1

4.9K 183 23
                                    


"أنا كل شيء لكِ
أنا أشياؤك التي تعرفينها
وأنا الأشياء التي لا تخطر لك على بال
أنا المظلة التي تظلل كلماتك، حين تنادين أحدًا وقت المطر
أنا القلق الذي يتنصت على مكالمة لك، لم يجبها الطرف الآخر
أنا لهفة أكواب المقاهي تفكر أيها يفوز بشفتك صباحًا
أنا مقبض الباب، يرتعش حين كفّك اللدن يصافحه برفق
أنا الشجرة التي تنحني حين عبورك
أنا القمر الذي يسير مسرعًا كل السماء، ويتمهّل أمام نافذتك
أنا اسمكِ، وأنا أشياؤك التي لا يعرفون.💜"
-
قبل ثماني عشر سنةَ،
في قصر عائلة الكساندر،
الساعة السادسة مساءاً.
يجلس وريث عائلة الكساندر والإبن الأكبر لزعيم المافيا الأعظم انتونيو الكساندر على كرسيه المفضل المصنوع من جلد الثعبان الأسود، وسط مكتبته الهائلة، المليئة بكتبه التي بذل جهداً بالغاً في تجميعها، حيث كان يحرص ليونايدس على ان تحوي مكتبته كافة انواع الكتب وكان مهووساً بشكل خاص بكتب الطبعة الأولى والتي تعود الى مئات او الاف السنين .
كان منغمساً بقراءة الصفحات الأخيرة من رواية "البؤساء" للفرنسي "هوجو" والتي على ما يبدو قد نالت استحسانه، عندما سمع طرقات أحدهم على باب مكتبته والتي خمن من صوت الطرقات انها لوالده،
وبعد الطرقة الثالثة ،ظهر جسد والده الضخم من وراء الباب وقد بدت عيناه حينها تشّع فخراً،
-هل انهيت تدريباتك لهذا اليوم ليون؟
وضع ليونايدس كتابه على الطاولة الخشبية الصغيرة التي بجانبه،استقام بجلسته واجاب بصوتٍ هادئ،
-نعم أبي، لقد انهيت التدريبات لليوم قبل ساعة ونصف،ثم طلبت من روبيرت المغادرة لأنني علمت بأن عائلته تحتاجه.
همهم انتونيو ثم ابتسم ابتسامة جانبية تكاد لا ترى ثم قال:
-نعم،بالطبع عائلته تحتاجه ،وكل ما يحتاجه المرء هو عائلته، صحيح؟
-بالطبع ابي،المرء لا شيئ بلا عائلته.
ابتسم انتونيو ابتسامته الجانبية مرة اخرى ثم قال:
-هل يعجبك ما تقرأ؟
نظر ليونايدس الي الكتاب الذي على جانبه نظرة جانبية لثانية ثم استدار وهو يومئ لولده بنعم،
-كثيراً.
-هل يعجبك كثيرا؟.. لأستعجالك التدريبات وكسر قدم احد المدربين لأنهائك القتال؟
نظر ليون الى والده بأزدراء، وقد اعتلت ملامحه غضبُ خفيف.
- لقد وعدتني بأنك لن تراقب ما اقوم به صحيح؟ ثم ما شأني انا؟ لقد قال لي"ارني اقوى ما لديك"،لقد اتبعت تعليماته،ماذا؟ هل انا مخطأ؟
ابتسم انتونيو ثم نظر لولده نظرة عابثة،
-انت تعلم جيدا بأن رأيك حول مراقبتي لا يهمني،انا اراقبك الأن ودائما وذلك لحرصي على جعلي منك الخليفة الأقوى لي.
-انت تعلم انني الخليفة الأقوى لك،صحيح؟
نظر انتونيو لولده بأعين شبه مغلقة ثم قهقه بصوتٍ عالِ،
-انت تعلم ان والدتك ستأتي وتهدم هذه الغرفة فوق رؤسنا لأننا تأخرنا على العشاء؟
كالعادة لن يجبه،لن يؤكد على كلامه ويقول له بأنه الخليفة الأعظم،هو يبذل كامل جهده حتى يظهر له قوته، لا احد يفعل ما يفعل ،فتى بعمر التاسعة يقوم بأعمال لا يستطيع من هم بالعشرين القيام بها،هو ييذل جهداً لم يبذله احدهم من قبل،يستيقظ في السادسة صباحا كل يوم،يفطر ثم يتدرب ويقاتل ويبارز ويتعلم الى ان يكاد يلفظ انفاسه الأخيرة،ولهذه اللحظة لم يجبر والده خاطره ولو مرة!
