سماء اضاء بنور القمر الوهاج، لا أثر للغيوم في فضائه، ترى النجوم شذراً مذراً، كحبات اللؤلؤ المتناثر على قماش اسود حريري، جو صاف وليل هادئ لا يسمع له أنيناً، مكان بعيد جداً عن ضوضاء المدينة، كانا يقفان على الساحل مستندان على السيارة، وكانت هذه آخر محطة لهما بعد أن جابا المدينة الساحرة طوال النهار، لقد يئست من محاولاتها الفاشلة في إقناعه بالبحث عن مكان آخر للإقامة فيه، ظل يتحايل عليها، ويتملص إلى أن فهمت أنه لا يريدها التحدث في الأمر بعد هدوء قاتل، تحدث رودلف أخيراً.
-روز!!" نطق بهدوء مخيف أقلقها، لتقابله بردة فعل جاد ونظرة اهتمام لما سيقوله
-ماذا هناك رودلف؟
-هل يمكنك البقاء معي لفترة، لم أشعر بالراحة مع أحدهم كما شعرته منذ أول لقاء بيننا لأصدقك القول لقد قبلتك في ذلك المقابلة، ليس لمؤهلاتك ولا لشيء آخر سوى أني للوهلة التي رأيتك فيها شعرت بالسكينة، وكأني أعرفك منذ مدة طويلة.
بقيت مستمعة ومستمتعة باعترافه، لقد جعلها سعيدة وممتنة بهذا الأمر، فهي تعلم لأي مدى هو لا يثق بأحد، حصولها على هذا الشرف لهو أمر في غاية الأهمية.
-أشكرك سيدي، سأسعى إلى أن أكون عند حسن ظنك، ولن أخيبه أبداً.
كانا يستمتعان بتناول البيزا والصودا، تحت الأجواء الطلق و منظر البحر الهادئ أمامهما.
-سيدي!!. قاطعها قائلا:
-سيدي؟!.... هل يمكنك التخلص من الألقاب بعد العمل؟ اعتبريني صديقا لك.
-كما تشاء رودلف، ولكن هل حقا لا بأس بالإقامة عندك؟ أخشى..
قاطعها مرة أخرى ولم يدعها تكمل كلامها ليقول بلطف..-إن كنت ستشعرين بالسوء إلى هذه الدرجة، إذا فلنكن متعادلين، عليك بالأعمال المنزلية، من طبخ وتنظيف وغسيل...إلخ تمام. فيما الباقي علي.
تعلمين أنا لا أوظف خادمة دائمة، وسئمت من ذلك وبما أنك لن تدفعي الايجار إذا عليك بالأمور غير المكلفة ما رأيك؟قالت هامسا: كم أنت لئيم" نظر لها نظرة عدم استيعاب متسائلا: ماذا
-أقصد اتفقنا ولما لا؟" أنهت النقاش بابتسامة زائفة لتعود إلى مراقبة الأمواج الهادئة، والهواء تداعب خصلات شعرها المجعد، فيما تجرع هو رشفة من مشروبه ليبتسم بانتصار.
شقة تقبع في أحد الأحياء السكنية المكتظة بالسكان، حي مليء بأنشطة اقتصادية.
صباحا تعجه بالأشخاص، من مرتادي المقاهي وبائعوا التجوال، والسياح الذين يتجولون في أرجائه، فتسمع أصوات التجار، وهم يهتمون بعبارات جاذبة، إلا أن مساء تصبح كحي الأشباح لا تسمع له همساً، لعله يخبرك مدى ما يعانوه هؤلاء التجار من كسب رزق طوال النهار، إنها الحادية عشرة وخمسون دقيقة، مع اقتراب منتصف الليل تدخل فانسيا بخطوات متثاقلة لا تود ايقاظ والدتها التي كانت نائمة على الأريكة في انتظارها، تخطو بحذر، لكن يبدو أنها لم تعتاد على حالة والدتها، فصوت ناموس كفيلة على ايقاظها، فزعت حينما سمعت صوتها لتسأل بقلق:
أنت تقرأ
بجعة في عرين الأسد
Romanceحين نعتوه باللقيط، وتخلى عنه أقرب الناس له كانت هي هبة من السماء، ساعدته فكانت أول صديقة له، ليقطع على نفسه وعداً أن يرد لها المعروف. فحين يلتقان هل سيوفي بوعده أم أن الزمن ينسيه الوعد الذي قطعه؟ تنويه: الأحداث وأسماء الاماكن والوصف من خيال الكاتبة...