(80)

722 109 10
                                    


منذ أن إجتاح فيروس كورونا العالم، توقفت الكل عن الدراسة أو العمل حضوريّا، لكن و بالطبع لم نتوقف إلكترونيّا، و أنا كنت واحد من هؤلاء الذين تم تصريفهم للعمل من المنزل بدل من الحضور إلى المكتب و العمل هناك لتدابير وقائية لازمة.

أتذكر ذاك اليوم أين أنذرنا رب العمل بأنه هناك إجتماع طارئ في المساء، و حتى إن كان خارج ساعات العمل العادية، فكل شيء ينهار في الشركة التي أعمل بها، و بالطبع فأنا لا أريد خسارة وظيفتي تحت أي ظرف كان، خاصةً و أنني أعيش بمفردي و لايوجد لي أي معيل غير نفسي.

حضرت تقريري و جلست أنتظر ميعاد الإجتماع، أتفحص المواقع هنا و هناك، الأسهم تخسر، الشركات التجارية تتهاوى، و الإقتصاد العالمي في إنحدار، كل يوم يظهر أسوء مما سبق، فجأت سمعت صوت حفيف قريب، على الأرجح قرب الغرفة المجاورة، أستطعت سماعه كون الشقة جد هادئة، فلا تلفاز يشتغل و لست أضع سماعات أو شيء من هذا القبيل، لكنني سرعان ما تناسيت الموضوع ظنّا مني أنه مجرد تخيل لا غير.

نقرت على المكالمة الواردة من رئيس العمل، و بدأنا الإجتماع على الفور من دون أي مقدمات، و ها قد حان دوري لتقديم تقريري، و بينما أنا أتحدث قاطعني رئيس العمل قائلًا: " هل يمكنك أن تغلق باب غرفتك من فضلك، فهذه المعلومات يجب أن تبقى في هذه الدائرة و حسب، و لا يجب لأي شخص آخر الإطلاع أو سماعها حتى وإن كان قريب منك"، إستغربت منا قاله فجأة "لكني يا سيدي أعيش بمفردي، لا يوجد أي أحد قد يطلع على ما نحن بصدد مناقشته الآن".

"إذن لديك بعض الزوار على ما أعتقد، أدري أنّه قد تظن أنّه من غير اللائق أن  تجعلهم ينتظرون بينما تعمل، لكن القواعد هي القواعد"

تسمرت في مكاني، متيقنًا أنه هناك شخص آخر في شقتي، فكل ما قلته بعدما أخفضت صوت مكبر الصوت و قد إجتاحني الرعب "هل هو قريب مني؟"، فأجابني و قد فهم مقصدي و الخطر الذي أنا فيه: "لا لقد رأيت ظله متوجه لليمين".
من الممكن أنه يختبئ في الغرفة المجاورة أين سمعت ذلك الحفيف.

أسرعت و أغلقت باب غرفتي و أوصدته جيدًا، و أتصلت بالشرطة محاولًا تفسير ما يحدث، و هنا سمعت صوت خطوات مسرعة و صراخ عاليًا يقترب شيئًا فشيئًا من باب الغرفة التي أنا فيها، بالطبع سمعني عندما كنت أخابر الشرطة.

بدأ يطرق بعنف على الباب دون أن يتوقف عن الصرخ، و أصبح صراخه ممزوجًا بأقاويل غير مفهومة، أسرعت و دفعت مكتبة الغرفة أمام الباب آملًا أن تعطله إن إستطاع كسر الباب و تعطيني بعض الوقت إلى غاية وصول الشرطة، و لجت بنظري في الغرفة باحثًا عن أي شيء قد أستعمله كسلاح، لكن لا شيء، لعل الشيء الوحيد الذي قد يصلح هو مزهرية عتيقة قد توقفه لبضع ثواني، حملتها بين يدي و وقفت في منتصف الغرفة في حالة تأهب، و بالرغم من الخوف العارم الذي يعتليني، إلا أنني مستعد لأي شيء.

عندها سمعت صوت صفارات الشرطة  تقترب من المبنى، و  بعد لحظات كانوا أمام باب شقتي أين حطموه و دخلوا عنوة، و مع ذلك كان المختل لا يزال يصرخ و يضرب الباب بكل قوته للدخول، و بعدها كل ما سمعته هو صوت حطام و عراك و صراخ لمدة من الزمن، ثم هدأ كل شيء للحظة، عندها هتف أحد رجال الشرطة بأن الوضع آمن و أنهم أمسكوا به.

دفعت المكتبة من على الباب و فتحته ببطئ شديد، و كان هو ملقى على الأرض مكبلًا و شرطيان آخران يضغطان عليه بكل ما أوتيا من قوة لكي لا يتحرك، كان ضخم الجثة يرتدي ثياب رثة و متسخة، و قد إمتلئ فمه بالرغوة و ما يدل ذلك سوى على نوبة غضب عارمة قد إجتاحته منذ قليل، و من يدري لو لم يحذرني رئيس العمل لما حصل بعدها.

مرت الأيام، و توافد رجال الشرطة على شقتي من الحين إلى الآخر ليخبرونني بأجد الأخبار، الرجل الذي وُجد في شفتي لا يمتلك سجل مدني، لا يعرفون ما هو إسمه، و لا عائلته، أو من أين أتى، كل ما يعرفون عنه أنه مختل يسعى لقتل كل من وقعت عينه عليه، إعترف لهم بأنه قتل العديد من قبل، و أخبرهم أين دفنهم، و لما ذهبوا لذلك المكان، بالفعل وجدوا جثث عدة هناك...

لقد وصلت إلى نهاية الفصول المنشورة.

⏰ آخر تحديث: Sep 04, 2020 ⏰

أضِف هذه القصة لمكتبتك كي يصلك إشعار عن فصولها الجديدة!

Mind killer (short horror stories).حيث تعيش القصص. اكتشف الآن