تنهد ليونايدس بقوة، ثم قام بخفة عن كرسيه المفضل ولحق والده الذي سبقه الى مائدة الطعام.
سمع صوت والدته الغاضب وهو ينزل الدرج بخطوات متوازنة:
-ليو، هل ارتديت ملابسك؟ لقد اتت عائلة موريغان وانت لم تنزل بعد.
لقد اراد ان يجيبهت لكن منحه انتونيو الراحة عندما قال لها وهو يحتضنها من الخلف مقبلاً خدها الأيمن:
-سيأتي بعد قليل،لماذا زوجتي الجميلة غاضبة؟
حاولت اليسا دفعه الى الوراء،لكن هيهات زوجها كالجبل لا يأبى التحرك،
-انتونيو ارجوك ابتعد،علي تحضير المائدة.
قام انتونيو بتقبيلها مرة اخرى رافضاً الابتعاد،
وعلى ما يبدو ان اليسا الكساندر قد فقدت اعصابها، لأنها قامت بالصراخ بصوت عالٍ:
-انتونيو الكساندر ان لم تبتعد الأن سأقوم باكلك حياً!
وعلى ما يبدو ان هذا قد نجح لأن زوجها والذي يُقال انه زعيم المافيا الأعظم قد ابتعد عنها بسرعة رافعا يديه الى الاعلى مستسلماً،
نظر ليونايدس اليه بسخريه مكملاً طريقه الى مائدة الطعام الضخمة.
وعندما اراد الجلوس على مقعده الذي كان بالجانب الأيمن لوالده الذي يتراس الطاولة،سمع رنين جرس القصر، وسمع صوت امه الهالع وهي تنادي على احدى الخادمات لإكمال ما كانت تقوم به،
-يا اللهى لم انتهي بعد، لارا قومي بوضع ما تبقى على المائدة.
وخلال ثانيتين قام انتونيو بسحب يد زوجته بقوة مستعيداً شخصيته الحقيقية  لأستقبال ضيوفهم،
قامت احدى الخادمات بفتح باب القصر الضخم المصنوع من خشب الصندل والذي تم جلبه خصيصاً من سريلانكا،
ظهر من خلف الباب افراد عائلة مورغان،
السيد بوتير والسيدة ديانا والتي كانت تبدو مذهلة في فستانها الوردي البسيط وبطنها المنتخفة للغاية ورغم اثار التعب الظاهرة على وجهها وجنينها ذو التسعة شهور في معدتها الا ان ابتسامتها كانت واسعة للغاية وهي ترى ترحيب عائلة الكساندر بهم،
خطى  ليونايدس خطوتين الى الواء قليلا وهو يرى والديه يرحبان بأصدقاء العائلة،
-اهلا بكم .. قال انتونيو.
ثم حضن رفيقه بوتر بحرارة فقام الأخر بمبادلته العناق بقوة مطبطباً على ظهرة بقوة،
ثم صافح ديانا قائلا:
-ديانا،لقد مرّ وقتٌ طويل..
اومئت له ديانا مصافحة اياه،
-نعم انتونيو لقد مرّ وقتٌ طويل بالفعل، لا شيئ كالمنزل!
