(( حيدر ))
اتفقت معها على يوم يكون والديها موجودان في المنزل لنذهب انا وابي واعمامي لخطبتها ...
وفعلا ذهبنا يوم الجمعة الى منزلهم ... في طريقنا كنت ادعوالله ان يوفقنا هذه المرة ...
طرقنا الباب .. بعد قليل فتح لنا والدها .. استنكر وجودي !.. ولكن ابي بدأ بالكلام قائلا : السلام عليكم .
والدها : عليكم السلام .
ابي : نريدك بموضوع خير ان شاء الله ابو رباب .
والدها : اي تفضلوا تفضلوا .
ادخلنا للداخل ... بعد ان قدم لنا الضيافة بدأ ابي بالحديث : احنا جاييكم على سمعتكم الطيبة وسمعة بنتكم عسل ونتشرف نطلب ايدها لأبني حيدر .
عقد والدها حاجبيه وقال : بس سبق وتقدملها ورفضت .
ابي : مو جان الموضوع غير المرةالفاتت وجان بحده .
والدها : بس اني عند رأيي لحد هسة بنتي مانطيها لواحد شيعي .
غضب والدي ونهض قائلا : انتوا سنة تبقون حاقدين .
والدها : انتوا الحاقدين .
وبدأ الشجار فأنتهى بخروجنا من منزلهم وابي يقول لي : صوجي اني سمعت كلامك وجيت ونزلت لنفسي لهيج ناس .
- بابا الله يطول بعمرك اهدة ... كل شي رح ينحل .
- ماكو اقطع علاقتك بالبنية .
- ماقطعها .
- تكسر كلامي !.
- حشاك بس الا هي ماقدر .
قال عمي محاولا ان يهدئنا : اهدوا مو بالشارع .
(( عسل ))
اقتحم ابي غرفتي بغضب وهو يقول : هذا جايني بكل عين صلفة يطلبج واني رفضته وانوبة ابوه واحد متخل....
ولكنه لم يكمل كلامه نظر لمعصمي وانا اربط ( العلك ) به .. صرخ : هذا شنو !.
- هذا صديقتي جابتلياه .
شدني من معصمي بقوة وهو يقول : صديقتج مو !.
وبدأ يصفعني على وجهي بقوة ويشد شعري وسط صراخه وتوبيخه لي ...
يظنون انهم بالضرب او بالصراخ يستطيعون منع قلوبنا عن محبة شخص لا يريدونه .... يظنون ان ابسط وسيلة لمنع اي شخص هي الضرب لا يعلمون اننا نزداد تمسكا واصرارا ... ليت لنا عالم لا يوجد به احد سوانا ... عالم يحتوينا لا يستنكر حبنا ... عالم لا يفضحنا ... فوق كل ما نعانيه في بلادنا .. كل لحظة خوف نعيشها لأننا لا نعلم متى نرحل ونترك هذه الحياة ... كل قلق وكل رعب في قلوبنا يأتون هم بتفكيرهم المتخلف ... بتفكير رجعي ليقيدوننا ... اما كفاهم مانحن به ليحرقوا قلوب عشقت لكن كان ذنبها الوحيد انها احبت من غير طائفة ... ان ناقشناهم يظنوننا جهلاء في الدين وقد نسوا ان ديننا اتى كي يزيل كل الفوارق التي كانت في الجاهلية ... ان كانوا حقا يعرفون الدين فسيعرفون ان الدين لا يفرق بين ابيض واسود ولا عربي ولا اعجمي ... الدين هو ان نسجد لله نيتنا خالصة له وهو الاحق في تقبل عباداتنا على اي شكل نقدمها له سواء كنا سنة او شيعة .... يتحدثون عن الاسلام وهم مازالوا يعيشون في الجاهلية ... لا يعني ان السنين تقدمت اننا تطورنا .. ربما عدنا لقرون الا الوراء ...
قالوا انه انتهى زمن وأد البنات .. ولكنه في الواقع لم ينته .. فها انا دفنت وانا حية .. دفنت وكل خطيئتي انني احببت شخص من ( نفس ديني ) ولكنه ينتمى لطائفة لغير طائفتي ... دفنوا قلبي وروحي ... دفنوا بتخلفهم قلوب احبت بصدق ... دفنوا الامل بداخلنا ...
