كاللافِندَر

875 41 116
                                    


سواد،
هذا كل ما يمكنني رؤيته،
مالذي جرى، هل مِتُّ بالفعل؟
مهلًا، من هذه التي تقف هناك؟
لما تبتعد في كل مرةٍ أقترب فيها؟
أشعر بالأُلفةِ تجاهها، أُمي، هل هذهِ أنتِ؟
لما واللعنة صوتي لا يخرج مهما حاولت، أرغب بالصراخ لعلها تلتفتُ إليّ...

إنها بعيدة، بعيدةٌ جدًا،
لكنني أستطيع استنشاق عبق اللافندر المنبعث منها،
أستطيع الشعور بلمسةٍ دافِئة من يدها،
همساتٌ ناعمة تداعب مسامعي،
أعتقد أنني ميتٌ بالفعل فالذي أمامي أشبه بالملاك!

إنها تتلاشى،
لما ترحلين تاركةً إياي وسط هذا الظلام الموحش؟
لما لا أستطيع رؤية شيءٍ منكِ عدى تلك الابتسامة الحنونة؟
المكان باردٌ هنا، أرغب ببعض الدِفء، لو أغمضتُ عيني قليلًا،
هل سيذهب هذا البرد؟

« يبدو وكأنه يحاول الكلام، أُنظر كيف يتمسك بها كالطفل! »
هذا الصوت، أنا أعرف صاحبه، إيروين؟ لكنني ميت كيف وصل إلى هنا...
مهلًا، عن من يتكلم ومع من؟ يمكنني الشعور بثقلٍ على رأسي الآن، هل يمكن للأموات الشعور؟

« سأصور هذا، يمكنني ابتزازه به لاحقًا »
لما يقهقه هذا الأحمق ميكي بصخبٍ هكذا، إنه يزيد هذا الصداع الغبي، وهذه الرائحة الخانقة ألم يكن المكان بعطر اللافندر منذ ثوانٍ مضت؟
أعتقد أنني فهمت الوضع الآن، أنا لازلت على قيد الحياة في المشفى وهذان المغفلان يعكران وقت راحتي، أتساءل ما هو هذا الشيء الناعم الذي بيمناي، إنه يمدني ببعض الدفء هنا...

أرغب بالراحة أكثر قليلًا، لم أنعم بنومٍ كهذا منذ مدة،
بعض الهدوء يا رفاق، القليل فقط وسأستيقظ...
« توقفا عن التقاط الصور هكذا، هذا محرج. »
-ألا يمكنكم أن تخرسوا لخمس دقائق فقط!
أوه خرج صوتي أخيرًا، لا أملك القوة لفتح عيني حتى الآن، يجب أن يخرسهم هذا لبعض الوقت...
لحظة، فقط الآن هل كان هذا صوتها؟

« هانْ؟ »
تزامن نطقي بحروف اسمها مع ارتفاع جفني بسرعة إلا أني عاودت إغلاقهما بسبب الضوء الساطع الذي كاد يعميني، يبدو أنني نمتُ لوقتٍ طويل حتى نسيت عيناي النور...
وحين عُدت لأفتحهما ببطءٍ في محاولةٍ للإعتياد على الضوء مجددًا؛ سمعت قهقهاتٍ صاخبة من ذلكما الاثنين بينما ضحكةٌ مكتومة استشعرتها من الجسد الجالس بقربي، والذي تبين لي حين فتحت عيني بشكلٍ كامل أنها هي...

أحكمت من إمساكها بكفي-والذي انتبهت للتو بأنه بين يديها-لتباغتني بتلك الابتسامة التي تبعثر أفكاري دائمًا، لما لا يمكنني التفكير بشيءٍ سواها الآن؟
خرج صوتها هادِئًا بشكلٍ مريح حين أردفت أخيرًا ونظراتنا قد التحمت بالفعل:
حمدًا لله على سلامتك، من الجيد رؤيتك بخيرٍ مجددًا.
هذا دافِئ، أنا أحب هذا الشعور، رغم جهلي بما يكون تحديدًا إلا أنه يعجبني.

« نحن هنا كذلك، ليفاي. »
إيروين ألا يفترض بك أن تكون في غرفتك اللعينة؟ لما قررت التكرم وإزعاجي اليوم،
كوني مصابًا لا يعني أنني لا أستطيع رمقك بتلك النظرة التي تكرهها، أنت وهذا العامود الذي يبتسم بغباءٍ بجانبك:
آه، أعلم بالفعل، فصراخكم المزعج هو ما أيقظني كما ترى.

Han'aحيث تعيش القصص. اكتشف الآن