اومئ لها انتونيو مبتسما بخفة، سامعا صوت زوجته الهالع،
-يا اللهى ديانا،لقد كبرت معدتك كثيرا، تبدين متعبة حقا عزيزتي،
ثم قامت باعطائها عناقاً واسعاً مراعيتاً بطنها المنفوخة بشدة،بادلتها ديانا العناق هامستاً بانها اشتاقت لها كثيراً فأجابتها اليسا بانها اشتاقت لها كثيرا جدا ايضاً،
تقدم ليونايدس بخطوتين عندما رأي بوتير ووالده يتقدمان باتجاهه متبادلين الحديث، وقد خمن ليون ان والده يسأله عن احواله والمهمة التي ارسله اليها قبل حواليّ 8 اشهر،فاضطتر بوتر المغادرة حينها ومعه زوجته لأتمام المهمة التي وضعها سيده على عاتقه،
علاقة انتونيو الكساندر وبوتير موريغان لم يكن لها تاريخ بداية او تاريخ انتهاء صلاحية، حيث كانت علاقتهما قائمة من قبل ولادتهما بسبب الولاء الخالص من جد بوتر لجد انتونيو بسبب قيام جد انتونيو بالحفاظ على حياة ال مورغان مقابل تقديم ولائهم وولاء سلالته ومن بعده لعائلة الكساندر وهكذا انتهى الامر بهذه العلاقة ان تنتقل بالوراثة من الجد الى الاب ثم الأبن وكأنها محملة بالمادة الوراثية الخاصة بهم،ورغم صداقتهم العميقة الا أن علاقة الولاء والسيادة لم تندثر بل بقيت قائمة وموجودة وكان بوتير هو اليد اليمنى والمشرف على معظم اعمال سيده ورفيقه انتونيو الكساندر.
قال بوتير مصافحاً ليونايدس:
-ليون ايها الفتى الكبير كيف هي احوالك عزيزي؟
اجابه ليونايدس بملامح (غير مبالية حقاً) ،مصافحاً اياه:
-مرحباً بعودتك بوتير.
قهقهة بوتير بصخب قائلاً:
-انت لم تتغير حقاً ايها الشقي، انتونيو عليك ان تتوقف عن كونك قاسي هكذا،ما زال صغيرا يا رجل!
لمعت اعين ليونايدس الواسعة بغضب وهو يسمع احدهم منادياً اياه "بالصغير"،كل ما اراد فعله في هذه اللحظة هو انت يهشم وجه صديق والده الوسيم.
اجابه انتونيو وهو ينظر الى ولده:
-لا شأن لك بوتير،ثم ان ولدي ليس صغيرا بعد الأن.
هز بوتير رأسه بمزيج من الأستسلام والسخرية،متقدماً نحو مائدة الطعام هو وانتونيو، وعلى ما يبدو ان نواح المرأتين قد انتهى لأن وبينما كان ليونايدس مخفضاً رأسه للأسفل يفكر في هذا الهراء الذي يفعله هنا وان عليه انهاء عشائه بسرعة لأكمال ذلك الكتاب الملعون، سمع صوت ديانا الحنون يناديه بخفة،
-يا اللهي بوتر بني، اكملت محتضنة اياه،وكان يصل الي ما بعد معدتها المنتفخة بقليل،
-لقد كبرت كثيراً في هذه المدة،انظر انت تصل الى ما فوق معدتي،ثم مسدت شعره بخفة،وقد بدا عليه الأستياء الشديد من هذه الحركة حينها،
-كيف حالك عزيزي؟
ابتعد ليونايدس عنها بخفة وقد بدا عليه الضجر حينها،واقسم انه لو لم يكن يحب هذه المراءة كأمه لكان قتلها الأن وفي هذه اللحظة لكونها اعتبرته صغيرا ومسدت شعره بهذه الحركة،
اجاب مرتباً شعره بسأم،
-انا بخير ديانا،بخير.
ابتسمت ديانا بخفة ناظرتاً الي اليسا والتي كانت تنظر الى ولدها بحب،
وضعت اليسا يدها اليمنى على خصر ديانا مشيرةً الى مائدة الطعام بيدها الأخرى،قائلتاً:
-تفضلي عزيزتي، ليو هيا بني..
جلسوا افراد عائلة الكساندر الثلاث وزوجي عائلة مورغان يتناولون طعامهم ويتبادلا اطراف الحديث والذي لم يكن يصل لأعمال العائلة بِصِلَةَ وذلك لقيام اليسا بتحذير زوجها بعدم قيامه بذلك،
قاطع جوهم المنسجم،صوت اليسا وهي تقف قائلة:
-لدي خبر سعيد لمشاركته... نظرت بترقب الى اعين الجالسين المترقبة،
واكملت، انا حامل!،في شهريَّ الثاني!
