الفصل الثاني

178 42 27
                                    

الكثير يبحثون عن الاهتمام والحب ممن حولهم حتى وإن قالوا عكس ذلك، أنها الطبيعة البشرية التي ترغب بالمحبة. يمكنني تفهم الذين ينكرون هذه الرغبة؛ حتى لا يبدون مثيرين للشفقة ربما...

لكن تلك التي تسكن في المنزل المقابل لي، السيدة راين، هي لا تخفي ذلك حتى! رغبتها بنيل الاهتمام واضحة إلى حد كبير.

لو ما كنت اعرفها لقلت هل يوجد بشر مثلها حقاً؟ هل هي بشر ذاتاً؟ لا تفوت موقف حتى تفرش ريشها كالطاووس، هي بالطبع جميلة لكنها طاووس مختلف، فهي الشخص المظلوم، الطيب، الأبله والمراعي دائماً رغم علتها الصحية التي أشك في كونها حقيقية في الواقع...

اليوم هو ذكرى ميلاد زوجها السيد راين، سمعت أنهم يجهزون لحفلة بهذه المناسبة لكن تدهورت حالة الطاووس واصبح أقربائهم وبعض سكان الحي يترددون لزيارتها واحداً تلو الآخر.

بالطبع أنا ذهبت ايضاً، أنا شخص محترم ويجب أن ازور المرضى من جيراني -رغم شكي بصدقها- و كان يجب أن اهنئ زوجها بيوم ميلاده على أي حال.

أحضرت القهوة كهدية بسيطة للسيد راين لكن زوجته أخذتها ظنناً منها أنها لها. قالت وأنا اقتبس "هذا النوع المفضل لي من القهوة" ثم شكرتني على الفتة اللطيفة؛ مع علمي بأنها تعاني من صعوبة بالنوم ويجب أن لا تتناول القهوة، هذا غريب قليلاً...

كانت أنيقة وهي تجلس في سريرها وزوجها التعيس يجلس على كرسي بالقرب منها. شحوب وجهها لا يغير كونها جميلة وهي تعرف ذلك، غير شحوبها فقد بدت لي بصحة جيدة وربما أفضل من صحة عجوز في التاسعة والتسعين من عمره.

تحدثت عن ندمها وحزنها على زوجها المسكين الذي يضطر دائماً لتأجيل خططه وإيقاف سعادته من أجلها. هي حزينة، ذكرت ذلك سبعة مرات بالضبط؛ لقد عددتهم.

هي تعتاش على تعاسة زوجها، أنا على يقين بذلك. او ربما تحبه وتخاف أن يتركها لذلك تخرج بحيل المرض هذه؟ وهكذا بالطبع لن يترك زوجته المعتلة وإلا سيبدو كرجل عديم الكرامة.

أشفق عليها، يالها من حياة مزيفة إختارت عيشها وجعلت الذين من حولها يعانون.

نهض من سريره بعد لحظات من التفكير واخذ دفتر ملاحظاته وكتب: «الطاووس المهووس بالاهتمام يجب أن يموت» .

×××

في الحي الميتحيث تعيش القصص. اكتشف الآن