لدي الكثير والكثير لأحكيه وأبوحُ به، لكنني ترقبت بعد رسالة أمس، لعلك ترد عليّ ولكنك لم تفعل، نعم أنا لا أتوقع منك ردًا على كل هذا ولكني في الحقيقة الأمر أطمع في أن تفعلها وترد .
لن ترد وسأظل أُثرثر كما أشاء .-منذُ سنواتٍ كنتُ شخصًا أخر، كنت طفلة ساذجة، عاطفتي كانت تسيطر على كل أفعالي بحدة، لم أكن أستعمل عقلي كنت دائمًا أتحرك بما يُمليه قلبي، كنتُ دائمًا مجرد محطة انتظار في حياة البعض، والبعض الأخرُ أخذني وسيلة ليصل إلى مُبتغاه، كنت دائمًا شخصًا عابرًا في حياة الجميع يقتربون ثم يقتربون بشدة وأتعلقُ بهم، ثم يتجاهلون وجودي في حياتهم .
كنت أظل ألتمس لهم الأعذار وكان يصدر بداخلي صوت يقول لي " لا لن يستطيعوا فعل هذا بي " ولكني أخذتُ صفعة قوية منهم كانت تجعل قلبي ينزف ألمًا، ثم يبتعدون بكل سَخَفٍ وقسوة، ويصبحوا أغراب من جديد وأعود بمفردي في النهاية.
سار الأمر بهذا الشكل سنواتٍ كثيرة ولكنني كنت ساذجة وكنت أرى أن بهذا العالم بشر أنقياء، قلوبهم بيضاء مثلي، لم تستطع بشاعة العالم أن تسيطر عليهم، لم يعتادوا الألم، لم تتحول قلوبهم إلى سواد حالِك مثل البقية، كنت أرى شيئًا ينير وسط كل هذه العتمة التي احتلت العالم فجأة، كنت أرى شمسًا وسط كل هذا الغبار، ولكن كل هذا لم يَدُم طويلًا، تحول قلبي مثلهم، اعتدت الألم ومَقتّْ البشر، أصبحت شخصًا آخر فجأه؛ شخصًا لا أعلم مَن هو.
تغير كل شيء بي وتَغيرت نظرتي للعالم كله، اعتدت الوحدة والانطوائية برغم اجماعيتي المفرطة، اعتدت الوحدة الشديدة رغم وجود أصدقاء كُثرْ من حولي، يوجد الكثير من الأصدقاء ولو أنني طلبت المعونة في أي وقت من أي شخص، لوجدت من يُلبيّ، لكنني أخفيت كل ما بي عن رفاقي بعنادي المعهود، وامتنعت عن الشكوى.
أشكوا للمرة الأولى، إليك أنت، فالوحدة قاسية، والليل شديد الظلمة على القلوب الوحيدة.