توسعت عيني ديانا بتفاجؤ وبدت سعيده لصديقتها كثيرا،
-يا اللهي ديانا عزيزتي،مبروك،انا سعيدة جداً لك.. وقامت باحتضانها بخفة.
قام انتونيو بتقبيل زوجته بحب وكان على ما يبدو،على معرفة بحملها،
ابتسم بوتير بخفة لديانا مباركاً لها ولزوجها،
أما ليونايدس فكان ما زال تحت تأثير المفاجأة التي القتها والدته عليه،
وكل ما كان يجول تفكيره في هذه اللحظة هو سبب عدم اخباره بحمل والدته لمدة شهرين كاملين، 'اوو نعم، لقد اصبحتم تخفون عني الأسرار الأن'،
نظرت اليسا لولدها بحب،فبادلها النظرات وعيونه مليئة بالعتاب،فنظرت والدته له بأعين تشبه عيني القط وكأنها تعتذر له ببطئ..
اكملوا الرباعي عشائهم وسط ترحيب مبهج للجنين الجديد،وبقي ليونايدس الصغير ينظر الى صحنه الغير منتهي،منتظراً اباه لكي ينهي عشائه ويستطيع بعدها مغادرة هذه الغرفة اللعينة منتقلاً الى مخبئه الكبير،
انهى انتونيو عشائه فقام ليونايدس دافعاً كرسيه الى الوراء محدثاً صوتاً كبيراً،وعندما ادار ظهره ذاهباً لمكتبته،سمع صوت والده الخشن وهو يقول بهدوء:
-ليونايدس فلتأتي لتكمل عشائك حالاً!
التفت ليون لوالده ناظراً بعينيه بنظرة ثاقبة،
-انهيت عشائي،اريد ان اذهب لكي ارتاح.
والتفت مغادراً،سمع زئير والده وهو يناديه بغضب مرةً اخرى:
-ليونايدس!!
لكن هذا الغضب الجم لم يكن كافياً لكي يوقف الأسد الهائج بداخله،فأكمل متجهاً الى الامام متجاهلاً صراخ والده وصوت والدته وهي تهدء من روع زوجها مؤنبةً اياه لصراخه عليه بهذه الطريقة،ورغم معرفته بالعواقب المترتبة على هذا التجاهل الا انه استمر ماشياً نحو مكتبته،مدركاً بأن والده سيهدأ حالما تمسك امه بيده
دخل الى مكتبته اخيرا،متتفساً الصعداء،طارقاً الباب خلفه بقوة،معلناً عن وجود اسدٌ هائج في هذه الغرفة،
جلس على كرسيه بخشونة،ثم قام بدفع المنضده التي بجانبه بقوة ، ولحسن الحظ لم تنكسر،هدء من روعه قليلاً، امسك كتابه مكملاً ما اراد ان ينهيه قبل ان تعم هذه الفوضى بالاسفل،مسكتاً ضجيج عقله..
بعد مرور ساعة وبعد ان انهى اخر صفحات الكتاب،سمع صوت دقات على باب مكتبته،ورغم ان الشخص الذي دق الباب فعلها لثلاث مرات متتالية الا انه لم يعطي الصلاحية لنفسه ان يقتحم غرفة هذا الصغير بلا استئذان،فخمن ليونايدس ان من وراء هذا الباب لم يكن والده وذلك لانه يفتح الباب بعد الدقة الثالثة،ولم تكن والدته لانها لا تدق الباب من الأصل،هي تقتحم الغرفة بلا استئذان وهو طبع يبغضه كثيراً، وبالتالي ادرك ان من وراء الباب لم يكن احدا سوى ديانا.
علم انها لن تدخل الا بعد ان يدعوها للدخول.
-ادخلي .قال ليونايدس فارضاً ذكائه امامها .
ظهر جسدها الضعيف من وراء الباب،ثم نظرت معاتبة اياه بخفة:
-انها تفضلي، وليس ادخلي.
نظر بملل،
-لا يهم.
