القصة 1

79 15 7
                                    

كتبت بأنامل المبدعة Rabi_Syrine و الحاصلة على المركز الاول في المسابقة أتمنى أن تنال اعجابكم:

دسنا عتبة ذلك المكان الأخاذ.. إتخذني الأمر وهلة لأستوعب أننا في معبد، أأحضرني للصلاة كأول موعد لنا أم ماذا؟
أخذت أنظر حولي لألاحظ الرؤية الساحرة كان المعبد مُحاط بورود الكاميليا بمختلف ألوانها و كأن المكان جنة من جنان الخالق،
توغلنا قليلا و لم ينطق أحدنا بكلمة لقدسية المكان،
و لتوي لاحظت باقة الزهور الذي يحملها في يده، لم ألاحظها في البداية، روعة ما حولي جعلتني أسهو عن ما هو أمامي
توقف فجأة لأقف بجانبه و أنا مسلوبة الأنفاس باللوحة المرسومة على طول الجدار
سأنحني تقديرا و إحترام لراسم هذه اللوحة
يبدو و كأنه وضع كل مشاعره فيها أو أنه عاش اللحظة بحذافيرها، نظرت للواقف جانبي لأرى حرب مشاعر في مقلتيه، يبدو تائها في عالمه الخاص وسط هذه اللوحة
" حبهما أسطورة" جفلتُ عندما نطق فجأة
نظر نحوي و تمكنت من رؤية زرقاوتيه بوضوح، تبدوان كمحيط هائج و أنا أستمر بالغرق دون أية مقاومة
" يُحكى أنّ قبيلتين كانا في نزاع دائم، لم يفهم أحد السبب و كلّ مولود جديد تُزرع داخله تلك الأفكار السوداوية و قد كان تاريخ القبلتين محفوفا بسفك الدماء و الثأر و من كان ليصدق ولادة قصة حب من أنقاض تلك الكراهية، رامسيس و أفروديت، كان زعيم قبيلة النار و كانت هي إبنة زعيم قبيلة الثلج
تناقض مخيف فمن المستحيل إجتماع ذينك العنصرين معا أليس كذلك؟ و لكن لا سلطان يحكم في قلب أذابه العشق و تغلغل داخله كمرض نهايته فتاكة.. تقول الأسطورة أن أفروديت كانت إسم على مسمى، آلهة في الجمال جعلت أعتى الرجال أسرى لها و لنظرة منها خاضعين و لم يكن رامسيس أي إستثناء عدى أنه كان الوحيد الذي ظفر بحبها، غرقا في الرذيلة تحتى المسمى بالحب، بعيدا عن أعين الجميع سطرا ليالي عشقهما و ضوء القمر أنيسهما، إستمر الأمر لأشهر
و بينما كانت القبيلتين في صراع، كانا هما مأخوذان ببعضهما البعض، لم يهتم أحدهما لنهاية هذا المسمى عشق، فمن سيتخلى عن تفاحته المحرمة و من سيأبه للنهاية عندما تكون البداية في أوجها.. حدث أن إكتشفت أفروديت أنها كانت تحمل داخلها ثمرة حبها المحرم هي و رامسيس، كانت تعلم أنه إن إكتشف أحدهم أمرها فالموت مصيرهم
و لكنها لم تكن لتضحي بعائلتها الصغيرة التي لتوها تكونت، بعثت برسالة لمعشوقها تلك الليلة تطلب منه أن يتخلى عن هذه العادات اللعينة التي ستكون نهايتهم دعته لتكوين عائلة معها و أن يكون لحبهم مسمى
" لقد جعلتني على قيد الحياة بعد أن كنت وردة ذابلة، سقيتني حبا و رويت عطشي و زرعت بداخلي أملا أقوى للإستمرار فكن درعي و واصل هذه المسيرة معي، سأنتظرك عند بزوغ الخيوط الأولى للفجر لن يكون القمر هنا ليسترنا هذه المرة لكننا سنخرج من عتمتنا لنواجه مصيرنا و ليحترق الباقي في الجحيم.." هذا ما كُتب في رسالتها التي بعثتها مع وصيفتها له، حزمت ثيابها و أمضت كل الليل تتخيل حياتها القادمة و لم تشك للحظة في وفاء محبوبها لها و هنا كانت المأساة الحقيقية... تلك الرسالة وقعت بين يدي والدها، إكفهرت ملامحه و أظلمت عيناه رغبة في القتل، طلب من الوصيفة أن تنقل الرسالة كما هو متوقع و لكنه بعث برسالة أخرى لأخ رمسيس يعلمه فيها بالمجزرة التي ستحدث.. أتعلمين ؟ لأول مرة إتحدت القبيلتان و إتفقتا على شيء و هو إبادة هذه المشاعر التي تشكل وصمة عار لهم