(( حيدر ))
مرت ايام وهي لا تأتي الجامعة ... اعلم ان هناك مكروه قد اصابها بسبب ماحدث في المرة الاخيرة ولكنني سأحاول ان لا اخسرها واخسر معها هذه القضية ... قصة حبي بها ان نجحت فهذا دليل ان هناك امل وان فشلت يعني يأسنا واستمرارنا في العيش في مجتمع كهذا فسيظنون انهم هم الصواب ..
ذهبت لمنطقتهم حي الاعظمية ... وقفت انتظر خروج والدها من المنزل لأنها قد سبق واخبرتني ان يحب ان يصلي الفروض في المسجد .. فتح باب منزله وخرج .. صدم عندما راني .. عقد حاجبيه وقال : شدتسوي هنا ؟.
- اني جاي اصلي وياك جماعة بالمسجد .
قال باستهزاء : ليش مو بالحسينية .
- هي كلها نفس الشي قابل هناك رح نسجد لصنم احنا دنسجد لله .
زفر وسار امامي محاولا ان يتجاهلني ... وصل الى المسجد كنت انا اتبعه ... وقفنا في الثف الثالث خلف الامام ... بدأنا نصلي .. سهى هو عن صلاته وادار وجهه ليرى يدي المستقيمة اثناء صلاتي ...
انتهينا من اداء صلاة المغرب .. خرج من المسجد وخرجت انا خلفه ... التفت الي وقال : مو صليت شتريد بعد !.
- سلامتك بس ممكن طلب !.
- خير !.
- يومية اريد اصلي وياك حتى تعرفني اكثر بعدين هياتنا صلينة سويا لا انت تعرف صلاتك مقبولة ولا اني ... اشرت للسماء ... بس الله .
تجاهلني وسار عائدا لمنزله ... ولكنه بعد قليل التفت الي وقال من بعيد : وين بيتكم ؟.
- ببغداد جديدة .
- لعد حسويلك اختبار ... اجربك فترة ... يومية تجي تأدي كل الفروض وياية هنا عدك استعداد ؟.
ابتسمت وقلت : اكيد حاضر .. بس نقدر نختصرالفجر ماقدر اطلع من بيتنا بهالوكت .
- اوكي .
(( عسل ))
في الغرفة انا حبيسة قسريا ... لا ارى احدا سوى رباب التي حتى لا تعطف علي ولا تنظر بعيني ... طوال الوقت هي تمرقني بنظرات استحقار وكأنني قتلت قتيلا ...
سمعت صوت امي وابي خارج الغرفة كانت امي تضحك وتقول : هههههه مخبل هذا !.
- يومية حجيبه لحد مايمل .
- واذا ما مل !.
- حيمل لتخافين .
يقصدون حيدر !!!..
(( حيدر ))
خرجت من غرفتي على عجلة وانا احاول ان اصل الى المسجد للصلاة مع والدها ... نظرت امي الي قائلة : وين يومية هيج مستعجل شبيك !.
- دألحق صلاة العصر .
- ابني شبيك متصلي بالبيت .
- لا لا صلاة المسجد اكثر اجر .
- شجايبك ع الاجر هالايام !.
- هههههههه .
قبلت يدها وقلت : بس اريدج تدعيلي .
خرجت من المنزل متجها بسرعة الى منطقتهم ... وصلت عندما بدأ الامام بالاقامة ... صليت في الصف الاخير .. بعد ان انتهت الصلاة صادفت والدها ..
قال لي : فشلت بالاختبار مجيت .
- اسف عمي والله الطريق ازدحامات بعدين تعرف السيطرة بين ما ادخل وهوسة .
- ترا مرح اغير رأيي بيك .. لتتعب نفسك يومية وتجي .
سار متجاهلني ولكنني قلت : عمي تحب النبي ( ص ) .
التفت الي وقال مستنكرا : ههه شهالسؤال .
- تحبه لو لا !.
- اكيد غير مسلمين !.
- زين ليش متقتدي بيه !.
- ليش اني شمسوي .
- النبي ( ص) جان اكبر قدوة النا بالتعامل مع هيج قضايا الحب ... مقال الحب حرام واله حديث اذا انت تعرفه : ( لا ارى للمتحابين الا النكاح )... الامام علي عليه السلام من تقدم لسيدة نساء العالمين فاطمة قاله انت شنو عندك تقدمه مهر قاله ماعندي غير درعي ووافق... المغزى من الي قلته انه يسر الزواج ماعقده .. انت ملتزم ومحافظ على صلاتك بالجامع بس تدري ان الله مرح يدخلك الجنة رغم هالصلاة !... لأن انت ظالم بنتك وظالمنا .. بالتكفير .. لو الواحد يسوي كومةافعال خير وعنده حسنات وظالم احد مرح يطب الجنة ولو بينك وبين الجنة شعراية .
