2 {غريب ذو قناع}

438 48 78
                                    

❤بسم الله❤
-الفصل الثاني-

كنتُ في تلك الحياة كهاتف ذو طراز قديمٍ لم يعد حملهُ يجذب المستخدمين، كمغناطيسٍ فقد حقله، وكقلمٍ نفذ حبره، كنتُ شخصيةً دون محتوى، جثةً تسير على هيكلِ الرصيف دون أن تتمردَ على سوادِ الطريق المعبد بغبار حذائها، كنت تلك الفتاة التي تفزعها ألعابُ الأفراح النارية، ولا تخيفها نحباتُ المآتم، كنت كئيبة دون سبب.

حتى دهشتي كانت موقوته، رنّت ساعتها فعدتُ لشكلي المعتاد بينما نسيرُ متجهين نحو المكان الذي توقف فيه إيريك، لم أفهم لمَ لا يصدق الناس الصدمات ولا يؤمنون بها؟ تحدثُ هذه المواقف معنا طيلة فترة إقامتنا في نُزل الحياة، فلمَ يربطون الأحداث ببعضها البعض بطريقة عشوائية؟ ولمَ لا تنتهي صدمتهم بمجرد تجاوز الثواني الأولى من الحدث؟ كما يحدث معي.

توقفنا أمام دراجته النارية المركونة على طرف الرصيف لنُسرع في خطانا تجاهه ما إن لاحظنا تشبثه الشديد بهيكلها الحديدي ونظرته المتجمدة صوبَ الأرضية، شابهتْ نظرته نحوي إذ ما لاحظ ابتسامتي، أفكاري ستؤدي بي إلى الهاوية مجددا لذا وجب عليّ قطعها.

أورا تفحصته بذعرٍ ثم نظرت صوبَ الأرض لتسأله بألفاظٍ متلكنة: «ماهذا؟»
توقف هو عن التحديق بذراعه ليجيبها بنظرةٍ متوترةٍ وقد نال منه الغموض: «إنها ثالثُ مرة أحصلُ فيها على كتابةٍ كهذه، أشعر أنني سُحرت.»

من ستسحرك بالطلاسم وقد نفذ سحرُ أعينهم ونالوا به ما أرادوا؟ ظننتُ أنها مجردُ صدف كالعادة، ولكن تقربي من موقعه جعلني أرى تلك الدماء على الشارع بوضوح، وقد كُتب بخط واضح: مت إن قررت البقاء، متازيا.

شيء ما جعلني أشعرُ بالنبض يجسُ في بدني لا في قلبي فحسب، دنوتُ أرضًا وقرأتُ بتمعن أكثر كي لا تنتهز الخطيئةُ الفرصة وتضعَ مطرقها على بابي.

كنت شخصا يتذوق الكلمات، لا أبلعها مباشرة بل أحللها حرفًا حرفًا وأفهم المغزى خلف كل ستار.

قد سمعتُ هذه الكلمة من قبل، وذقتُ من الصدمة كُتلا عظيمة جعلتني أرفع رأسي نحو كلاهما بدهشة، تعابيري كانت كفيلة بزرع الخوف في قلوبهم، ولكنني قلتُ لأشتت أذهانهم بعيدا عن تلك الأفكار السوداوية: «حسنا، ربما هذا مخيفٌ قليلا ولكني صادفتُ كلمة متازيا في مكان آخر، في منزلي.»

نظرا نحو بعضهما البعض بتوتر لأُنزل رأسي متأملةً ذلك المنظر مجددا: «على مذكرةٍ مهترئة اصطادتها عمتي من منزل مهجور بجانبنا، صاحبتها وللصدفة كانت تدرس علوم الفلك أيضا قبل عشر سنوات، أعتقد أن اسمها أوريندا... لا أعرف نسيته، ولكنها ذكرت هذه الكلمة بوضوح.»

أين السبيلُ إليها؟ [2] حيث تعيش القصص. اكتشف الآن