و لتاريخهم الحافل.. إلتقى العاشقان غير عالمان بما يخبئه القدر لهما... لقد تم إغتيالها أمامه و كان ذلك أكثر من كاف لجعله يحترق ألما لأجلها و لأجل صغيره الذي لم يرى نور الشمس بعد
لقد حملها بقلب يرتجف و إنحنى لأجلها، رامسيس الذي عرف بقسوته و جبروته، رامسيس الذي ذاع صيته بسبب وحشيته بدى الآن كطفل تائه فقد سنده في الحياة، عانقها لآخر مرة، لم يكن قلبها ينبض لقربه كعادتها، لم تكن تبتسم بحنية و لم يرى تلك اللمعة في مقلتيها، لقد رحلت تاركة خلفها حطام رجل..
" و أي حياة لي بعدك" كان آخر ما تفوه به قبل أن تُنتشل جثتها من بين يديه من قِبل والدها
أما عنه فلم يُسمح له بالإنتحار و اللحاق بها فهو زعيم القبيلة في الأخير، إهتم أخاه بمنصبه بينما كان هو يحيى على ذكراها و كان خيالها ما يُأنس وحدته إلى أن قرر بناء هذا المعبد تخليدا لها، وضع فيه ورودها المفضلة الكاميليا بكل ألوانها و التي ترمز للثبات
و الإخلاص في الحب، الوفاء، الإشتياق المُهلك
و الفشل، و هو ما كان يشعر به رامسيس طوال فترة نحيبه على فراقها.. قام ببناء ضريح لها و لصغيرهما
و كانت وصيته أن يُدفن قربهما
و لأوّل مرة إجتمعت روحان من قبيلتين نهشتهما العداوة في مكان واحد، عُرفت قصتهما في تلك الحقبة و أصبحت أشهر من نار على علم و أكثر ما تداوله الجميع كان مشهد رامسيس الراكع و هو يحضن جثة محبوبته
و تدوالت مقولته الأخيرة التي سمعها كلا القبيلتين.. مرت السنون و أراد رسام تخليد ذلك المشهد المؤثر
و قام برسم هذه اللوحة في المكان الوحيد الذي يرمز على قدسية حبهما و هو هذا المعبد و أصبح المكان حيّزا للمتحابين، لقد تناقلت قبيلة النار القصة لأجيالا عكس قبيلة الثلج الذي كان زعيمها آنذاك يخجل من فعلة إبنته لذلك أمر بقتل كل من يذكر القصة إلى أن طُمست الأسطورة مع الأجيال القديمة التي كانت حاضرة في تلك الحقبة.. و إلى يومنا هذا مُنع على قبيلة النار أن تلتقي بقبيلة الثلج كي لا يتكرر ما حدث في الماضي... "
سكت أخيرا و عاد يحدق في اللوحة، شَاركتُه التأمل
و دموعي تأبى التوقف من هول ما سمعته، و للحظة تخيلت كوني مكان أفروديت و أن يكون رام هو رمسيس، ضحكت ببلاهة على سخافة أفكاري، إلى أن أخرجني من سهوتي صوته العميق و هو يقول
و نظراته نحوي أربكتني و جعلت خافقي ينبض بجنون  " أتعرفين إسم أفروديت الثاني؟"
نفيت لألمحه يأخذ خطوة مُقتربا نحوي و أجاب
" فينوس" ظننت أنه ناداني قبل أن أنتبه أنه إسمها الثاني! إنه إسمي.. لم أكد أستوعب الأمر حتى أخذ خطوة أخرى نحوي
و أكمل " و أتعلمين إسمي كاملا فينوس؟"
كانت لدي فكرة عن الإجابة لكنني لم أتمكن من التفوه بحرف، أشعر بالإرتجاف أطرافي
و يبدو أنه علم أنني لن أجيبه فقال" رامسيس، إسمي الكامل رامسيس و ليس رام"
أخذ خطوة أخرى إلى أن أصبح ما يفصل بيننا بضعة إنشات لا غير، مدّ يده نحوي فجأة ليمسك خصلة من شعري كانت مختلفة عن البقية إذ أنها كانت بيضاء بلون الثلج، بيده الأخرى أمسك خصلة من شعره كانت ملتهبة بلون أحمر كالنار و همس " ما كان يميز قبيلة الثلج خصلة بيضاء في شعرهم و عكسهم حمراء لقبيلة النار"
إنهمرت دمعة لم أستطع حبسها و رفعت يداي أشبكها بخاصته، كان يرتجف مثلي تماما
" يبدُ أن الأسطورة ستُعاد" قلت بصوت خرج خافت
و لو لم يكن بهذا القرب مني لم يكن ليسمعني لكنه فعل، أحكم بقبضته حولي يجعلني أشعر بدفءه
و همس بينما كنت أنظر ثانية للوحة أمامي
" لن يحدث! فأي حياة لي بعدك.."❄️🔥

#ارتجال_في_صورة
#مسابقة_5000عضو

قصص مسابقة W. A. Fحيث تعيش القصص. اكتشف الآن