(( عسل ))
كنت في غرفتي جالسة على سريري افكر به ... فتحت امي باب الغرفة وقفت عند الباب وقالت : قومي نظفي البيت .
قلت بغضب : فوق الي مسويه بية تريدون اصير خدامة .
- لعد منو حينظف من يجون العالم !.
- ياعالم !.
- بيت حيدر .
- حيدر منو !!!!!!.
- استاذج.
نهضت من على سريري وقلت : شنوووووووووووووووو .
- قومي يلا .
قلت بدهشة : ماما لتجذبين .
- احترمي نفسج شنو تجذبين .
وضعت يدي على فمي وقلت : اسفة اسفة اقصد .. اقصد .. فديتج .
ضحكت قائلة : ههههههه ابوج عجبه الولد وع طريقة تفكيره .
بسرعة سجدت على الارض فرحا ... هطلت دموعي على الارض اثناء سجودي ...
- الف الحمد الله والشكر يارب الحمد الله والشكر
...
لأخر لحظة لم اكن مصدقة ان كل شئ حدث حقيقي !!... الى ان رأيته عندما مددت رأسي من خلف باب غرفة الضيوف ورأيته هو ووالده وابي يرفعون يدهم ويقرأون الفاتحة !!..
عيني امتلأت بالدموع وانا ارى حبيبي في بيتنا ويقرأ الفاتحة .. رفعت يدي وقرأتها معه ...
(( حيدر ))
دخلت الى غرفة الاطفال كانت هي تقف بين السريرين الصغيرين تداعبهما ... ابتسمت وانا ارى ام اطفالي امامي مبتسمة ...
التفت الي وهي تضع يدها على صدرها قائلة : فززتني ليش ماتقول .
سرت باتجاهها وقلت : صفنت ويا جمالج انتي وياهم .
ابتسمت بخجل وحاولت كعادتها ان تغير الموضوع قائلة : ترا جهالك هذولة عذبوني شنو توأم تعبت واحد ينام واحد يقعد .
- ههههههههه حمدي ربج جبنا توأم جان شخلصنا من لسان اهلنا .
- اي والله والحلو ان واحد عمر واحد علي حتى نسكتهم .
- هههههههه جيبي بنات المرة الجاية .
- لا عيني هذولة وكافي .
- نجيب دستة .
- ههههههه شنووووو .
- نجيب الخلفاء الراشدين كلهم وواحد حسين وحسن .
- هههههههههههه الصحابة كلهم شنو ارنب اصير كل هاي جهال .
- هههههههههه غير نرضي الكل .
اقتربت مني وهي تحتضنني : اني اهم شي رضاتك .
قبل رأسها وقلت : الله لا يحرمني منج .
- ولا منك عمري انت .
(( عسل ))
في كل صباح استيقظ واراه بجانبي نائما احمد الله لأنه حقق امنيتي .. اتلمس وجهه بيدي واتسائل هو انا في حلم ام واقع ... عندما اتأكد اعاود شكر ربي لأنه جمعني به بالحلال ....
قال لي ذات يوم ان القرار قرارنا ... وهو فعلا .. نقرر ان لا نرضخ لهذا المجتمع ولتفكيره ... الله معنا فمن علينا !!..
لا نخاف مادمنا نعلم ان الطريق الذي نسلكه هو طريق الصواب ... نتعثر به تارة ولكننا في الاخير سنصل ... ان اردنا للوصول لهدفنا .. نغلق اذاننا ونسير ونحن متأكدين اننا نفعل الصواب ... لأننا ان استمعنا لكلام المحبطين لن نكمل ... كثير سيقولون ويحاول تحبطينا ولكن الحب الحقيقي فقط سيستمر متجنبا كل هذه الهواجس ... لأن بقدر هذا الحب بقدر الثقة التي يجب ان نسلمها لله ... بيدنا القرار ...
قد لا نستطيع تغيير تفكير من حولنا .. يكفي ان نغير تفكيرنا ليتغير كل شئ حولنا ...
@farahsabri_
بقلم : فرح صبري