ابتمست جالسة على الكرسي الذي بجانبه،مريحةً رأسها بخفة،قابضة على معدتها وكانها تخشى ان يهرب جنينها من بين يديها،
-انا اعلم انك حزين وغاضب بسبب ما جرى بالأسفل،
نظر لها ليونايدس مدعياً عدم الفهم،
اكملت محدقة بعينيه،
-لا تنظر اليةج هكذا ليون،لقد رأيت نظراتك المتفاجأة المليئة بالعتاب تلك.
لم يجب ليونايدس بشيئ واكمل محدقاً بها بشدة.
اكملت:
-انا اعلم مدى غضبك اتجاههم واتفهمه،لكنك تعلم كما اعلم تماماً انه يوجد سبب وراء ذلك ،أعني.. عدم مصارحتك بالأمر،صحيح؟
اثار هذا حنق الطفل الصغير بداخله فقال بغضب،
-لا اهتم، انا لست صغير بعد الأن، لماذا علي ان احتمل هذا الهراء؟ لماذا لم تخبرني عن كونها حامل؟هل تعتقد اني سأغار مثلا؟
ابتسمت ديانا بدهشة ،مذكرتاً نفسها بأن عليها الا تتفاجئ من كلمات وشتائم هذا الفتى الصغير هنا،فهو بالنهاية وريث انتونيو،اليس كذلك؟
اكملت بتفهم وابتسامة خفيفة تزين محياها:
-لا،انا متأكدة من أن لا احد في هذا العالم يراك كفتى صغير بعد الأن،انظر الى نفسك ليونايدس الكساندر،تبدو وسيماً للغاية في هذه البدلة السوداء كما لو انك في العشرين من عمرك،وانظر الى جسدك المليئ بالعضلات والكدمات،انا متأكدة انك ستكبر لتصبح اعظم رجل مافيا على الأطلاق!
نظر لها ليونايدس بعبثية وقد نجح حديثها بتخفيف حدة بركانه الداخلي،ولا ينكر بأن الطفل الصغير بداخله قد احب هذا المدح كثيراً:
-انت تعلمين جيداً بأنك تعامليني كالطفل الصغير الأن،صحيح؟
ضحكت ديانا بخفة ثم رفعت يداها لتبعثر شعره الناعم بحركتها المعتادة الا ان نظراته الصارخة قد اوقفتها عن فعل ذلك سريعاً،
حمحت بخفة ولم تنكر ان نظرات هذا الطفل الصغير قد ارسلت القشعريرة اسفل ظهرها،
ارادت اكمال حديثها،الا ان الشعور بحركة إبنتها الصغيرة بداخلها قد اوقفها، كتمت صرختها بخفة،وابتسمت واضعة يدها على موضع الحركة،ناظرة الى معدتها المنتفخة بحب ودموعها تتلئلئ داخل مقلتيها،
نظر ليونايدس لها بتفاجؤ وكان منتظراً اي اشارة تخبره انها بخير،
على ما يبدو انها قد شعرت بنظراته الصاخبه لأنها نظرت له وعيونها تبرق،
-على ما يبدو انها شقية،هي تتحرك بصخبٍ داخلي..
نظر لها ليونايدس بهدوء وقد ظهرت على ملامحة علامات الفضول،
-هل هي فتاة؟
ابتمست بخفة واومئت له بنعم،
رفع ليونايدس يده اليمنى مقترباً بخفة عليها محركاً بيده امامها، اذا كانت تسمح له بلمس معدتها،
اومئت ديانا للمرة الثانية مبتسمة له،
قام ليونايدس بوضع يده على معدتها،على موضع الحركة تحديداً،ثم شعر بيده ترتفع قليلاً بفعل حركة الجنين الصغير،راودته حينها قشعريرة ناعمة امتدت من رأسه حتى قدميه،وشعر وقتها بشعورٍ غريب ،كان مزيجاً بين الفرح والأمتنان،يشبه شعور فرحة الناس بالمطر بعد سنين عجاف،
اغمض عينيه مستشعرا كل هذه المشاعر، ورفع راسه ناظراً لديانا التي كانت تنظر له ببهجة،
-ماذا ستسميها؟ سأل ليون بهدوء.
-انا لا املك اي فكرة في الحقيقة! اجابت ديانا مبتسمة.
-كم بقي لموعد ولادتك؟ سأل مرة اخرى وقد اعتراه الفضول.
