هانْ

2.8K 82 144
                                    

طوكيو_اليابان
7:50pm

ناسٌ يسيرون في كل مكان،
العديد من البناياتِ شامخةٌ على مد البصر،
ضوضاء صاخبة مصاحبة لتلك الأنوار الساطعة التي تسقط على وجهه الوسيم كما تلك الرياح السريعة التي تداعبه،
تنهيدةٌ فرّت من ثغره وهو يهمّ بإغلاق نافذة السيارة التي كان يحدق خارجها قبل ثوانٍ مرّت.

« ما الأمر؟ »
تسلل ذلك الصوت المألوف لمسامعه بهدوء ليغمض عينيه ويسبح في ثنايا أفكاره دون تكليف نفسه عناء الإجابة على السؤال الذي طُرحَ عليه للتو،
لم ينزعج الطرفُ الآخر حيث أنه بدوره كان مستعدًا لهذا الصمت الذي يقابله، فهو يعرف رفيقه الصامت هذا منذ فترةٍ ليست بالقليلة وقد اعتاد بالفعل على اسلوبه.

« هل يمكنك التوقف هنا؟ »
تحدث الصامت أخيرًا مشيرًا بإصبعهِ للوجهةِ التي يقصدها، توقف الآخر بالسيارة حيثُ أشار متسائِلًا وهو يحدِّقُ في مشتل الزهور الذي توقف قربه:
أترغب بشراء شيءٍ من هنا؟

اكتفى الآخر بإيماءةٍ من رأسه بالإيجاب قبل أن يترجل من السيارة قابضًا معطفه الطويل بيسراه ويمناه اهتمت بترتيب خصلاته الفاحمة التي تناثرت حول وجهه بفعل الهواء.

تابع سيره داخلًا لذلك المشتل حيث رنّ الجرس المعلق أعلى الباب دليلًا على وصولِ وافدٍ جديد،
استرعى صوت الجرس انتباه صاحبة المكان لتترك باقة الزهور التي كانت ترتبها متجهةً خلف طاولة الخزينة لتحيي العميل بابتسامة ناعمة.

« كيف يمكنني مساعدتكَ سيدي؟ »
اردفت بلطفٍ وتهذيب بينما الآخر تابع تحديقه في أرجاء المشتل لوهلة قبل أن يجيب باختصار:
إنّي أزور مريضًا...

رمشت الفتاة قليلًا مستوعبةً مايرغب بقوله لتفهم أنه يطلب منها إعداد باقة مناسبة لزيارة مريض، تحركت فورًا بخفّة تتنقل بين الزهور كأنها نحلة نشيطة، تسحب إحداها تتفحصها قليلًا ثم تنسقها مع ما جمعت قبلها،
حتى تكونت باقة غاية في الجمال بين يديها تحوي القرنفل الأبيض والفاوانيا والزنبق الأبيض الفاتن.

عادت إليه لتسلمه الباقة لتجده شاردًا في تقاسيم وجهها، توردت قليلًا لترفع الباقة مغطيةً وجهها ثم تحدثت مخبرةً إياه بتكلفة ماطلب،
افاق الشاب من شروده متناولًا الباقة ومعطيًا إياها بطاقته الإئتمانية،
بعد اكتمال الدفع تحمحمت قائلةً:
هل ترغب بإضافة بطاقة أو ماشابه؟

أخفض بصرهُ إلى حيث تلك الزهور بين يديه ثم ناولها لذات الشعر البني لتضع البطاقة فيها، تحدث بعد تفكيرٍ بسيط بما سيكتب لتخرج جملةٌ واحدة:
تعافى بسرعةٍ أيها الأحمق.

حاربت لكتم ضحكتها فهي لا تود إغضاب الزبون، حال انتهائها من الكتابة نبست أخيرًا:
أوقعها باسم من؟
قلب المعني عينيه بملل ليجيب باختصارٍ محدقًا في ساعة يده السوداء المتمركزة على يمناه:
ليفاي.

« حسنًا، تفضل سيدي، شكرًا لزيارة متجري المتواضع،
تمناتي الخالصة بالشفاء »
انحنت قليلًا باحترامٍ نهاية كلامها لتراقبه وهو يغادر فور اعتدالها،
اتكأت بمرفقيها على الطاولة أمامها بينما تموضع كفاها على وجنتيها المتوردتين هامسةً بين أنفاسها:
إنه وسيم...

قاطع أحلامها الوردية تلك صراخٌ صدر من الطابق الثاني صارخًا باسمها بهلعٍ وكأنه يطلب النجدة:
هانجي، هل يمكنكِ المجيء للحظة؟
تنهدت المعنية بانزعاج لتجيب بنبرةٍ متذمرة بينما تخطو تجاه السلالم:
إيرين أيها الشقي، ماذا فعلت هذه المرة؟

بينما عند فاحم الشعر، فقد توقف خارج المشتل لثوانٍ محدقًا في اسمه قبل أن يتحرك عائدًا الى سيارة صديقه هامسًا بخفوتٍ شديد:
«هانْ...»

»

اوووه! هذه الصورة لا تتبع إرشادات المحتوى الخاصة بنا. لمتابعة النشر، يرجى إزالتها أو تحميل صورة أخرى.
Han'aحيث تعيش القصص. اكتشف الآن