151 35 10
                                    

أستلقي عَلى سَريري، أُناظرُ السَقفَ المَليئ بالشُقوقِ، يَبدو كَتُحفةٍ فَنية رُسمت على يَد دَاڤنشي.

عَلى مَن أكذب المَكان قَذر وللغَاية هُنا، لا تَهوية جَيدة ولا مَظهر جَيد ولا أثاثِ يَصمد حَتى.

أشعر بهدوء، ليسَ هدوءً لِلأجواءِ فَقط، بَل هدوءً مُتسلطًا عَلى نَفسي، وكإنها غَيمة مِن السَكينة.

أعرف أن الأمر يَبدو بعض الشيء وكإنه لاشيء، لَكِنَه يَعني لِي الكَثير.

أربعة أيام بدون الخروج مِن المَنزل، عَدم الإستماع إلى بَلايا مَن حَولي، فقط إستلقائي على سَريري الرَثَ.

أنا وأنا..فَقط كُل مَا يشغل تَفكيري.

إنعزالي المؤقت هذا قَد أعادَ لنَفسي زِمَامَ الأمُور، قَد جَعلني أُفكر بي أنا، لأول مَرة مُنْذُ وقتٍ طَويل.

أظُنني أعلمُ مَـا احتاج اليَوم، أظُنني أعلمُ مَـا أريد!

طَرقَ بَـابي لأقف بمللٍ أتأفأف أذهب ناحية الباب، لِعَلميَّ المُسّبق بِمَن الطَارق، فتحتُ البَابَ بدونِ إلقاءِ نَظر عَن مَن يَقفُ خَلفه أصيحُ :«لِتوكَ تَذكرتني، على أي حَال جَهـزتُ العَشـ..»

صَمتُ لفَترةٍ لَيست بقليلة البَتة أُحدقُ بِالواقف أمامي، فَلمْ يَكنْ ستايلز كَما ظَننتُ.

تنحنحتُ بِحرجٍ قائلة:« آسفة سَيد توماس تَفضل بالجُلوس.» سَحبتُ أحد الكراسي المُلحقة بالطاولة الصغيرة الموجودة بالشَقة.

تنحنحَ هو الآخر يخلعُ رِدائهُ الطويل يُعلقه خلف الكُرسيّ ويَجلس، أعني هَل هو بِحَق يَنوي الجُلوسَ مَعي! مَعي أنا مَادرونا؟
غريب..

عِندما لاحظتُ أنَ تَحديقي طَال، ابعدتُ ناظراي عنه أذهب للطاولة خاصة المشروبات.

«أيُهما تُفضل؟ » صحتُ أعرض أمامه النَبيذ والبيربون، بالطبعِ أتيتُ بهم مِن الحانة.

«نبيذ. » أجابني لأبدأ في سَكب كوبًا له، أجلسُ أنا الأُخرى مقابلة لهُ على كُرسيٍ أخر.

«كَيفَ هِي الحَانة؟ » تسألتُ فأنا بمنزلي مُنْذُ أربعة أيام لأنني رسميًا مُساعدته الخَاصة.

«لَيست بأفضل أحوالها.» أخبرني يتجرع محتوياتِ كأسه لأقطب حاجباي بفضولٍ مُتسألة :«ولِمَ لا؟ »

«جِيمي يعمل مكانك بِفوضاوية، آرثر يصرخ طوال اليوم الذبائن تفتقد حسك الفُكاهي وأشيائّا مِن هذا القَبيل.» أخرجَ سيجارةً مِن جَيب سُترته وبدأ في استنشاقها، بعد أن مَررها عَلى شفتيه قبلًا.

«لَقد مَررتُ فقط لإعلامك أننا غدًا ذاهبونَ للندن.» قَال بِجدية لأقطب حَاحباي بحيرة :«غَدًا..أعني لِمَ؟»

«لأمر أعمالنا. » أخبرني بهدوء يتجرع أخر ما بالكأسِ ويَقفُ مُستعدًا للخروج.

«على أي حال استعدي لأنني سأمر عليكِ فالسادسة..» أومأتُ بهدوءٍ، أراقبه وهو يسحب سُترته يَرتديها، لأذهب وأسحب خاصتي أنا الآخرى سأزور خياطي إذًا.

فِي مُنتصـفْ شِتـاء قَـارص. حيث تعيش القصص. اكتشف الآن