gloominess

10|| دمٌ ودُموع

في عالمٍ مساحتُه خمسُ مئةٍ وعشرةُ ملايين كيلومترٍ مربّع، وعدد سكّانه سبعةُ ملياراتِ نسمة، أنا لا أشعر بالإنتماء
لمكانٍ أو لشخص معيّن.
---

'فقط لا تفكر كثيراً وكُلّ مرٍّ سيَمُر' جملةٌ مواسيةٌ تترددُ على مسامعنا بكثرةٍ حتى صدأت أحرفها وباتت مقيتةً.

هي بالأصلِ جملةٌ تحملٌ معنى يناقضها قلباً وقالباً
ففكرة عدم التفكير هيَ أيضاً فكرةٌ بحدّ ذاتها، أوليست؟

لم يكن مفعولها مواسيًا بقدر ما كان يسبب لي الصداع والضياع، فهي فكرةٌ صغيرةٌ تجرّ خلفها إعصاراً من التساؤلات

كيف أتوقف عن التفكير؟ كيف سيكون الأمر عندما لا أفكر؟ ومتى سينتهي كل شيء؟...

وغيرها من التساؤلات التي أبقتني يقظاً ليلاً بلا أن يقبِّلَ النوم جفنَيّ

لذا عندما تفكرُ في مواساتي، لا تخبرني ألّا أفكر!

أحياناً..
أشعر بأنني أحتاج مكانًا محفوفاً بالواقع فقط..
بعيدًا جدًا عن الخداع المحصور في كلمةِ 'مواساة' أو تحت مصطلح 'كذباتٍ حُلوَةٍ'
شخصٌ يَخدَعُ شخصًا آخر بمواساته المتصدّعة
وآخر يخدعُ نفسه لتخدير الألم
رغم علمه بأنّ المخدّر مفعولهُ سينتهي حتماً بعد حين..
ياللحُمق!

أليس التعايش مع الألمِ إلى الأبد أفضل من تخديره مؤقتًا؟
أم أنّ هذه وجهةُ نظري أنا فقط؟

لأنه يعني أنّك ستتعايشُ مع الألم إلى أن يصبح شيئًا عاديًا-رغم علمي أنّ الألم يستحيل أن يكون عاديًا- وربما سيصبح وكأنّه صديقك الوفي الذي لا يبرح مكانه قربك
وربما ستشعر بالفراغ لو غادركَ فجأة؟

لمَ ستشعر بالفراغ؟ لأنك ستشعر بالراحة،
والشعور بالراحة بشكلٍ كبيرٍ ومستديم بحد ذاته أمرٌ غير مريح!
لأنك ستظلّ تفكر بقلقٍ بأنّ الراحةَ هذه يكمنُ بعدها عناءٌ محتم!

لكن تخدير الألم يعني أن ترتاح فترةً ثم يباغتك مجددًا بلا سابق إنذار، وكأنك تمشي في دوائر لا نهاية لها ولا بداية، دائرةٍ عنوانها التكرار فأنت ستنهار مجددًا ومجددًا في كلّ مرةٍ ينتهي فيها مفعول المخدر

ورُبّما وجهةُ نظري خاطئة؟ لا أعلم..
أشعر بأنني متناقضٌ في هذه اللحظة

لم أقصد أنني لا أحتاج مواساةً من حينٍ إلى حين!
أقصد فقط أنّني لا أفضّل النوع الكاذب منها

نحنُ البشر بطبعنا نفضّلُ سماع ما نريده أن يحصل حقاً
مثلَ 'سيكون كل شيءٍ على ما يرام'
لأننا بالطبع نريد أن يصبح كل شيء بخير
لكنني أفضّل أن أكون واقعيًا، لأنه إن لم يصبح كل شيء كما تمنيت سيزدادُ الألمُ ألماً فقط.
--