🔥الانفجار 🔥

452 23 30
                                    

دلفت منى بخطوات متثاقلة و قلب غائب عبر ردهات مبنى المخابرات و هي تتشح بالسواد من رأسها حتى أخمص قدميها...
لم يحيها أحد... و لم تحيي أحداً بدورها...
الوجوه شاردة...
القلوب واجمة...
الأفواه موصدة...
صمت أجدب يصم الآذان قد سيطر على المكان...
فقط طرقعة كعب حذائها على الأرض يشكل الخلفية الصوتية للمشهد...
الجميع يشعر بثقل غيمة الحزن التي أظلت مبنى المخابرات تلك الليلة...
غيمة حزن... بدت سرمدية... لا أول لها و لا أخر... و لا يعرف أحداً كيف و متى ستنقشع...
فالخسارة هذه المرة... فادحة...

عندما وصلت إلى باب الغرفة التي كانت تقصدها، طرقت بضعة مرات قبل أن يأتيها من خلفه صوت أجش بنبرة حازمة يسمح لها بالدخول.

"تفضل..." هتف الصوت الذكوري.

ولجت إلى داخل الغرفة متنهدةً، بعد أن دفعت الباب المزين بلافتة معدنية كتب عليها...

"غرفة التحقيق"...

"تفضلي بالجلوس يا سيادة الملازم..." قال الرجل الجالس إلى المكتب و هو ينفث دخان سيجاره في ضيق مستتر.

جلست منى -التي ظلت على ملامحها الجامدة- باتئاد إلى أحد الكرسيين المجانبين لمكتبه الوثير.

" تعلمين أن وجودك هنا مجرد إجراء روتيني... لست متهمة بالتقصير أو أي شئ!!!" غمغم الرجل، ظناً منه أن كلماته قد تخفف عنها.

لكنه كان مخطئاً...
فقد ظلت على صمتها...
لم تنبس ببنت شفة...

"حسناً فلنبدأ... قُصِ علي ما حدث ليلة السبت الماضي... كيف لقي حسام مصرعه؟!!" قال الرجل بلهجة ملؤها الجدية و قد دفن سيجاره في مطفأة السجائر القابعة على مكتبه.

كان وقع الكلمات على منى شديداً مما جعلها تلتفت بشكل حاد إلى المحقق و تحدجه بنظرة حانقة، فقد كانت تسمع للمرة الأولى أحدهم يتكلم عن زميلها حسام... بصيغة الماضي...
الماضي الذي لا عودة له...

إنها لا تريد أن تتذكر ما حدث...
تهرب منه في صحوها و في نومها...
تلوم نفسها على ما أصابه ليلاً و نهاراً...
تعدد الفرص المستحيلة...
التي ربما لو استغلتها...
لكان بينهم الآن...
يضحك بملئ فيه...
يفتخر بإنجازاته بغروره المعهود...
أو يقضي يومه في مضايقتها هي و قدري...
لن تخدع نفسها...
إنها تفتقده بكل كيانها...
خاصة بعد... إختفاء أدهم في المكسيك...
يبدو أن لقب فئة نون النادرة ملعون... يقضي كل من يحمله نحبه شاباً...

إعتدلت منى في جلستها و أغمضت عينيها باحثة عن فرصة أخيرة للسلام قبيل الغوص في أعماق جروح دامية جاهدت أن تندمل...
بلا فائدة...

و بدأت منى في سرد مهمة حسام الأخيرة...

************

لقد كانت أول مهمه يقوم بها حسام منفرداً بوجهه العاري، بعد أن نجحنا في زرعه وسط الجهاز المعادي كعميل لنا. كنا أنا و حازم مكلفين بمعاونته و معرفة كل تحركاته في مدينة باريس، و قد نما إلى مسامعنا خروج حسام و موشيه إلى خارج المدينة لتسلم بعض الملفات المهمة من جاسوس الجهاز المعادي في مصر، فكانت الفرصة مواتية لنا لمعرفة هويته، قمنا بتتبع سيارتهما منذ خروجها من الفندق و حتى توقفت فوق تبة عالية على أسوار المدينة وحرصنا على إيقاف سيارتنا بعيداً عنهم من حيث نستطيع مراقبتهم دون أن يكشفنا موشيه.

مشاهد من رجل المستحيل Where stories live. Discover now