الفصل الرابع

20 2 2
                                    

انهمرت الدموع من عينيها كالشلال ..حتى لم تعد تقو على الوقوف ..فنادىض السيد "عادل" -صديق والدها- على إحدى الفتيات لتسندها ..فأسرعت وأحضرت لها كرسي وأعطت لها زجاجة ماء ..لترشف منها رشفة ثم تعود للبكاء وهي تردد :سرطان..!! ااااه لن أستطيع أن أفقد شخصا أخر ..إنها آخر شخص تبقى لي..
ثم استدركت نفسها ..ظلت تستغفر الله كثيرا ..ثم حمدته على حالها ..حتى هدأت ، فنهضت لكنها أحست بصداع ودوار شديدين ، فترنحت فأسندتها الفتاة حتى بوابة السوق التجاري..حيث انتظرت أختها و اتصلت بها لتخبرها أنها تنتظرها عند البوابة ..قلقت "مودة" من صوت "رحمة" فسألتها عن مابها ..لكن "رحمة" أجابت بصوت جاهدت ليبدو طبيعيًا : أنا بخير..فقط أسرعي فقد تعبت ..وأريد الذهاب للبيت ..
كان السيد "عادل" قد لحق بها و وقف ينظر لها مشفقا عليها وعلى أختها...هم بالانصراف صامتًا قبل أن تأتي "مودة" فتستغرب وجوده ..فقد أراد أن تنفرد "رحمة" بأختها وتخبرها بطريقتها..لكن نظرات "رحمة" المتوسلة منعته من ذلك ..تنهدت براحة قليلاً عندما وجدته قد توقف ولم يكمل سيره..فهي تحتاج لأحد معها ..فهذه الخطوة ستكون ثقيلة على قلبها...
حثت "مودة" الخطى نحو "رحمة" حينما رأتها تستند على الفتاة ..اعتدلت "رحمة" واقفة وشكرت الفتاة ، عندما رأت "مودة" قادمة..سألتها "مودة" بقلق : ماذا بك؟؟ هل انت بخير؟؟
أومأت "رحمة" قائلة :أنا بخير ..فقط آلمتني معدتي قليلا...هيا بنا لنذهب..
لاحظت "مودة" السيد "عادل" في هذه اللحظة ..قالت بحفاوة وقد بدت عليها السعادة : أهلا بك عمي عادل..كيف حالك؟
إجابها بابتسامة :أنا بخير والحمد لله ..كيف حالك انت؟
قالت :انا بخير ..ولكن..
قاطعتها "رحمة" وهي ترمق السيد "عادل" بنظرة ذات مغزى :لقد قابلني السيد "عادل" مصادفة حين تعبت ..وسيأتي معنا ليقضي معنا بعض الوقت .
أومأت "مودة" برأسه متفهمة..ثم اتجهوا ثلاثتهم إلى المنزل..
قامت "رحمة" بإدخال السيد "عادل" إلى غرفة المعيشة ..بينما أحضرت "مودة" صينية وعليها ثلاث أكواب عصير..تناول كل منهم كوبه ...
تنهد السيد "عادل" تنهيدة عميقة ثم قال :
"مودة" عزيزتي ..أنتي مؤمنة بالله وستصبرين على أي ابتلاء إن شاء الله..
أومأت "مودة" برأسها وقد استبد بها القلق..أما "رحمة" فقد أطرقت برأسها بصمت...وقد ترقرقت الدموع بعينيها..
أردف السيد "عادل" بعدما ابتلع ريقه : لقد صدرت نتائج التحاليل التي كنت قد أجريتها عندما أحسست ببعض التعب ..
بدا على وجه "مودة" الترقب ، قالت :
وما هي النتائج..؟؟
رد عليها :هناك ورم في المعدة....تسطتيعين الشفاء منه بالعلاج الكيميائي ..
اتسعت عينا "مودة" بصدمة والدموع تتساقط من عينيها ..ثم مالبثت أن وضعت يداها على وجهها وهي تحوقل وتستغفر ، ثم تحمد الله على حالها ..احتضنتها "رحمة" ولم تستطع أن تكبح جماح دموعها ..وظلت تمرر يدها على ظهرها وهي تعيد على مسامعها ماقد قالته لها يوما :
الحمد لله ..سيمر هذا إن شاء الله ..سنحمد الله...سنستطيع التخلص منه إن شاء الله.
قال السيد "عادل" : لا تحزني يا ابنتي ..انه ابتلاء من الله ..ألا تعلمين أن الله يبتلي عباده المؤمنين ..فهذا دلالة على حبه لك ان شاء الله ..
ظلتا هكذا لفترة صامتتين ، حتى قطع هذا الصمت نهوض السيد "عادل" قائلا:
فلأستأذن للذهاب ..
ثم أكمل موجها حديثه لـ"مودة" :
ولا تنسي يا ابنتي ..يجب ألا تحزني ..فمن ضمن ما يساعدك لتجاوز هذا المرض أن تكون حالتك النفسية جيدة .
أومأت برأسها بصمت فغادر السيد "عادل" وأغلق الباب خلفه..ظلت "رحمة" تبث الأمل في أختها ..و"مودة" لاتفعل شيئا غير وضعها لوجهها بين يديها صامتة تستغفر الله..
قالت لها "رحمة" :
سأحضر الغداء ..انتي بدلي ملابسك ولتصلي..
أومأت برأسها ثم نهضت متجهة إلى غرفتها .