-اسبوع على الأكثر!
صمت ليونايدس واكمل متحسساً معدتها بخفة،
-ما رأيك ان تسميها انت؟ قالت ديانا.
نظر ليونايدس الصغير لها بتفاجؤ،وقد توقفت يداه عن تحسس معدتها،
وفكر'ما بال المفاجئات اليوم لا تنتهي؟'
-هل انت جادة؟
-نعم انا جادة، وللغاية ايضا.
اراد ان يقول لها ان تصمت وان لديه مشاغل كثيرة اهم من يبحث عن اسم لطفلة صغيرة حمقاء،لا يعرفها ولا يريد معرفتها،هو مرتاح بروتينه هذا،يكفيه جنون صديقيه سبيس وادم بالأضافة الى معرفته بخبر حمل امه بطفل اخر وهو يكاد يكون غير متقبل لهذه الفكرة تماماً،ان يشاركه احدهم والديه، اراد ان يقول لها بانه غير مهتم بهذا العرض وبأن عليها توكيل المهمة لأحدٍ اخر،
الا ان صوت بوتير منادياً زوجته، قد قاطعه، لعن ليون بوتير بداخله بشده وهو يرى ديانا تقبله على خده بخفة مودعتاً اياه، مغلقة باب الغرفة ورائها،تاركتاً جملتها الأخيرةَ له:
-انا اتطلع لمعرفة الأسم الذي ستختاره لها عزيزي.
~~~~
الساعة العاشرة مساءاً
بعد رحيل ال مورغان،صعدت اليسا الى غرفة ولدها والذي كان على وشك النوم تاركاً جنون هذا اليوم وراء ظهره،
وكالعادة لم تقم بطرق باب غرفته،واقتحمتها بلا استئذان، اشعلت ضوء الغرفة واقتربت من سرير ابنها الواسع،
نظر لها ليونايدس نظرة خاطفة ثم اعاد نظره نحو الحائط مغمضاً عينيه،
-ليونايدس.. قالت والدته.
لكنه لم يجبها،
-ليون عزيزي،انظر إلي..
لم يكن من عادة ليونايدس تجاهل والدته،فتح عينيه بضجر ونظر الى والدته التي جلست بجانبه على السرير قائلة بهدوء وقد ظهرت على ملامحها علامات الأسف:
-انا اسفة،لم يكن علي فعل ذلك،لقد اردت مفاجئتك..
اثارت كلماتها حنقه،فأجاب بهدوء قاتل:
-انا اكره المفاجآت، انت تعلمين هذا جيداً.
صمت كلاهما فأكمل ليونايدس ،
-ثم،لقد خبئتي هذا الخبر لشهرين كاملين، وابي يعلم ايضاً،هل انا شخص غير مرئي لهذه الدرجة؟
نظرت له اليسا بهلع..
-يا اللهي، ما الذي تتفوه به ايها الأحمق؟!
صمت ليونايدس ولم يجبها بشيىئ،
نظرت له والدته وقد ظهرت علامات الأستسلام على وجهها،
-حسناً،لقد خبئنا الأمر عليك، انا اعترف...
ظهرت علامات الأنتصار على ملامح ليونايدس الذي يأبى الخسارة،
-لكن، اكملت اليسا، ذلك كان لسبب، لقد قال لنا الطبيب انّ احتمالية اجهاض الجنين ستكون مرتفعة،لم ارد احزانك، انا اعتذر مرةً اخرى،لن اخبئ عنك شيئ مرةً اخرى،حسناً عزيزي؟
نظر لها ليونايدس بعطف،لكن ملامحه الممتعضة ارادت المزيد،تنهدت اليسا وفكرت بكم ان اطباعه تشبه اطباع والده،الأبن كالأب تماماً،
-ليونايدس، لقد اعتذرت....
لم يجبها،فقامت بضمه بقوة،متمددة بجانبه ،تخبره بصوتها الدافئ كم تحبه،
- يا اللهي كم احبك طفلي الوسيم،ستكون دوماً صغيري،مافيا او حرب اهلية لا يهمني، انت دائما صغيري،انت تعلم كم انا فخورة بك عزيزي؟ صحيح؟.
