَيّر عادتي -التَي تُكسر لهُ خصيصًا- اذهبُ أنا اتمشى بينهم أعينهم على جَسدي تَكادُ تلتهمني، أنا أشعر بها حَتى لو يَلمسوني، أشعر بحقارة نِياتهم.
تَقدمتُ مِنه أضع أمامه طَلبه، أرتفعَ طرف شفتاي في إبتسامة بسيطة، حاولتُ بها استمالته لي.
لا تَلوموني، فقد كان وَحدهُ مَجهولًا ومُبهمًا لي.
فمثلًا؛ هذا جورج الذي يَجلس بجانب روبرت، في خلافٍ مَع زوجته مُنذُ أربعة أيام، أمـا عَن صديقه روبرت، فقد أنفصلَ عَن خطيبته ماري، بعد أن اكتشفَ أنها عَاشرت غيره ثلاثة رجال.
وتشارلي الجالس يُغني هُناك، لا يفعله غَير حُزنًا وآسًا على روح حبيبته التي فارقته آثر حُمي شديدة.
كَيفَ أعرف كُل هذا؟ ببساطة يا عزيزي الرِجال لطالما شاركوني أسرارهم، بعد شُرب أربع أكواب مِن الجُعة الرخيصة التي أُقدمها.
ومَا يحتاجهُ المَرء مِنا غَيرَ أُذن تَسمعه!
وبإعتباري الفتاة الوَحيدة الغَربية عَن برمنغهام فكُنتُ أُذنًا صاغيةً لهم.عَداهُ هو.
لِمَا عليه إن يكون مُتحفظًا هكذا، فقط كَلمة واحدة مَا اسمعها مِنه مُنذُ أربعة أشهر، كلمة واحدة لا غَيّر، تتمثل في طَلبه اليومي الشاي.
أعلم كَم يُقدس الرَجُل الإنجليزي الشاي، لَكن ألهذا الحَد؟ حتى لا ينطق غَيّره، ولا يتدفق مِن شفتيه الجَميلة حَرفًا آخر.
لا تَحكموا علي لَستُ عاهرة المَكان، لَكني جَريئة كفاية لتقبيله أمام الجميع إن أردتُ.
فقط عيناه كَزُمرد نَقي قَد بَاتَ عَلى ثوب مَلِكنا جورج المُبجل، بَشرته البيضاء بدون شُحوب، يَشوبها بعض الندوب، هُناكَ ذقنٌ خفيفة تَنمو له لَكن على ما يبدو أنه يُزيلها قبل أن تفعل، أنفه المُناسب تمامًا لتقسيمات وَجهه المُميزة، وأخيرًا شفتاه كورودٍ نُثرت على شَعر عَروس بتول يَوم زفافها، وكَعريسٍ مُحب انتظرتُ أنا مُلاقتها.
أنت تقرأ
فِي مُنتصـفْ شِتـاء قَـارص.
Actionكان غربيًا، جميلًا غَزا عقلي بصمته، وإحتلهُ بِسُكُونه. •[مُحتـوى الكِتاب غير جِنسي لَكنه قَد لا يُناسب البَعض]