غسلت " رحمة" يديها وأدت فرضها ثم أعدت الطعام..نادت على "مودة" فجاءت "مودة" وعلى وجهها ابتسامة ..استغربتها "رحمة" فـ"مودة" لم تكتف بذلك ، بل كانت تأكل بشهية مفتوحة أيضا ..لاحظت "مودة" استغرابها فقالت ضاحكة :
لم تنظرين إلي هكذا ؟؟ سأختنق ..
عادت "رحمة" تنظر للطبق أمامها قائلة :
لا.. ليس هناك شيء ..فقط ..
قاطعتها "مودة" بهدوء :
أعرف تستغربين موقفي الان ...
أومأت "رحمة" برأسها حائرة ..فتابعت "مودة" :
لم أجد شيئا يستحق البكاء والنواح..انه ابتلاء من الله وامتحان منه لاختبار مدى صبري ..فهل أجزع لكي أرسب في الاختبار ..أنا أعرف أن الله لن يخذلني ..حتى ولو مت فلأمت صابرة..
هنا قاطعتها "رحمة" وهي تشعر بغصة في حلقها لذكر الموت فقد اكتفت منه :
لا ..لا تقولي هذا ..ستشفين بإذن الله سنذهب غدًا للطبيب إن شاء الله لنبدأ علاجك ..ولن يحدث لك شيء.
قامت "مودة" بمسح دمعة فرت من عين "رحمة" بأطراف أناملها قائلة :
الموت ليس بهذا السوء عزيزتي..فالموت علينا حق ، ومكتوب لنا مهما طال الأمد..فقط قد تختلف طريقة الموت ..فما أدراني ؟؟ إن كان مكتوب في قدري أن أموت الآن ..سأموت وإن لم أكن مريضة..
احتضنتها "رحمة" بقوة قائلة وقد آلمها هذا الحديث : حسنا ..
ابتعدت عنها مردفة :
فلنخلد للنوم الان ..سنذهب غدا للطبيب ان شاء الله..
أزالتا الطعام معا ثم دلفت كل منهما إلى غرفتها...لكن لم تمر دقائق حتى وجدت "مودة" أختها تطرق الباب ثم دخلت عليها قائلة بابتسامة :
أريد النوم بجانبك اليوم .
ابتسمت "مودة" بسعادة وفتحت ذراعيها لتستلقي "رحمة" في حضنها ..رددتا معا أذكار النوم ، حتى غطتا في نوم عميق.
استيقظتا صباحا ..صلت كل منهما صلاة الضحى ..ثم تناولتا الفطور وتجهزتا ثم اتجهتا الى الطبيب .
قام الطبيب بإجراء أشعة رنين مغناطيسي لـ"مودة" للتأكد من وجود الورم ..
بدأت "مودة" أولى الجلسات في هذا اليوم..خرجت من عند الطبيب وهي تشعر بوهن وقد انتفخ وريدها بسبب القنية الوريدية (الكانيولا) التي كانت في يدها..مرت الشهور صعبة على "مودة" و "رحمة"... فقد كان العلاج يستنزف من "مودة" الكثير ..بالاضافة الى تساقط شعرها ، الذي كانت تعشقه لطوله ..وقد كانت تمر بـ"مودة" بعض الأوقات التي لم تكن تتحدث مع أحد أبدا..لكن كانت "رحمة" تتحمل وتصبر وتظل تدعو لها بالشفاء في كل وقت ..
حتى مرت سبع شهور كانت الأصعب في حياتهم..
طلب الطبيب من "مودة" إجراء بعض التحاليل ..أجروها وقاموا بإعطائها له ..تفحصها بدقة ثم رفع نظره اليهم وعلى وجهه ابتسامة سعيدة قال:
مبارك ..لقد أجدى العلاج نفعا ..لقد قضى على الورم نهائيا .
لم تصدقا ما سمعتا ..لكن ما لبثت "رحمة" أن احتضنت أختها بسعادة عارمة..قائلة :
لقد انتهى يا "مودة".. مضى وذهب ..الحمد لله ..الحمد لله كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك..
شددت " مودة"على احتضانها بعد أن أفاقت من صدمتها قائلة :
نعم يا "رحمة" لقد انتهى ..مضت هذه الأيام ..الحمد لله.. الحمد لله..
شكرتا الطبيب بشدة ثم عادتا الى منزلهما..بمجرد أن تخطتا عتبة الباب وأغلقتا الباب خلفهما حتى خرت "مودة" ساجدة تشكر ربها على هذا الخبر ...كانت تطوق لهذه السجدة منذ علمت بالخبر لكنها لم تستطع لوجود الطبيب ..
ظلت تردد بسعادة ورضا :الحمد لله ..الحمد لله.

--------------تمت بحمد الله-----------

✨فلله الحمد رب العالمين✨
وأتمنى أن تكون روايتي قد أدت المغزى الذي قصدته ..مهما ضاقت بنا الدنيا علينا أن نحمد الله ..فلا يفتر لساننا عن قول #الحمد_لله سواء في السراء أو #الضراء ..

واشكر كل من ساهم في تشجيعي ❤️
ويعود فضل اتمام هذه الرواية على هذا الوجه لمساعدة أمي 💜وتشجيع اخوتي المتواصل💙

Marwa Bahy💜
Ziad Ahmed💙
Eiad Ahmed Zidan💚
#تأليفي
#أول_كتابتي
#رأيكم_يهمني
#Mariam_Ahmed

لقد وصلت إلى نهاية الفصول المنشورة.

⏰ آخر تحديث: Feb 15, 2021 ⏰

أضِف هذه القصة لمكتبتك كي يصلك إشعار عن فصولها الجديدة!

رواية #الحمد للهحيث تعيش القصص. اكتشف الآن