اراد ان يقول بأنه لا يعلم،وبأنه يحتاج من ابيه ان يخبره عن مدى فخره به،وثقته بقدراته،عن مدى حبه له وكم هو سعيد لأنجابه،لكنه صمت، وشدّ على عناق والدته بقوة كالطفل الذي يخاف هروب امه،
لطالما كانوا كذلك، تماما كالماء والنار، امه تغدقه بحنانها وكلماتها المحبة،ووالده يصمت، دائماً،لم يعلن له يوماً عن مدى حبه له وفخره به،لم ينطقها الا مرةً واحدة وكان ذلك عندما كان ليونايدس في السابعة من العمر،حيث رأى والده لأول مرة يقتل أحد رجاله الخونه امامه،بعدما اطلق رصاصتين على رأسه،تماما كطريقة الأعدام،
كان يعلم يومها بأن والده هو زعيم المافيا،وبأن هو وريثه الوحيد،كان يفهم معنى ان تكون جزء من هذا العالم، لكن عقله الصغير حينها لم يستوعب وحشية ما رآه، ملامحه اصبحت قاتمة وهو ينظر الى الرجل يطلق انفاسه الأخيرة على يد والده،عيونه اسودت واصابته قشعريرة قوية، بدأ يرجف،وانتابه شعور الهلع،كل ما ارداه حينها ان يذهب الى سريره ويحتمي تحت غطاءه الدافئ،ولأول مرة في حياته الصغيرة،فكر بكل الأطفال المحظوظين بالخارج كونهم لا ينتمون لهذا العالم،لأول مرة حسد كل من لم يرى ما رآه الأن، اصابته حمى شديدة تلك اليلة وكأن  الرصاصة اصابته هو،لم يستطع النوم،فكر بعدد الأشخاص الذين قتلهم الده،فكر بوحشية الموت،فكر بمكان من يرحلون وأين يذهبون،فكر بأن عليه هو ايضاً ان يقتل احدهم هكذا يوماً،هلوس كثيراً ليلتها ،ورغم شعوره ببكاء امه وسهرها بجانبه طوال الليل الا انه لم يستطع ان يمنع افكاره تلك ان تداهم كل خلية من خلايا جسده، وفي منتصف تلك الليلة،شعر بقدوم والده ممسداً شعره الناعم،قائلاً بخشونة وصوته يملئه الامتعاض:
-انا اعتذر بني على بشاعة ما رأيت وبشاعة ما سترى، احبك صغيري..
استيقظ ليونايدس في الصباح وقد رحلت الحمى عنه ورحلت معها برائته،وكأن طفولته ماتت في اللحظة التي مات بها ذلك الرجل،بدى حينها وكأنه كهلٌ قد رأى في حياته ما لم يراه غيره،وُلِدَ حينها ليونايدس اخر،وُلِدَ في ذلك الصباح ،ليونايدس الوحش.
قاطع لحظتهم الحميمية صوت والده وهو ينادي بصوته القوي:
-صغيرتي،اين انت؟
-انا في غرفة ليون عزيزي..
دخل انتونيو الى غرفة ولَده، متجها نحو سريره بخطوات واسعة دافعاً زوجته لحضنه وهو يتمتم بأنها طفلته هو، رمقهم ليونايدس بسخريه منزلاً نفسه تحت غطاءه،
نظر والده له نظرة هادئة قائلا،
-لقد اردت معاقبتك بشدة،لكني لم افعل بسبب والدتك، لكنك مقابل ما فعلته اليوم غدا ستتضاعف تدريباتك ولن تأخذ دقيقة واحدة راحة!
نظرت اليسا لزوجها بهلع،
-يا اللهي انتونيو هل جننت؟ انه بالتاسعة، توقف عن معاملته كما لو انه بعمرك ،ان...
قاطعها انتونيو بحمله اياها فوق كتفه، ضارباً كلامها عرض الحائط،متجهاً نحو غرفتهما..
نظر ليونايدس الى خيال والديه بسخرية،هازاً رأسه بعدم مبالاة،مندثراً في سريره متمنيًا لو كان طيراً.
~~~
بعد اسبوع

LEONIDAS PROPERTY|ملكية ليونايدسحيث تعيش القصص. اكتشف الآن